قبل ايام قليلة فقط كنت قرأت مداخلة او تصريحا للسيد ادريس لشكر ، يعلن من خلاله أن اليسار عليه أن يعمق البعد النقدي وينصت بكل رهافة للصوت الاخر من قبيلة اليساريين ، وها أنا اليوم كشأن كل المغاربة المهتمين أقرأ ردا في الصفحة الأولى لجريدة الاتحاد الاتحاد الاشتراكي على تصريح أدلت به السيدة الأولى في حزب اليسار الاشتراكي الموحد ، وهو رد اعتبره أحد قياديي الاتحاد "محمد بوبكري " يعبر عن موقف أصولي ورجعي من المرأة لاعلاقة له بالديمقراطية . انه الاتحاد الاشتراكي الذي يعتبر نفسه أب الفسيفساء الشاحبة لليسار المغربي ، والافتتاحية تعبر عن الموقف العام لأعضاء هذا الحزب ، وان شابته استثناءات كما هو حال السيد محمد بوبكري ، الذي كنت قرأت اليه قبل ثلاثة أيام مقالا عن الستالينية الجديدة في حزب الاتحاد الاشتراكي ان لم تخني الذاكرة في اسم كاتب المقال الذي كال بما لا يدع مجالا للشك لكمات سياسية قوية للقيادة الاتحادية الجديدة . انه درس طري ، ومباشر ولا يحتاج الى البحث عن مراجع أو أرشيف . ودائما مع الطزاجة في السياسة المغربية نجدنا نتابع بأفواه فاغرة هذه المعادلة الصعبة في الحلة الجديدة لحكومة السيد عبد الاله بنكيران ، وكأن كل تلك الصراعات التي طفحت الى السطح قبل وبعد انتخابات 2011 بين حزب الأحرار في شخص أمينه العام السيد صلاح الدين مزوار وبين قياديين بارزين من حزب العدالة والتنمية يقودهم الأمين العام للحزب وهو السيد عبد الاله بنكيران ، كل تلك الحروب اللفظية والبلاغية والاتهامات الكبيرة ، كانت مجرد أفلام كارتونية لحزبين مغربيين . قد يقول قائل إن ماقبل الانتخابات يدخل في بوليميك انتخابوي ولا ينبغي بناء أي موقف عليه . ومع هذا القائل كل الحق ، لكن ما أمر الاتهامات الكبيرة التي فجرها أحد قياديي العدالة والتنمية في وجه السيد صلاح الدين مزوار والمتعلقة بتبادل هبات بينه وبين الخازن العام للملكة بعد تكوين الحكومة ؟ ، وماذا عن تصريحات هذا المزوار عن انقطاع أي سبيل او طريق للتوصل تفاهم سياسي بينه وبين الظلاميين والرجعيين ؟ ، وهي تصريحات تؤرخ لما بعد تشكيل الحكومة . أم أن السياسة هي فن الممكن ، والانسان حيوان سياسي بطبعه ، والشيطان يرقد في التفاصيل ؟ . تعتبر السياسة نظريا أرقى اشكال التحاور حول السلطة وتدبير الشأن العام ، هذه الحقيقة لا تزال عندنا في عهدة النظري ، لكننا نعيشها ونتابعها اليوم عند غيرنا ممن تمرسوا واقتنعوا بمفهوم الديمقراطية فأصبحت هي الطريق السليم والأسلم لبناء المجتمعات الحيوية . لكن وهذا هو بيت القصيد هل عندنا في المغرب سياسة ؟ ، أقول وبكل وضوح لا . لأن المؤسسة الملكية تعتبر الداء الأول لقتل كل عمل سياسي ناضج ، فالملك لايرسم استراتيجيات في خطبه ، ولايقدم حلولا عريضة لمشاكل الوطن والمواطنين ، بل مجرد كلام مرسل وتعبيرات انشائية سرعان ما تغرق في محيط الواقع الهدار والعاصف . ومصيبة المصائب أن النخبة السياسية بالمغرب تجيد التحولق والرقص على وقع الايقاع الملكي . كما أن الباحثين السياسيين متواطئين مع اللاعبين المحتكرين لواقع السياسة بالمغرب ، الا قلة تحسب على رؤوس الأصابع ممن حطموا جدران الوهم واخترقوا طابوهات السياسة في المغرب ، وتلك القلة لا يكاد يصل صوتها الا داخل حلقية مغلقة من المتنورين الذين يجهدون أنفسهم لمتابعة التحاليل الجيدة والموضوعاية لثقافة السياسة بالمغرب . نحن بحاجة الى ابداع سياسي ، الى ابتكار السياسة ، وهو عنوان لأحد أهم الكتب السياسية لموزيس فينيلي .