تم التنصيص في الدستور الجديد لسنة 2011 في مادته 6 على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة والجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين بمن فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له، وأن السلطات العمومية تعمل على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين والمساواة بينهم ومن مشاركتهم في الحياة السياسية، وان دستورية القواعد القانونية وتراتبيتها تعتبر من المبادئ الملزمة. من جهة أخرى، يعتبر المغرب عضو في لجنة البندقية التي اعتمدت المبادئ التوجيهية لتنظيم الأحزاب السياسية في جلستها العامة رقم 84 بتاريخ 15و16 أكتوبر 2010. فكيف تسهر السلطات ببلادنا على تنزيل الدستور وتنفيذ التزامات بلادنا الدولية؟ ذلك ما سنحاول تمحيصه من خلال عملية تأسيس الأحزاب السياسية، قضية حزب الأمة نموذجا، وسأقتصر في النقاش والتحليل على التعليلات المعتمدة من طرف القضاء لمنع الحزب للمرة الثانية وتبيان تهافت تلك التعليلات، أي في ظل دستور 2011 الذي أقر مجموع المبادئ المذكورة أعلاه، مستبعدين بذلك التطرق إلى محاولته الحصول على التصريح سنة 2006. أصدرت المحكمة الإدارية الاستئنافية بتاريخ 29 نوفمبر 2012 قرارا تحت رقم 4736 تقضي بموجبه بإلغاء الحكم الابتدائي الذي انتصر لحق حزب الأمة في التنظيم، ورفضت بذلك التصريح بتأسيس الحزب معتمدة في قرارها على ثلاثة تعليلات: الأول يتعلق بإسقاط 19 ملفا بمبرر أن أصحاب هذه الملفات قدموا شواهد التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة تحمل تاريخا سابقا على تاريخ آخر حصر نهائي، أما التعليل الثاني والثالث فيتعلقان ب"إغفالات" في مشروع النظام الأساس للحزب، تجلى الأول في عدم التنصيص على الجهة المسؤولة عن التوقيع على قراري الاندماج والاتحاد، بينما تعلق الثاني بعدم التنصيص على المبادئ المرتبطة بتزكية وترشيح أعضاء الحزب للانتخابات. بالنسبة للتعليل الأول المتعلق بإسقاط 19 ملفا بمبرر أن أصحاب هذه الملفات قدموا شواهد التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة تحمل تاريخا سابقا على تاريخ آخر حصر نهائي، فمردود عليه بالنظر إلى ما يلي: برجوعنا إلى مقتضيات المادة 6 من القانون التنظيمي للأحزاب السياسية رقم 29.11 نجد أنها تنص على ضرورة إرفاق تصريحات التأسيس "بنسخة من بطاقة التعريف الوطنية وبشهادة التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة"، فالمشرع لم يشترط الإدلاء بشهادة القيد في اللوائح الانتخابية العامة بعد تاريخ آخر حصر لها بصفة نهائية كما هو الشأن في القانون التنظيمي لمجلس النواب رقم 27.11 الصادر بتاريخ 14 أكتوبر 2011 في مادته 23 الفقرة الخامسة، وفي القانون التنظيمي لمجلس المستشارين رقم 28.11 الصادر بتاريخ 21 نوفمبر 2011 في مادته 24 الفقرة الرابعة. وعدم اشتراط الإدلاء بشهادة القيد في اللوائح الانتخابية العامة بعد تاريخ آخر حصر لها بصفة نهائية يتماشى مع النص الدستوري لسنة 2011 الذي يكفل حرية الرأي والتعبير والتعددية، فالدستور الذي كفل حرية تكوين الأحزاب وفقا لضوابط قانونية يجعل أي قيد يتضمنه القانون التنظيمي للأحزاب السياسية يتعين تفسيره وفق ما قرره الدستور. وبما أن المادة 6 المذكورة أعلاه لا تتضمن ما يفيد الإدلاء بشهادة القيد في اللوائح الانتخابية العامة بعد تاريخ آخر حصر لها بصفة نهائية، فإن اجتهاد القضاء الذي يقتصر على التفسير والتأويل الصحيح للنصوص لا يمكنه إضافة مقتضيات للقانون التنظيمي غير واردة في