ما هي الأسباب التي دعت الاتحاد الاشتراكي الى المطالبة بالإصلاحات ؟ما هي هذه الإصلاحات الدستورية والسياسية المتوخاة ،وما معنى الملكية البرلمانية؟ حول هذه الأسئلة وغيرها من الإشكالات التي تكتنف الحراك السياسي الراهن ،تمحور عرض محمد بوبكري, عضو المكتب السياسي للاتحاد اشتراكي للقوات الشعبية , خلال اللقاء الذي نظمته الكتابة الإقليمية للحزب بمدينة تماره ونشطه الأستاذ جنون الكاتب الاقليمي. واعتبر بوبكري أن ملاحظات عديدة أدت بالاتحاد إلى المطالبة بالإصلاحات الدستورية خلال مؤتمره الأخير .ومن أبرز تلك الملاحظات تداخل السلط ،وعدم توازنها و غياب أي فصل بينها .وهذا ما جعل المؤسسات معطلة وأصبح القرار يتخذ خارجها. وهو ما يعني , يقول محمد بوبكري, هيمنة السلطة على الحكومة والبرلمان ولاقتصاد والإعلام. والأدهى من ذلك هو هيمنة هذه السلطة حتى على الأحزاب. ولاحظ عضو المكتب السياسي أنه قبل الربيع العربي كان هناك من يدعو إلى تونسة وتمصير المغرب .وإذا كان عمر قد قال في المؤتمر الاستثنائي ( إن السلطة طرف في الصراع داخل المجتمع ) فإننا اليوم انتقلنا إلى وضع أصبحت فيه السلطة طرفا داخل الأحزاب .وهذا ما دفع إلى تبخيس السياسة،وأصبح النظام السياسي قائما على الأعيان واعتماد الفاسدين لتأثيث الحياة السياسية عبر شراء الذمم .وهكذا أضحى أصحاب المال ممثلون للسلطة ،وتبعا لذلك أصبح للسلطة ممثلون داخل البرلمان ،وبالتالي أضحت مؤسسة تابعة للسلطة.وهذا ما دفعنا إلى المطالبة بالملكية البرلمانية. وشدد بوبكري على أن أبرز مظاهر الاستبداد هو استشراء الفساد دون حسيب و لا رقيب, مشيرا إلى أن هناك مؤسسات و وزارات وصناديق لا تطالها المراقبة, بل حتى المجلس الأعلى للحسابات له خطوط حمراء, لأن هناك مؤسسات ووزارات لا يتحدث عنها . والجميع يعلم أن مشاريع تشييد السدود والسطو على الملك العمومي ومنح الرخص بكل أنواعها كل ذلك شابه فساد.والغريب ليس هناك عقاب للفاسدين، خاصة الكبار منهم.ولعل استرجاع الأموال المنهوبة عربون للإصلاح .وتأسيسا على ما سبق يمكننا القول إن استحواذ السلطة يساعد على استشراء الفساد . ولكن ما هي نتائج هذه الممارسة السياسية الشاذة؟ يرى محمد بوبكري, المحلل السياسي, أن أولى نتائج هذه الممارسة هي مقاطعة العملية السياسية بدليل نسبة المقاطعة المسجلة خلال التشريعية السابقة والتي قاربت الثمانين في المائة .ويتابع بوبكري تحليله في هذا السياق ليخلص إلى أن المقاطعة لا تخص الأحزاب فقط, بل هي مقاطعة للنظام ما دامت الزعامات السياسية خاضعة له. كما أن تلك المقاطعة تدل على أننا نعيش وضعية غليان قد تؤدي إلى الانفجار.وعبر القيادي الاتحادي عن تخوفه من الانفجار ودعا الى تكريس الاستقرار عبر إصلاحات حقيقية .واعتبر المطالبة بالملكية البرلمانية كجواب عن هذه الأوضاع .وأضاف في هذا السياق» إن المطالبة بالملكية البرلمانية هي مطالبة بإصلاح الملكية ،لأن إصلاح النظام الملكي في مصلحة الوطن والمجتمع المغربي» ولأحظ أن الذين طالبوا في بلدان أخرى بالملكية البرلمانية لم يكونوا ضد النظام الملكي, بل سعوا إلى ترسيخه عبر الإصلاحات .أما في المغرب فلدينا ملكية تنفيذية ,يؤكد بوبكري,ولن تستقر الأوضاع إلا بالملكية البرلمانية.لأن الملكية التنفيذية تدبر وتكون طرفا ونحن نريد لملكيتنا السمو ، كما نريد نظاما برلمانيا تكون فيه الحكومة مسؤولة سياسيا مع إمكانية إقالتها من طرف البرلمان. وانتقد بوبكري الاعتراضات التي أبدتها اطراف حول هذه المقاربة،ومن أبرز هذه الاعتراضات تلك التي عبر عنها المجلس العلمي الذي يروم إقامة دولة دينية ويسعى إلى المصادقة على القرارات . كما أن وزير الخارجية صادر على المطلوب قبل الإعلان عن نص الوثيقة الدستورية عندما قال أن هناك استمرارا لوزارات السيادة.لكن الذي أثار حفيظة بوبكري الباحث والأكاديمي هو قول محمد الطوزي بأن النخب السياسية غير ناضجة, في الوقت الذي تناسى فيه أن المقاطعة التي عرفتها الاستحقاقات السابقة عبرت عن نضج رفيع .وبخصوص اللجنة الاستشارية لصياغة مشروع الدستور،قال بوبكري: « إننا لا نعرف أي شيء عن طبيعة اللجنة الاستشارية ولا عن المسطرة المعتمدة لديها ولا عن الكيفية التي يشارك بها المجتمع في تطوير هذه الوثيقة.»