استيقظت العاصمة الأوروبية بروكسيل الأسبوع الماضي على خبر قتل مهاجر مغربي لزوجته المغربية بعد مشاحنة عائلية بين الاثنين في أحد شقق وسط المدينة، الشيء الذي هزّ أرضية الجالية المغربية وحرّك بعض المنابر الإعلامية المتحسسة من تواجد المهاجرين والتي تتحين عادة الفرص السانحة لتخدش كرامة المسلمين وتنفخ في نار الحقد والكراهية لتعبئ الرأي العام ضدهم وتطرح أجندتها المعروفة التي لا تخدم أصلا الجالية العربية والإسلامية. تبدأ أحداث هذه الجريمة التي لم تتضح أسبابها الحقيقية بعد ولم يكتشف أحد لغزها والتي تمّت داخل شقة بمنطقة آنيسانس الغير بعيدة من محطة ميدي المشهورة ببروكسيل، حيث يعيش الزوج ميمون بشير ذو الخامسة وخمسين سنة وزوجته سلوى ت. البالغة من العمر 23 عاما بصحبة طفل وطفلة عمرهما سنة وسنتان. قطنت العائلة هذه الشقة منذ ثمانية أشهر قادمة من عمالة اللاكن قبل أن تجيء من فيلفورد كأول محطة لها ببلجيكا قبل سبع سنوات مضت، وحسب معلومات مؤكدة تتحدث على أن ميمون كان مهاجرا بهولندا وغيّر الوجهة لبلجيكا حيث مضى فيها كل السنوات السبعة الماضية بصفة قانونية لا يعرف فيها غير العمل والمسجد والعائلة. وقعت الحادثة عشية يوم الخميس ما قبل الماضي بعد مشاحنة كلامية غالب الظن تطوّرت إلى عراك باليد وانتهت بخنق الزوجة مما أدى بها إلى لفظ أنفاسها الأخيرة في الحين وسقوطها جثة هامدة بين يديه، يحكى أن الجاني كان ذا بنية قوية والمرحومة سلوى جد نحيفة، حسب ما أوضح أحد معارف الزوجين. انتهت الحادثة المروّعة بعد الظهر مباشرة حيث حمل أبناءه بين ذراعيه واتجه على الفور نحو مخفر شرطة وسط المدينة بحي مارشي أو شاربون مسلّما نفسه ومعترفا بجريمته، ليتمّ التأكيد من المباحث بعد توجهم لمسرح العملية حوالي الساعة السابعة مساءا وتسليم الجثة للتشريح، نتج عنه قراران:القرار الأول من قاضي التحقيق يقضي بإيداع المتهم للسجن بتهمة القتل العمد، والقرار الثاني من قاضي القاصرين لوضع الطفلين مؤقتا في دار الحضانة إلى أجل التوصل إلى حل آخر يقضي بتسليمهما لأحد أقربائهما. بعد أسبوع كامل من الانتظار، تسلّم خال المرحومة الجثة اليوم لتصلى عليها صلاة الجنازة بمسجد الموحّدين العريق بِلاكن، قبل إرسالها في القريب العاجل إلى المغرب لتشييع جثمانها إلى مثواه الأخير وتدفن في أرض أجدادها بتطوان، هذه المدينة التي ودّعت اليوم شخصين غاليين من خيرة أبنائها بالمهجر:الضحية للثرى والجاني للسجن. وأكّدت إحدى جارات المرحومة أنها كانت متزنة ومحافظة لم تظهر عليها التعاسة في يوم من الأيام ،وكانت تتحدث معها باللغة العربية ولم تتطرق أبدا لمشكل مع زوجها . وقال شاهد ثاني على أن المتهم صلّى معه بصحبة ابنه قبل يوم واحد من إقدامه على هذه الجريمة، كما أن كثيرا من الحاضرين كانوا يعرفونه إنسانا طيّبا ملتزما وتنكّروا واستغربوا للحدث الصادم. شاهد ثالث يعرف العائلة جيدا وتجمعه علاقة حميمية معه، أكّد على أنه كان شخصية قوية المزاج والعضلات كان يعرفه في هولندا وجمعته به صلة وثيقة حتى في بلجيكا يعرفه في الأفراح كما يعرفه في الأقراح. يعرف أن بعض المشاكل كانت قد بدأت تدب في الوسط الأسري منذ ازداد المولود الأول واشتدت بالمولود الثاني مما جعل مؤخرا الأمور تتطوّر إلى صراع مستمرّ، والذي كان سيؤدّي حتما إلى الطلاق . مضيفا أن هذه الأمور عادية وطبيعية يمكن أن يمر بها أي زوجان في بداية مسار الحياة الزوجية، فتأسف أن ينتهي بضياع أربعة أشخاص من أسرة واحدة وهي قتل الزوجة وسجن الزوج وتشرّد طفلين ما زالا في حاجة لحنان وعطف الأبوين معا.كما لم يستغرب هذا الشاهد من الواقعة وختم قوله:لا يمكن لأي زوج أن يملك أعصابه إذا لم يبق الاحترام وأنا أعرف المتهم جيدا فهو لا يرضى بالإهانة ولا يتحمل الذل، وغالبا ما يكون قد خنقها بقبضة لم يكن ينوي أنها ستسكت أنفاسها،وأضاف لقد كان إنسانا ملتزما صبورا لا يؤدي أحدا وأعرف أن زوجته إنسانة موقّرة ملتزمة هي الأخرى يعلم الله كيف دخل الشيطان بينهما ليصل إلى هذه الفاجعة الصارخة. سمعت الكثير ومن الكثير ، لكن ما كانت تستره الشقة كان أكبر وأعظم ولا يمكن أن يتنبّأ به أحد حتى محامي الدفاع على الجاني لم يرد إضافة أي تعليق على هذا الملف وتبقى الأيام المقبلة مرشحة لإفشاء سرّ الجريمة المتعسّرة في هذه الساعة. تمّ الاتصال بأخت ميمون ببلاد الكورس وبجدّته بالمغرب لإخبارهما والذين وافقا على العيش ببلجيكا لرعاية الطفلين بينما مكتب الأجانب ما زال لم يقرر في القضية، في حين لم تعطهما موافقة الحضانة بعد.هذا من جهة، ومن جهة ثانية سترفع قضية من طرف أم القتيلة لتطالب بحضانة الطفلين لأن لها الحق في ذلك وإلى ذلك الحين سنوافي قراءنا الأعزاء أوّلا بأول وتبقى للموضوع تتمة. وفي الختام أريد أن أردّد حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء في كلمة الإمام شيخ مسجد الموحّدين الذي صلى بنا صلاة الجنازة على جثمان الشابة الفقيدة:"أوصيكم بالنساء خيرا"لأن الإسلام جاء لتحرير المرأة وتقرينها بشقيقة الرجل والعطف عليها ورحمتها، فهي مخلوقة من ضلع رأسه أعوج لو حاولت أن تسوّيه كسّرته، فلهذا كان الصبر على النساء ومحاولة فهمهن شيء عسير بعض الشيء ولا يتفنن فيه كل الرجال.كما أريد أن أنقل كذلك كلمة قالها لي صديق المتّهم : يجب على النساء كذلك أن يعاملن الرجال كما يحببن أن يعامَلن، فكثير منهن يدخلن لبيت الزوجية كالحمل الوديع ليصبحن بعد ذلك أكثر من الثور الصريع،فعليهن الطاعة والمودة والرحمة إشفاقا بالأزواج.