في جو مفعم بالفرح والسعادة التي غمرت الحضور المتعدد الوظائف والاختصاصات الذي حج لمشاهدة افتتاح النسخة الثانية من مهرجان تيزنيت للمسرح والفنون الدرامية بفضاء أغناج التاريخي بمدينة الفضة، تعالت أصوات المبدعين والفنانين الكبار أبناء المدينة وضيوفها بالإعلان عن تكريم رجل انطلقت مسيرته الفنية منذ الثمانينات لركب سفينة الفن المسرحي وعشق الصورة الفوتوغرافية. من أصول صحراوية متواضعة أتى هذا الكنز التاريخي الذي سيظل سندا رسميا ومفخرة لكل الأجيال التيزنيتية ، يتذكره الكبير والصغير، في الحجرة الدراسية ودار الشباب وغيرها من الأسوار التي تعرفه جيدا، ولما لا وهو الذي رسم خيوطا من فضة، ما زالت ناصعة اللمعان على العديد من شباب المدينة الذين تشبعوا بنصائحه وتكويناته وتأطيره اللامتناهي بين الحين والآخر في الفن المسرحي وفنون دراما وأبجديات الصحافة المكتوبة والصورة الفوتوغرافية المعبرة. حمل هرم مدينة تيزنيت “لحسن بايا” الظلال والأضواء لإظهار الثنائية بين الواقع والخيال في الإخراج والكتابة المسرحية بكل أنواعها وتجلياتها الفنية، ليسلط الضوء على هذا النهج الإبداعي في تعقيداته الفنية والسيميائية في البحث والتحري واكتشاف كل الطاقات الشبابية لصقل وإبراز موهبتها وتقديم هويتها الفنية للوجود والعلن لترى نور الشهرة ومكانتها في المجتمع ثقافيا وفنيا وتربويا. فانطلاقا من نظرته الإيجابية لكل الأشياء الملموسة بحس رهيف وحب خالص، والمتشبعة بتراب المدينة وجذورها الأصيل والعريق، صار “لحسن بايا ” مصورا صحفيا بإحدى المواقع الإلكترونية، وموثقا لكل الأحداث الفنية والرياضية والثقافية بالمدينة، يرفع من التزامه المهني كفنان، وإيماءاته العريضة كذاكرة تاريخية تحتفظ بالحقائق المتصورة بألوان زاهية ومضيئة على كل الفئات العمرية كمرجع تاريخي لكل الوجوه التيزنيتية. يشتغل في صمت وهو بحر في مد معرفته الاحترافية بين المسرح والصورة ودقة الحوار وتبادل أطراف الحديث وعدم كتمان المعلومة المعرفية لكل سائل باحث متعطش للفن المسرحي، ليسير كالمسك إذا ما فاحت رائحة عطره إلا وتلذذ عاشقه واستهواه. تكريم “لحسن بايا”هو اعتراف وبوح صريح من جمعية تسوتين للفن الإبداعي، حيث كل الحقائق تظهر كما هي غير منمقة ولا مزيفة، كل الأحداث تتسلسل كما سبق أن وقعت بكثير تفاصيلها وأدق حذافيرها أمكنة وأزمنة على لسان أشخاص يستحضرون بأمانة كبيرة في ليلة أضاءها أهل المسرح والإبداع خصال هذا الرجل المعطاف القنوع المخلص، ليلخصوا في دقائق معدودة سيرة متواضع اسمه “لحسن بايا” ليبدأ الحكي وتكتمل الصورةالتاريخية داخل فضاء “أغناج” في تلك اللحظة الأزلية بسرد عبارات الثناء والاعتراف قوامها المحبة، وشهادات حية من أبناء المدينة الذين تأطروا على يدي صاحب اللون الذي لا يكشف حبر عطائه الفني لكل سائل هاوي أو محترف، عاشق لفن الصورة والتصوير بكل أبعاده. ليبقى ” لحسن بايا” الشخصية المحورية في تفاصيل مدينة تيزنيت بكل شوارعها ودروبها وأحيائها العريقة في التاريخ الأمازيغي الأصيل ،المتهم الحالم والصادق ويردد الجميع بصوت واحد، هذا هو “العصامي بايا” مربي الأجيال وصانع الصورة التي يقتات من طعمها الحلو المر رفقة أسرته الكبيرة في عيون المحبين له، وهذه هي حكاية مسار لم يختره “لحسن بايا” لنفسه بل قاده القدر إلى الفن ليكون بطل قصته بلا منازع ولا حاسد، سلاحه الدائم عدسته المتواضعة التي لا تفارق أنامله الذهبية. رجل لم يختر طريقه بل القدر فعل نيابة عنه، لم يختر زمانه بل الزمان زحف إليه واحتواه وأضمه، لم يريد أن يكون ما هو عليه، ولكن الأقوى منه صنع منه ما شاء وما أراد، وحكم عليه دون حق الرد أو الطعن في حب الناس القوي إليه، ليكون محبوبا خفيفا الظل والحديث، يعشقه كل كبير والصغير، مطلوبا لدى الجميع ،إنه الأب الروحي عند أهل تيزنيت الذي أنارت معلمة “أغناج” بتكريمه ليلة الاثنين بين أحضان أبناء بلدته وتلامذته الأوفياء.