المقدم محمد من مواليد جماعة تيغمي بالضبط دوار أماسين ويبلغ من العمر حوالي 94 سنة، قضى منها 40 عاما على رأس طائفة ايداولتيت، هو زعيمها وأمينها، أو ما يسمى بأمزوار. ينتمي إلى منطقة أماسين التي تقع بين قرية تيغمي و أنزي، بمعنى هو ينتمي إلى مجموعة ايداوبعقيل التي تتشكل منها طائفة ايداولتيت مع مجموعة ايداوسملال وادوبعقيل وايرسموگن ، هذا التكتل الثلاثي الذي يربط أجزاء كبيرة من بلاد جزولة، جبلا وسهلا. هذا الرجل الذي يتمتع بكاريزما قوية، وهو يتزعم مسيرة إفقيرن تجوب مزارات أقطاب أولياء الصوفية في بلاد ايداولتيت، من القطب الرباني سيدي حماد أموس إلى القطب الرباني الآخر شيخ الصوفية وزعيمهم سيدي وكاك أوزلو اللمطي، وهي سياحة صوفية تستغرق 42 يوما…. يتولى المقدم الاشراف على هذه الجولة ورسم خطها ومسارها المعروف واحترام قواعد الطائفة كما يقوم بجمع الأموال والاعانات التي يعطيها الناس لافقيرن ويقوم هو بشراء الذبائح التي يتم التضحية بها للاولياء والشيوخ وعددهم 22 مزارا ومنهم نساء متصوفات… ويعتبر هذا السفر المقدس من أقدم المسارات الصوفية في تاريخ المغرب ويمكن مقارنته مع طواف إيرگراگن في بلاد الشياظمة وايحاحان، ويمكن أن تكون علاقة وارتباط قديم بين إيرگراگن وافقيرن إيداولتيت بجزولة، نظرا للروابط التاريخية والقواسم المشتركة بين التجربتين. ومن المؤكد أن هذه الظاهرة قديمة سابقة عن تاريخ دخول الإسلام إلى المغرب، وتكيفت معه، في إطار ما نسميه بالاسلام الامازيغي. سي موحماد هو زعيم اجتمع فيه ما افترق في غيره، من شروط الزعامة والرئاسة، لا يتكلم كثيرا، يشير فقط بعكازه، وتنطلق مسيرة الطواف، يحرك يداه ثم يعتلي صوت الأذكار، يحظى باحترام وتقدير كبيرين عند جميع إفقيرن، يستشير معه الجميع في اتخاذ القرار…أمين سرهم وأمين مال افقيرن يشرف على جميع تحركاتهم ويتقدمهم في المسير والمسار… وهذا يدل على أن افقيرن يعيشون ويتحركون داخل تنظيم جيد ومحكم. والجميل في كل هذا أنه لا يقترب من شؤون الموعظة الدينية للطائفة، فهو يستمع إلى الوعاظ الذين يعطون الاحاديث وبعض الدروس والدعاء، فهؤلاء ينتمون إلى الطائفة كذلك، ولكن لا يتدخلون في شؤونها المالية وفي مسارها …فهو ما يميز هذه الطائفة الدينية التي تحبل بأسرار انثروبولوجية كثيرة، وتجسد عمق الاسلام الامازيغي الذي يضع فصلا بين الدين والشريعة، والعمل السياسي أو الدعوة، فهم ملتزمون فقط بالدعاء للناس بالخير والصلاح ونشر البركة على الأرض التي تطأها اقدامهم…ولا يدخلون في أمور الناس وشؤونهم ولا يلزمونهم بأي شيء. نتمنى أن يتعرف المغاربة على هؤلاء الاولياء والرموز الذين يدعون للوطن بالأمن والسلم والهناء وهم فقراء يعيشون في الظل ويموتون في الظل، لا يبتغون مالا ولا جزاء ولا ارضا ولا ينتظرون شكرا من أحد…يدعون للخير ويمشون في الأرض.. التقطت هذه الصورة لزعيم ايداولتيت في رحاب زاوية سيدي وكاك أثناء تصويرنا لفيلم وثائقي حول افقيرن إيداولتيت تم بثه على قناة تامزيغت. عبدالله بوشطارت.