مواده، وبالتالي فالقضاء الاستئنافي حينما اعتبر أن من ضمن الإجراءات الشكلية تعزيز التصريح الفردي بشهادة التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة إثر آخر حصر نهائي لتلك اللوائح يكون قد تجاوز في اجتهاده مقتضيات القانون التنظيمي للأحزاب السياسية. ، فلو كان قصد المشرع ما ذهب إليه القاضي في حكمه لنص على ذلك صراحة كما فعل في القوانين التنظيمية لمجلسي النواب والمستشارين. والجدير بالإشارة أن الحكم الابتدائي قد سبق له التأكيد على أن التسجيل في اللوائح الانتخابية لا يسقط إلا بثبوت عوارضه أو التشطيب على الشخص المسجل بهذه اللوائح، ذلك أن القانون التنظيمي للأحزاب السياسية لم يحدد آجلا معينا بالنسبة لقبول شواهد التسجيل في اللوائح الانتخابية، كما أن الإدارة تملك الوثائق المثبتة لأهلية الانتخاب وما إن كان الشخص المعني مقيدا بها أو مشطبا عليه، فمجرد ثبوت التسجيل في اللوائح قرينة على استيفاء شرط التسجيل عملا بقاعدة الاستصحاب وعلى من يدعي خلافها إثبات ذلك. كما أن عملية الانتخابات لا يمكن مقارنتها بتأسيس الأحزاب السياسية، لأن الانتخابات والاستشارات تتم مباشرة بعد عملية الحصر التي تنظم خصيصا لهذه الغاية. ثم إن مسألة تاريخ الحصر الذي أخذ به القاضي في الاستئناف يخالف روح القوانين المنظمة لعملية مراجعة اللوائح الانتخابية العامة، لأن تحديد تاريخ الحصر النهائي للوائح الانتخابية يتم بمرسوم لا بقرار وزير الداخلية وهذا ما تبينه النصوص القانونية ذات الصلة : المادة 17 من القانون رقم 57.11 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 31 أكتوبر 2011، تنص على أنه: "تضع اللجنة الإدارية اللائحة الانتخابية النهائية للجماعة أو المقاطعة في تاريخ يحدد بمرسوم......"، المادة 18 من القانون رقم 36.11 تنص على أنه: "تقوم اللجنة الإدارية انطلاقا من اللائحة الانتخابية المؤقتة المشار إليها في البند 1 من المادة 12 من هذا القانون والجدول التعديلي المشار إليه في المادة 16 أعلاه، بحصر اللائحة الانتخابية النهائية، ويتم حصر اللائحة المذكور في تاريخ يحدد بمرسوم."، المادة 15 من القانون رقم 97-9 المتعلق بمدونة الانتخابات كما وقع تغييره وتتميمه تبين بوضوح بأن اللائحة المحدد تاريخ حصرها بمرسوم يتم وضع نسخة منها لدى المحكمة الإدارية حيث تقول: "يحدد بمرسوم التاريخ الذي تضع فيه اللجان الإدارية اللائحة النهائية لناخبي الجماعات الحضرية والقروية مبوبة بحسب الدوائر الانتخابية التي ينتمي إليها الناخبون المقيدون فيها. يودع نظير من اللائحة النهائية لناخبي الجماعة الحضرية والقروية لدى المحكمة الإدارية التي تدخل الجماعة المعنية في دائرة نفوذها الترابي وذلك داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ حصرها." المادة 38 من القانون رقم 57.11 تنص على أنه يودع نظير من اللائحة الانتخابية النهائية لدى المحكمة الإدارية وفقا لأحكام المادة 17 من نفس القانون. المادة 16 من القانون رقم 97-9 المتعلق بمدونة الانتخابات كما وقع تغييره وتتميمه تبين لنا ما هي التغييرات الواجب مراعاتها حيث تنص على أنه "تعتمد اللوائح الانتخابية النهائية الموضوعة طبقاً لهذا القانون وحدها لإجراء الانتخابات والاستشارات المشار إليها في المادة 1 أعلاه إلى أن تتم مراجعتها طبقاً لأحكام هذا القانون على أن تراعى في ذلك التغييرات التي قد تدخل عليها في الحالات المنصوص عليها في المادة 27 بعده." أما مقتضيات المادة 17 من القانون رقم 97-9 المتعلق بمدونة الانتخابات كما وقع