في خطوة تحمل في طياتها كل معاني الإهانة والإنتقاص من قيمة المؤسسات الصحفية المغربية ومن ورائها رجال ونساء الصحافة الوطنية، وتجعلنا نتساءل عن أسبابها ومراميها، أقدم "المسكين" مصطفى الخلفي وزير الاتصال على الاتصال مباشرة بعد حادث الاعتداء الذي تعرض له الزميل عمر بروكسي مراسل وكالة الأنباء الفرنسية إلى جانب عدد من زملاء مغاربة ينتمون إلى منابر إعلامية وطنية أثناء تغطيتهم لاحتجاج نظمه نشطاء احتجاجا على استمرار طقوس الولاء الحاطة من الكرامة والمنتمية لعهود بائدة، (اتصل) بالوكالة الفرنسية وقدم كمسؤول حكومي اعتذارا على ما بدر من قوات الأمن التي كانت همجية أكثر من اللازم اتجاه مراسلها بالرباط . من حيث المبدأ لا مشكلة في أن يعتذر مسؤول رسمي لصحفي إذا كان ما يستوجب الإعتذار، لكن الإعتذار لصحفي يعمل لدى مؤسسة أجنبية في حين عدم الالتفات في حالتنا هاته لصحفيين مغاربة رغم تعنيفهم بأساليب مدانة تذكرنا بسنوات خلت ، حيث لم يفرق رجال الأمن بين محتج وصحفي فالكل سواء رغم كشف الزملاء عن بطائقهم المهنية مما يدل على نية مبطنة "للإنتقام" من السلطة الرابعة التي أصبحت تزعج المخزن خصوصا بعد بروز مؤسسات ومنابر اعلامية مستقلة أصبحت خارج "احتواءات" المخزن التي لا تنتهي . والمتتبع المبتدأ لما يجري في المغرب يكتشف بكل بساطة أن خطوة وزير الاتصال كانت بإيعاز من جهة ما داخل الدولة ولم تكن بمبادرة ذاتية خصوصا وأن الوزير كان صحفي ثم إنه عودنا رغم المدة القصيرة على تواجده في الوزارة على الاستماع لجهة ما ولنا في قضية "دفاتر تحملات القطب العمومي" خير مثال حيث توارى الخلفي إلى الوراء بعد أن أكد في مواقف قال عنها أنها ثابتة وأن الدفاتر سيتم تنزيلها لا محالة وإذا ب"المسكين" يتراجع أمام مجرد موظفين ينتمون لمؤسسات تعمل تحت إمرأته . وما يعزز هذه "الفرضية" هو البيان الذي صدر عن وزارة الداخلية الذي أكد أن الوزير العنصر أمر بفتح تحقيق في النازلة قصد" تحديد المسؤوليات" في ما تعرض له الزملاء : نجاة بوعبدلاوي صحافية بجريدة الحركة (الضرب، والسب، والقذف)، وزوليخة مصورة في الاتحاد الإشتراكي (الضرب، والقذف)، ولحمزاوي مصور جريدة المساء (الضرب)، وعبد المجيد بزيوات مصور جريدة الصباح (الضرب)، وعمر بروكسي مراسل وكالة الأنباء الفرنسية (الضرب على مستوى الفم)، وبنبيش موقع فبراير(السب والقذف) تقني بموقع لكم(التعنيف). وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها رجال ونساء الإعلام لاعتداء،فقد سبق وأن تم تعنيف صحفيين أثناء تغطيتهم لاحتجاجات حركة 20 فبراير على سبيل المثال، ولم نسمع لوزير الاتصال همسا، ولم نسمع وزير الداخلية أن أمر إن كان فعلا هو الآمر بفتح تحقيق ل"تحديد المسؤوليات" ،وكم أصبحت هاته الكلمة "مضحكة" في المغرب لأنه لطالما سمع المغاربة بها دون أن يرو تجسيدها على أرض الواقع، ولماذا تتحرك أجهزة الدولة فقط عندما يتعلق الأمر بإعتداء على صحفي ينتمي لمؤسسة إعلامية أجنبية ؟ وأين تكون هذه الأجهزة عندما يتعلق الأمر بصحفيين مغاربة ينتمون لمنابر وطنية ؟ إن على وزير الإتصال وغيره من الوزارات ذات الصلة أن يسعى لحماية الصحفيين والدفاع عنهم سواء كانوا ينتمون لمؤسسات اعلامية وطنية أم أجنبية، وليس الاستماع إلى جهات لطالما كانت عائقا أمام تطور حرية التعبير والإعلام بالمغرب. * رئيس الاتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية