ليس بمقدور أي كان أن يجحد أن المغاربة بفضل الدستور الجديد، قد قرؤوا الفاتحة على ما كان يعرفه العهد القديم من تجاوزات وخروقات .. ومن المتفق عليه أيضا بحكم ما عرفه العهد الجديد هذا، وخصوصا بعد فاتح يوليوز 2011، أنه لم يعد هناك أي أثر للتمييز والمحسوبية، وعدم الاعتراف بالآخر، وكل ما يدعو إلى خلق الفرق بين مكونات المجتمع المغربي إلا في مخيلات أعداء الديمقراطية والتعددية الحزبية والنقابية، بحيث انتهى زمن (شوف واسكت)، الذي كان مسيطرا على الوسط السياسي والنقابي فيما مضى خلال الأيام الخالية، ومناسبة هذه المقدمة دفعنا إليها تعمد المسؤولين، الذين تحملوا مسؤولية تدبير الشأن العام بالمغرب ابتداء من مطلع سنة 1999، تاريخ تأسيس النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، تطبيقا لمقتضيات الظهير الشريف بشأن النقابات المهنية، الحامل لرقم 119- 57- 1 بتاريخ 18 ذي الحجة 1376، الموافق ل. 16 يوليوز 1957، المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 03 صفر 1377، الموافق ل. 30 غشت 1957 ص 1937، أجل، الذين تعمدوا إقصاء هذه الأخيرة، وتهميش دورها، وهذه لا محالة تعد طريقة غير دستورية، لأن هذه النقابة قطعت شوطا بعيدا في النضال النقابي الحق، ومارست لأكثر من 13 سنة الحياة النضالية كما هي مسطرة في اللوائح الرسمية لهذا البلد الأمين، وبرهنت علانية على أنها أصبحت حقيقة واقعية، ورغم كل هذا النضال، وهذا التواجد النقابي المستمر، ودّ كثير من الذين يعادون سبل الإصلاح السياسي والنقابي والاجتماعي، طمس معالم هذا الهرم الشامخ، رغم أنه ماض في مسيرته النضالية في المجال الإعلامي والصحافي، فضلا عن دوره المحوري والطليعي في تنوير وتثقيف الرأي العام الوطني، رغم أنوف الذين لم تتحقق أمانيهم في نسف النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، وإزاحتها من طريقهم، متوهمين أن في ذلك خلاصهم. لكن يبقى ما نعيشه خلال المرحلة الراهنة، وفي ظل الدستور الجديد الذي آمنا بأنه جب كل ما كان قبل، ونظرا لما نتكبده من مشاق، وما نعانيه من إهمال .. يجعلنا ومعنا كل متتبع، نطرح السؤال الحارق .. السؤال الذي حير الأذهان كثيرا، والذي هو: أليس من المقلق والمخيف في نفس الآن، أن يكتفي الذين أوكلت لهم مهمة الوصاية على قطاع الاتصال بالمغرب بالتفرج على كل هذا الظلم الذي لحق نقابة لا تطالب الدولة بالمعجزات ولا بامتلاك النجوم، إنما تطلب حقها كما تنعم به غيرها من النقابات والمنظمات وجمعيات المجتمع المدني، وترجو فقط الاستجابة إلى طلباتها المتعددة، وبخاصة تلك التي توجهها إلى القناتين التلفزيتين، اللتين تمولان من جيوب كل المغاربة بدون استثناء، وذلك من أجل تغطية الأنشطة المتوالية والساخنة، المقامة بمختلف المناسبات الوطنية، والتي تواكب التطورات السياسية والاجتماعية التي يعرفها الورش الكبير الذي يشرف على تسييره ملك البلاد. حقا إن المعركة التي خاضتها من قبل وعلى مدى ثلاثة عشر سنة وما يزيد، المتمثلة في النضال والمعاناة، وتخوضها اليوم النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، هي معركة صعبة بكل المقاييس، وليست سهلة بالنظر للتهميش والإقصاء، وللأزمات التي اخترقت صفوفها، واللامبالاة التي تحظى بها نداءاتها من لدن الذين بيدهم زمام أمور تدبير شؤون مجال الاتصال ببلادنا على الخصوص، الذين نسأل الله أن يُكرمهم بتخليصهم من تلك التصرفات التي لاتخدم هذا الوطن، والذين نهمس في آذانهم لنقول لهم إن كل هذا لم ولن يزعزع إيمان أعضاء الأمانة العامة، الذين يتحلون بجرأة ونباهة قل نظيرهما، كما سبق وشهد بذلك العديد ممن عايشوا تحركاتهم عن قرب .. والذين أعطوا قيمة مضافة ونفسا جديدا للحقل الإعلامي بكل مكوناته، ولن تدفعهم التصرفات اللامسؤولة إلى فقدان الأمل في الانتصار فيما يقبل من أيام، ما دام أنه