تغييره وتتميمه فقد وضعت حدا فاصلا للوهم الذي ذهبت إليه وزارة الداخلية وسايرها فيه القضاء، فهذه المقتضيات تجعل التفوق والأولوية للائحة الانتخابية المحصورة بتاريخ يحدده المرسوم وليس لتلك اللائحة المستخرجة بعد عملية المعالجة المعلوماتية في حالة التنازع أو عدم المطابقة حيث تقول " تستخرج اللائحة النهائية لناخبي الجماعات الحضرية والقروية مبوبة حسب الدوائر الانتخابية من الحاسوب. تحال اللوائح المذكورة على اللجان الإدارية لبحث مدى مطابقتها للوائح المحصورة محلياً من طرف اللجان السالفة الذكر. لا تعتمد اللوائح المذكورة لإجراء العمليات الانتخابية أو الإستفتائية إلا بعد الإشهاد على مطابقتها للوائح المحصورة محلياً من طرف اللجنة الإدارية. في حالة عدم مطابقتها أو المنازعة في ذلك أو تعذر استخراج اللوائح من الحاسوب، تعتمد اللائحة المحصورة محلياً من طرف اللجنة الإدارية". ولدينا هنا تساؤلات مشروعة فلماذا يتم وضع نظير من هذه اللائحة لدى المحكمة الإدارية؟ ولماذا يتم اعتمادها في حالة التنازع مع اللائحة المستخرجة من الحاسوب؟ في حين أوضحت المادة 27 من القانون رقم 97-9 المتعلق بمدونة الانتخابات كما وقع تغييره وتتميمه التغييرات الواجب احترامها بعد الحصر النهائي للوائح الانتخابية العامة ومن ضمنها الحالات المترتبة على المعالجة المعلوماتية للوائح الانتخابية بعد إدخالها إلى الحاسوب بقولها "تظل اللوائح المحصورة بعد مراجعتها وفق أحكام هذا القانون صالحة وحدها لجميع الانتخابات الجماعية والتشريعية العامة أو التكميلية ولعمليات الاستفتاء إلى أن تحصر نهائياً اللائحة الانتخابية للسنة التالية، على أن تراعى في ذلك التغييرات التي يمكن أن تدخل عليها في الحالات الآتية : ومنها الحالات المترتبة على المعالجة المعلوماتية للوائح الانتخابية بعد إدخالها إلى الحاسوب، مع العلم أن دور المعالجة المعلوماتية هو رصد الأخطأ المادية التي قد تشوب هذه اللوائح كقيد شخص في عدة لوائح أو تكرار قيده في لائحة واحدة أو بصفة عامة الحالات المتعلقة بالأخطأ المادية الأخرى تطبيقا لمقتضيات المادة 32 من القانون رقم 57.11. من خلال هذه النصوص السابقة يتأكد بالملموس أن تاريخ الحصر النهائي يتم تحديده بمرسوم وليس بقرار وزير الداخلية، ومضمون قرار وزير الداخلية يشمل عملية المعالجة المعلوماتية، كما تنص على ذلك المادة 33 من القانون رقم57.11 المنشور في الجريدة الرسمية عدد 5991 بتاريخ 31 اكتوبر 2011 بقولها:"...تحدد التواريخ والآجال الخاصة بعملية المعالجة المعلوماتية للوائح الانتخابية بقرار لوزير الداخلية" وتاريخ هذه المعالجة ينبغي أن تتم وفقا لمقتضيات القوانين المذكورة، لا يمكن أخذها بعين الاعتبار إلا بعد موافقة اللجنة الإدارية عليها، وفي حالة التنازع يتم الأخذ بنسخة الحصر النهائي المحددة تاريخها بمرسوم وهذا دليل آخر على أن تعليل القضاء جانب الصواب بعدم احترامه تراتبية القوانين الملزمة في الفصل 6 من الدستور التي تنص صراحة وبشكل لا لبس فيه على أن"دستورية القواعد القانونية وتراتبيتها ووجوب نشرها مبادئ ملزمة" مما يعني أن مقتضيات القانون والمرسوم أقوى من مقتضيات القرار. ألا يكون وزير الداخلية قد أخل بالتزاماته حين لم يحترم تاريخ حصر اللوائح بصفة نهائية فيقوم بواجبه في ضبط اللوائح قبل التاريخ الذي حدده المرسوم الذي أقر تاريخ 5 نونبر 2011 بصفة واضحة كتاريخ للحصر النهائي للوائح الانتخابية؟. إن الأخذ بهذا المنطوق الذي ذهب إليه القضاء الاستئنافي سيؤدي بنا إلى نتيجتين: النتيجة الأولى: