انتعل حذاءه البلاستيكي.. يفرك يديه الصغيرتين عل بعض الدفء يدب فيهما هذا الصباح، خطى خطواته المعتادة مارا من وسط المزبلة التي تفصل بيته عن مكان عمله، أحس ببعض العطش فكر أن يرجع للبيت ليروي عطشه، فإذا به يتذكر أنه لا وجود للماء بالبيت، فاكتفى بالشرب من سقاية الحي، أكمل المسير وفي طريقه اصطدمت قدماه بجثة صديقه الذي افترش الأرض وتغطى بالسماء بعدما أخذ جرعة غير هينة من الكحول.. استمرت الخطى وجاء الصوت من بعيد، صوت أجراس المدارس معلنة عن بداية يوم دراسي جديد، رفع رأسه إلى أعلى السماء، نزلت من العين دمعة، وأكمل الخطى.. أثناء المسير وقف أمام حشد غفير من الناس، يهنئون بعضهم بعضا ... فتذكر صديقه الملقى على الطريق.. بيته الكائن أمام المزبلة.. عطشه الذي روته سقاية الحي.. تذكر صوت جرس المدرسة، وأنه ذاهب لبيع الأكياس البلاستيكية في سوق المدينة. ابتسم وقال خيرا ... ومرت خمس سنين ... قام من فراشه، انتعل حذائه البلاستيكي، وكالعادة، مزبلة وسقاية وجثة طفل وصوت جرس المدرسة، وأكياس بلاستيكية بين الأيدي للبيع، وأناس يهنئون بعضهم البعض ... تذكر مرة أخرى المزبلة التي لازالت أمام بيته، وسقاية حيه، وصديقه الملقى على الأرض، والأكياس البلاستيكية التي بين يديه، نظر إلى أعلى السماء، لكن هذه المرة لم تنزل الدمعة، فقد تحجر الدمع في المقلتين. . قاصة من مدينة القصر الكبير المغربية