على أُُهبة الإستعداد بدت مدينة طنجة وهي تستقبل أمطار الخير التي تشهدها هذه الأيام، حيث شُلَّت حركة السَّير في عدد من مناطقها، كما وتوقفت الدراسة لبعض الوقت في عدد من مدارسها،و لاتزال حركة الملاحة البحرية والجوية مضطربة ،مع إحتمالات باستمرار سوء الأحوال الجوية الكل مرتاب، يستعيد ذكريات الأيام العصيبة التي عايشوها العام الماضي بفيضانات الخميس الأسود ... هواجسها، هوسها آمالها و آلامها. ذكريات أليمة عاشها السكان إقتاتت من بقية صبرهم، و جرفت معها متاعهم و أزهقت أرواح أحبائهم ففي لحظات قليلة تحول الهدوء إلى صخب موجع يسكن الخوف بالذات الإنسانية و يربك كل ردود الفعل فالأمر خارج إرادة كل البشر مع أن الطوفان أبعد ما يكون عن هذه المنطقة الهادئة التي يستوطنها الفرح و لا يعرف الألم سبيلا لِطَرقها لنتذكر تلك اللحظات كما دَوّنتها يومئذ ... طنجة/المغرب كانت الفترة الماضية جدا عصيبة على كل من عايش لحظات الفزع تلك... تلتها مشاهد مربكة لم نعتد رؤيتها بالعين المجردة تصاعدت المعاناة بتلقائية التَّحول الجذري للمشهد اليومي الذي بات يتكرر و قد لا نخرج منه إلاَّ بعد أسابيع أو شهور. مشهد السيارة و هي تسير باتجاه التيار على عكس إرادة من يقودها المنكمش داخلها ... يا أالله كيف كان إحساسه، بَيد أن أغلب من شَاهدْنه عن قربٍ أُصِبنَ بالإغماء... ثم ما مدى الحسرة التي انتابت أُماً تحتضن وليدها و التيار يجرفها و لا مغيث.. ضمّتُها تلك دليل قوة إحساس قاتم اعتراها و هي تعايش مصيراً مروعاً... بمأساة شديدة مرت تلك المشاهد و غيرها بالمخيلة و لم تبرحها بعد .. ربما تخبو لكن لن تغيب. وحدها ذاكرة سكان المدينة الجميلة من التقطت المشاهد في حين غابت اغلبها عن قناتينا الفضائيتين اللتين قامتا باستعراض القوّات التي حضرت لانقاد الوضع بعدما أشرقت شمس الحياة. حسبنا الله و نعم الوكيل و إنا لله و إنا إليه راجعون ، الفاجعة أظهرت مدى التكاثف الجميل الذي يجري فينا مجرى الدم و قد نلجأ إليه في أحلك الحالات .. لنتأكد من أن أنفسنا التي كنا ننعتها بالأنانية تمتلك روح المبادرة و المساندة بل التضحية الكل يساعد الكل و لن تجد نفسك وحيداً أبداً ما دمت تحتاجهم و هم قادرون.. [email protected]