بطلان الانتخابات التشريعية بتاريخ 25 نوفمبر 2011 في حالة صحة هذا المنطوق، لأن القول بإسقاط الشواهد المسلمة للمصرحين في إيداع ملف تأسيس حزب الأمة المصرحين المستخرجة قبل 15 نونبر2011، يقتضي القول بإسقاط شواهد المترشحين لانتخابات مجلس النواب في 25 نونبر 2011، المستخرجة في الفترة المتراوحة بين 3 و11 نوفمبر، لأن المادة الثانية من المرسوم رقم 2.11.604 تنص على ما يلي "تودع التصريحات بالترشيح من يوم الخميس 3 نوفمبر 2011 إلى غاية الساعة الثانية (12) زوالا من يوم الجمعة 11 نوفمبر 2011". فما يسري من أثار قانونية على شواهد المؤسسين لحزب الأمة ينطبق على الشواهد المسلمة للمرشحين لمجلس النواب خصوصا إذا علمنا أن القانون التنظيمي لمجلس النواب يشترط القيد في اللوائح الانتخابية العامة بعد تاريخ آخر حصر لها بصفة نهائية، وأن الإجراءات الشكلية للقانون التنظيمي قواعد إلزامية، وأن المادة 23 من القانون التنظيمي لمجلس النواب تشترط إرفاق ملف الترشيح بشهادة التسجيل في اللوائح الانتخابية بتلك الصفة، وأن المادة 89 من نفس القانون التنظيمي تنص على أنه يحكم ببطلان الانتخابات جزئيا أو مطلقا إذا لم يجر الانتخاب طبقا للإجراءات المقررة في القانون. النتيجة الثانية: تقييد حرية التعبير والتنظيم واستحالة تأسيس الأحزاب السياسية وفق هذا المنطوق لأن عملية القيد والتسجيل والحصر عملية متواصلة ومستمرة خلال السنة، حيث يتم فتح باب القيد والتسجيل من فاتح ابريل إلى غاية 31 دجنبر وابتداء من فاتح يناير إلى غاية 31 مارس تقوم اللجان الإدارية بالفحص والمراجعة وهكذا دواليك، كما هو منصوص عليه في المادة 19 من القانون رقم 97-9 المتعلق بمدونة الانتخابات كما وقع تغييره وتتميمه بقولها "تودع طلبات القيد في اللوائح الانتخابية من فاتح أبريل إلى غاية 31 ديسمبر بالمكاتب الإدارية التي تعينها السلطة الإدارية المحلية لهذا الغرض...". ومن فاتح يناير إلى غاية 31 مارس تقوم اللجان الإدارية بالفحص والمراجعة طبقا للمواد 20 و26 من نفس القانون. مما يعني أن المواطنين الراغبين في تأسيس حزب سياسي سيجدون صعوبة لاستخراج شواهد إدارية بالمواصفات الواردة في المنطوق القضائي. إن وظيفة القضاء هو الانتصار لإطلاق الحريات وحمايتها لا تقييد الحريات وتهديدها كما هو الشأن في هذه النازلة التي جعل منطوق الحكم فيها تأسيس الأحزاب السياسية أمرا مستحيلا، وخالف بذلك مضمون وروح الدستور والمبادئ التوجيهية لتنظيم الأحزاب السياسية المعتمدة من طرف لجنة البندقية في جلستها العامة رقم 84 بتاريخ 15و16 أكتوبر 2010، الذي يعتبر المغرب عضوا فيها. فبهذا التعليل المنحرف أعطى القضاء، في زمن إصلاح العدالة، لوزارة الداخلية المعروفة بالانتهاكات الجسيمة للحريات سلطة منع التعددية السياسية داخل المجتمع، في الوقت الذي ينتظر فيه أن يقوم بدوره في تنزيل الدستور والحكم لصالح إطلاق الحريات وصيانتها لا الانتصار لمعسكر إعاقة الديمقراطية والتضييق على حريات التعبير والتنظيم. التعليل الثاني: مشروع النظام الأساس للحزب لا يتضمن الشخص المؤهل للتوقيع على قراري الاندماج والاتحاد للأحزاب السياسية قراءة متأنية لمواد القانون التنظيمي للأحزاب السياسية يجد أن ذكر مشروع النظام الأساسي ورد مرة واحدة في المادة 6 من هذا القانون، بينما ذكر في باقي المواد النظام الأساسي، فهذا التمييز ليس اعتباطيا، بل هو مقصود لغاية يتوخاها المشرع، خصوصا إذا علمنا أن التأسيس يتم عبر مرحلتين، مرحلة التصريح بالتأسيس التي يشترط أن يكون ضمن وثائقه ثلاثة نظائر