وهذه المقاربة الجديدة التي وصفها المعلقون السياسيون في اسرائيل بانها بمثابة "تحول" في موقف نتانياهو، اتضحت معالمها بعد اللقاء الاخير الذي عقد مؤخرا مع الرئيس الاميركي باراك اوباما في البيت الابيض. ولاتخاذ هذا المنعطف ارتأى نتانياهو التعبير عن موقفه في اجتماع مغلق امام اعضاء حزبه الليكود اليميني مساء الاثنين. وقال نتانياهو "هناك مواضيع اكثر اهمية والحاحا مثل التهديد الايراني. هناك امور ينبغي ان نقوم فيها بتسويات (...) لذلك اريد اتخاذ قرارات لا تحظى بشعبية مثل اجلاء مستوطنات عشوائية". واضاف رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي نقلت تصريحاته صحيفة يديعوت احرونوت اليوم الثلاثاء "ان الخطر الايراني يطغى على كل شيء"، منتقدا اعضاء حزبه الليكود اليميني الذين "يتحدثون كل الوقت عن الاستيطان والمستوطنات العشوائية". واستطرد "ان الامر الاولوي هو ضمان وجود دولة اسرائيل". وتطالب اسرائيل بالدعم الاميركي في حال اخفقت الدبلوماسية واصبحت ايران قوة نووية مما من شأنه ان يمهد الطريق لخيار عسكري ضد طهران. وتؤكد الجمهورية الاسلامية انها تريد مواصلة برنامجها النووي لغايات مدنية وهذا ما تشكك فيه الغالبية الكبرى من الرأي العام الدولي. ونقلت صحيفة هآرتس عن نتانياهو ايضا قوله قبل الانتخابات الاخيرة "نحن نحترم القانون وسنهتم بالمستوطنات العشوائية". وذكر الموقع الالكتروني ليديعوت احرونوت "اينيت" ان اسرائيل قد توافق في الاسابيع المقبلة على ازالة نحو 26 نقطة استيطان عشوائية. ولفت شيمون شيفر كاتب الافتتاحية في يديعوت احرونوت الى وجود نتانياهو مختلف بعد زيارته الى البيت الابيض، معتبرا ان رئيس الوزراء "فتح عينيه" في نهاية المطاف على ما يبدو. لكن هذا التحول يبدو انه لم يحظ بالاجماع في داخل الليكود. وقال يولي ادلشتاين الوزير المكلف العلاقات بين اسرائيل والشتات لوكالة فرانس برس انه يتوجب "اقصاء اي رابط" بين المستوطنات العشوائية وايران. ورفض نائب الليكود داني دانون من جهته "اي مقارنة بين التهديد الايراني وتنازلات" في الضفة الغربية. واستباقا للقاء الوشيك بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس واوباما في واشنطن قال رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض احمد قريع انه لن يكون هناك مفاوضات بدون وقف كامل للاستيطان. وشدد قريع في تصريح لصحيفة هآرتس الاسرائيلية على انه "لن يكون هناك اي مفاوضات بدون وقف تام للاستيطان، بما في ذلك ما تسمونه +النمو الطبيعي+" داخل المستوطنات. واضاف بخصوص المستوطنات التي اقيمت في الضفة الغربية بدون اذن الحكومة الاسرائيلية "لن يكون هناك مفاوضات بدون اخلاء نقاط الاستيطان العشوائية التي اقيمت منذ 2001". وتابع قريع "قبل المفاوضات، على اسرائيل ايضا ان تزيل جميع الحواجز الداخلية التي تقطع اوصال الضفة الغربية" في اشارة الى اكثر من 600 حاجز اقامها الجيش الاسرائيلي بعد اندلاع الانتفاضة الثانية والتي تقيد الى حد خطير حرية التنقل في الضفة الغربية. ومن المقرر ان يبحث وفد حكومي اسرائيلي اليوم الثلاثاء في لندن مع مسؤولين اميركيين الملف النووي الايراني وتفكيك مستوطنات عشوائية كما قال مسؤول كبير في رئاسة مجلس الوزراء في القدس لوكالة فرانس برس. وستعقد هذه المحادثات تمهيدا لزيارة سيقوم بها وزير الدفاع ايهود باراك الى واشنطن. وقد تعهدت اسرائيل لدى الولاياتالمتحدة بتفكيك المستوطنات العشوائية التي انشئت بعد اذار/مارس 2001 بدون موافقة السلطات الاسرائيلية، اي 24 نقطة استيطان على الاقل. وتؤكد حركة السلام الان الاسرائيلية المناهضة للاستيطان ان اكثر من مئة مستوطنة انشئت بصورة غير مشروعة في الضفة الغربية حصلت في نهاية المطاف على موافقة السلطات ودعمها المادي. ويعتبر المجتمع الدولي جميع المستوطنات اليهودية التي اقيمت على الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967 غير مشروعة.