تعريف قد أسمانِي أبي عَلى زوجةِ إبْراهِيم وأمِ إسماعِيل عليهما السلامْ، عمري -المذكُور في بطاقة التعرِيف- في بداية العِشرينات، وإن كنتُ أشعُر أنهُ إهانةٌ فِي حقِ العجُوزِ التِي تقطُن كلاً من عقلِي وقلبِي، مر على دخولي ميدَان الكتابة نفس السنين التي كانت في حوزتي حين بدأتها، عقدٌ كاملٌ واثنا عشرَ شهراً بالتمامِ والكمالِ، أول ما كتبتهُ كَان صرخةً في وجهِ الأنظمة العربِية ما كُتب لها أن تُسمعَ وآخر ما كتبتهُ صرخةٌ فِي وجهِي أنَا التِي أتعبني البحثُ عن وجهٍ يُترجمُنِي كما يجب، بنتُ مدينةٍ أدمنتِ التمردَ فأبت إلا أن تُورثه أبنائها وبناتها، حرفِي بضعٌ مِني..وأنا بعضهُ، لا أختارُ متَى أكتبُ كما لا أختار متى أموت، أنا لا أكتب حتى ن الكتابة من تكتبني، وما أنَا سوى وسيلةٍ تتجلى فيها للعالمِ، كأنما الكتابةُ روحٌ تتلبسُني ما شاءت من الوقتِ ثم ترحلَ لتتلبسَ جسداً آخر، وهي بهذا تعِيش وتحيى وتكبر وتتطور وتعظُم، وأنا بذَاك أحيى " الحياة الحقيقية ". ------------------------------- يا خيبتي الأولى .. إني مذهُولة .. هذي سيُوف الموت مسلولة .. هذي أنا أمام رمسِي .. أناجي جسداً مهزُولاً.. كان كفني الذي أسير به.. وحين غادرني.. لا أدري إن كنت أنا أم أنا المقتولة.. ياخيبتي الثانية .. ويحِي كأني قد أُورثت نفساً ثاوية.. ويح رُوحي .. قد غدت بيداء خَاوِية .. حتى سوسنة الفرحِ التي زرعتُها عند الحاشية.. ذبلت واستحالت ذاوية.. حتى عرافتي.. حين قرأت كفي أجهشت باكية.. وحذرتني من خيبتي التالية.. يا خيبتي الثالثة.. إني مصدومة.. ويح الفُؤاد قد عاد إلي مهزوماً.. مُتورِد الخدُود بعثته.. والآن جاءني رعُوماً.. خلت الهوى إن زارني .. يرممني .. فإذ به يثخنني جراحاً وكُلوماً .. يا خيبتي الرابعة.. إني مغبُونة .. أينما يممتُ عقلي .. كان حظِي ملعوناً .. وكأن عُمرِي .. حِندسٌ .. أو أنه يفنٌ أيامه معدُودة.. وأكفانهُ مرهونة.. يا خيبتي الخامسة.. مواكِب الوجعِ تصعد للسماء.. وأنا المحمُولة في الهودج .. وأنا الفارِسة.. حولِي الجوارِي.. يسكبن الدمعَ من أعيُنهِن الناعسة.. ورياح الحُزن تجُوس داخل نفسِي العابسة.. ترج كيانِي بآلامٍ من العُصور الدَارِسة.. ياخيباتي العشر.. والعشرين.. والثلاثين.. والأربعين و ....إني مفجوعة.. في كم السنين.. وفعل السنين.. ونقشها حروف الوجع فوق الوتين... يا خيباتي... مدائنُ قلبِي هذا بلا أسوار.. والدمعُ أسكبه... مجبرةً دُون اختيار.. وأنتُن يا خيباتِي... أنتُن يا بناتِي.. أنتُن يا أنَا... تأبين إلا أن تكبُرن.. وتزددن.. شغباً.. وجعاً... وإني لا أملِك يا خيبَاتِي من أمرِي.. سِوى أن أحفظَ لكن الود والتقدِير.. فوحدكن في النهاية من تفتحن لِي الذِراع... دُون تفكير... ووحدها الأحزان.. وحدها ديموقراطية... حد مضاجعة الجميع... فوق نفس السرير..