لا يمكن لأي قوة في الأرض مهما عظمت أن تمنع النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة من حقها المشروع في الحضور بقوة، لأنها لاتبغي من وراء ذلك إلا خدمة الصالح العام. نحن بتناولنا لهذا الموضوع، لا نتباكى على ما حدث ويحدث باستمرار أمام أعيننا، كما يخيل لبعضهم، لأنه مسلسل طالما كررت حلقاته الجهات التي يؤرقها تواجدنا .. لكن الحقيقة هي أنه عندما تتعرض هذه النقابة الوطنية النشيطة لكل ذلك، فإن الصمت حينها يصبح حراما، والتفرج من بعيد وقتها لايليق بكل غيور على هذا الوطن، الذي عمل مواطنوه بنضالهم المستميت على إقبار صفحات الماضي المشين، ولهذا وجب فضح كل الأساليب التي لاتمت للمسؤولية بصلة، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، ما ترتكبه الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة من أخطاء فادحة، بحيث تستعمل علانية أسلوب الانحياز المفضوح، ويفسر هذا، صم الآذان اتجاه نداءات النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، المتكررة والمتتالية، الداعية إلى تغطية ندواتها الفكرية وموائدها المستديرة، في حين تبادر شركتنا (الموقرة) تلقائيا إلى تغطية أحداث، بعضها لا تكتسي أي أهمية تذكر، سوى أن منظموها يعرفون من أين تؤكل الكتف .. أو هم من الذين يملكون سلطة ما تذلل لهم الصعاب، وما السهرة الفنية الراقصة، التي نظمت برحاب المسرح الوطني محمد الخامس مساء الأحد 18 نونبر 2012، بمناسبة اليوم الوطني للإعلام من طرف النقابة الوطنية للصحافة المغربية، إلا نموذجا مدويا يسجل التاريخ الإعلامي ببلادنا صوره السلبية التي لا تشرف البتة بلدا يدعي أهله الديمقراطية والحداثة، وكأن المغرب على العموم، والساحة الصحفية والإعلامية على وجه الخصوص، ليس فيهما سوى النقابة الوحيدة المحظوظة، التي خلقت وفي يدها سوط تستعمله للترويض كلما دعت الضرورة لذلك، أليس هذا الأسلوب من أساليب التحقير والتهميش الممنهجين ..؟ وهل يمكننا بمثل هذا التعامل المضي قدما والوصول إلى الهدف المنشود ..؟ وهذا هو ما دفعنا لتوضيح بعض الأمور، رغم أن توضيح الواضحات من المفضحات، لعل هذه الإشارة تحرك المسؤولين على قطاع الاتصال، ومن تم يستطيعون العودة إلى ما يقتضيه الواجب الوطني وما يمليه الضمير المهني، ليقطعوا مع الممارسات اللامهنية، الشيء الذي لم يعد معه بإمكاننا السكوت عنه كنقابة وطنية تمتلك الشرعية القانونية . يبقى علينا في الختام ذكر آخر ما تفتقت به أريحية الجهة المسؤولة عن القطب العمومي لما ضاقت ذرعا من خطاباتنا وكتاباتنا اللاذعة، ومن احتجاجاتنا أيضا .. عملت مؤخرا، واستجابة لطلب تغطية أعمال ندوة فكرية نظمتها النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، بتعاون مع مجلس عمالة الدارالبيضاء، يوم الجمعة 14 دجنبر الجاري بالمركب الثقافي حسن الصقلي، حول موضوع الساعة: " ما هو تأثير الجهوية الموسعة على التنظيم الجماعي والتنمية المحلية ..؟ " عملت على إرسال صحفي (يتيم) تابع للإذاعة الجهوية عين الشق، يتأبط مكرفونه .. تلقى تصريحات ومعلومات هامة، خاصة بمضمون الندوة، مما جعلنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نتنفس الصعداء، ظنا منا أن بوادر لانفراج الأزمة بيننا وبين تغييبنا من طرف سلطات الإعلام الرسمي قد لاحت في الأفق، وأن رسالتنا إلى الرأي العام الوطني وإلى المهنيين على حد السواء كتب لها أن تصل أخيرا، فإذا بالواقع المر يعلن من جديد أن هذا التحرك المفاجيء ما هو إلا لذر الرماد في الأعين، لأن ما استقاه الصحفي المشار إليه من تصريحات، بقي مركونا جانبا على الرفوف، بدل إذاعته ليستفيد منه الرأي العام الوطني الذي له الحق على وسائل الإعلام العمومي، التي هي بالنسبة له أداة إعلام وتنوير وإخبار وتحليل. الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة