حين كان مكلفا بمراقبة المهاجرين السريين فوق سطح مستودع تابع لإدارة الجمارك يقع بجوار الجدار الفاصل بين الميناء والشاطئ البلدي . السلطات المحلية وبمجرد توصلها بطلب رخصة التصوير من القناة الفرنسية سارعت إلى شن حملة تمشيطية بالميناء لوقف تدفق المهاجرين السريين إليه, واتخذت إدارة الأمن كل الإجراءات لإفراغه من الحراكة على الأقل إلى حين انتهاء زيارة طاقم التلفزة الفرنسية , فليس مهما أن يشتكي المهنيون المغاربة طيلة السنة من مضايقات المرشحون للهجرة السرية الذين يكسرون أبواب الشاحنات ويتلفون سلع شركات التصدير ويتسببون في تغريم شركات النقل البحري من قبل السلطات الاسبانية , بل الأهم أن نحتفظ بعبقريتنا في معالجة مشاكلنا اليومية الى حين إطلالة الصحافة الأجنبية علينا , وكأن السر الذي كنا نحاول أن نخفيه عن م6 لا يعلم به أحد , علما أن موضوع الهجرة السرية بميناء طنجة سبق أن تطرقت له أكثر من فضائية أجنبية وعربية , وفي كل مرة نتأسف على استمرار هذه الظاهرة ولا حياة لمن تنادي.. ومنذ أزيد من سنة والموظفون بادراة مراقبة الجودة بالميناء يطالبون بحمايتهم من الهجمات المتكررة التي يشنها عليهم مجموعة من الحراكة الذين قاموا باحتلال سطح بناية إدارتهم بعد أن حولوا محيطها إلى مرحاض عمومي , ورغم تنظيمهم لأكثر من وقفة احتجاجية إلا أن السلطات لم تتدخل لحل هذا المشكل بشكل جدي , وظلت دائما تعتبر انتشار المرشحين للهجرة السرية بالميناء من بين الظواهر الصعبة التي تحتاج إلى إمكانيات ضخمة لمعالجتها بشكل شمولي , وهو التبرير الذي يتردد دائما دون أن يترجم على أرض الواقع .. لكن حين يتعلق الأمر بزيارة مسؤول ينتمي لمؤسسة أو قناة أجنبية فإن الحلول تتقاطر سريعا على أذهان السلطات المحلية وكأن مسألة الحفاظ على الكرامة الوطنية تقتضي إبراز الوجه الجميل للأجانب ولو بشكل مؤقت مقابل استمرار ترسيخ ثقافة الوجه القبيح في الداخل , فيكفي أن ترافق أجنبي لتستمتع ببلدك وتضمن على الأقل بعضا من حقوقك.. لقد صعد الشرطي الضحية لأول مرة الى سطح تلك البناية لمطاردة بعض المرشحين للهجرة السرية قبيل زيارة وفد م6 , وهو الذي لم يمر أكثر من أسبوع على تعيينه بالميناء , ومن أجل أن تظهر جهة المحطة البحرية الغربية للميناء خالية من الحراكة فقد أعطيت التعليمات لعناصر الأمن كي يتسلقوا جميع المباني لوقف تسربات المرشحين للهجرة السرية , و شاءت الأقدار أن يفارق هذا الشرطي الشاب الحياة أثناء مزاولته عمله بميناء طنجة , المنطقة التي يتمنى العديد من رجال الأمن أن يعملوا بها , لكن ليس حبا في مطاردة الحراكة بل لأسباب أخرى تعلمها جيدا مصلحة شرطة الحدود بالإدارة العامة للأمن الوطني.. وقد أقيمت للضحية جنازة كبيرة بمسقط رأسه بمكناس بحضور المدير العام وعدد من كبار المسؤولين الأمنيين , وطبعا حضور كل هؤلاء لن يشفي حسرة والدته التي نتمنى لها الصبر والسلوان , وربما كان حضورهم كما علق بعض أصدقائه بحكم علاقة المرحوم الذي كان يزاول رياضة الجيدو بإحدى الشخصيات المهمة .. وهكذا سقط شهيد الواجب ضحية إرضاء قناة م6 في مواجهة المرشحين للهجرة السرية الذين ينتظرون حلولا من زملائهم في الترشيح من المرشحين للانتخابات التشريعية والجماعية لاكرونيك نقلا عن شمال سيتي