من مشروع النظام الأساس، أما المرحلة الثانية فتتعلق بالمؤتمر التأسيسي الذي يحضره وجوبا على الأقل 1000 مؤتمر، يتم فيه المصادقة على وثائق الحزب ومن ضمنها النظام الأساسي، بمعنى لا يمكن الحديث عن النظام الأساس إلا بعض مصادقة المؤتمر عليه وإلا فلا معنى لاشتراط توفر نصاب 1000 مؤتمرا لصحة شروط الانعقاد. وبناء عليه فإن مقتضيات المواد 53 و59 تتحدث عن النظام الأساس المصادق عليه وليس مشروع النظام الأساس. وبصرف النظر عن ذلك، فإنه بالرجوع إلى المادة 15 من النظام الأساسي لحزب الأمة نجدها تنص على أن المؤتمر هو الذي يتخذ قرار الاندماج في إطار حزب قائم بصفة قانونية أو في إطار حزب جديد بأغلبية ثلثي أعضاء المؤتمر، كما أن المادة 19 من النظام الأساسي للحزب نجدها تنص على أن المجلس الوطني هو ثاني أعلى هيئة تقريرية وحدد اختصاصاته التي من بينها اتخاذ قرار الانضمام إلى اتحادات حزبية والمصادقة عليه، كما أن المادة 23 من مشروع النظام الأساسي للحزب نجدها تنص بشكل واضح لا لبس فيه على أن الأمين العام للحزب "يعهد إليه بالقيام بجميع التصرفات والعمليات الهادفة إلى تحقيق أهداف الحزب والسهر على تنفيذ القرارات الصادرة عن أجهزته، وتمثيله أمام المؤسسات الدستورية، والسلطات الحكومية والإدارية، وإزاء الغير وأمام القضاء"، على الرغم هذا الوضوح في تعيين الجهة المسؤولة عن تمثيل الحزب والقيام بجميع التصرفات والقرارات التي اتخذتها أجهزته يبقى التعليل الذي ذهب إليه القضاء في الاستئناف غريب جدا حين اعتبر أن النظام الأساس أسندت ذلك إلى الأمانة العامة !!! أما ما ذهب إليه القضاء في تعليله الثالث بكون النظام الأساس للحزب لا يتضمن طريقة ومسطرة تزكية ممثلي الحزب للانتخاب طبقا لمقتضيات المواد 25 و 28 و 29 من القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، فهذا غير صحيح، إذ بالرجوع إلى المادة 11 من مشروع النظام الأساس للحزب نجدها تنص بشكل صريح لا لبس فيه على أنه "تسند المسؤوليات في الحزب على أساس الكفاءة والأمانة والقدرة ووفق آليات ديمقراطية، تعتمد آلية الانتخاب لتمكين جميع أعضائه من المشاركة الفعلية في إدارة مختلف هيئاته طبق الشروط والإجراءات المحددة في النظامين الأساسي والداخلي للحزب. ويتم التداول في تحمل المسؤوليات بما يسمح بتجديد المسؤولين والاستفادة من طاقات الحزب. ويراعى السجل التاريخي النضالي والنزاهة وحسن الأخلاق في اختيار المسؤولين. يتم اختيار مرشحي الحزب لمختلف الاستشارات الانتخابية باعتماد آلية الانتخاب، وتتولى الأمانة العامة منح التزكية النهائية للمشاركة في الانتخابات التشريعية بناء على توجيهات المجلس الوطني. بينما تتولى هذه المهمة في الاستشارات الجماعية التنظيمات الجهوية والإقليمية والمحلية تحت إشراف الأمانة العامة للحزب بناء على مسطرة يحددها النظام الداخلي". ينما تتولى لجنة الترشيحات المنصوص عليها في المادة 36 من مشروع النظام الأساس وضع تصور لعملية تزكية أعضاء الحزب للترشح لمختلف العمليات الانتخابية والانتدابات الحزبية وتسهر على تطبيق المساطر والتحقق من سلامتها على المستوى الجهوي والإقليمي والمحلي. إن عدم احترام القانون للتضييق على الحريات ومنع حزب سياسي من التأسيس يقع في زمن رفع شعارات إصلاح العدالة والتأويل الديمقراطي لنصوص الدستور والإصلاح في ظل الاستقرار... نقول إن البناء الديمقراطي وإرساء دولة الحق والقانون وبسط الحريات لا يتحقق بمجرد الخطابات الرنانة والنوايا الحسنة بل يحتاج إلى قرارات جرئية ومواقف سياسية صادقة .