يعرف المغرب حراكا شعبيا ضمن موجة الحراك الشعبي العربي الذي عرى عن بؤر الفساد في مختلف مستوياته ، فأصبحت الجماهير وصارت ترفع شعار " إسقاط الفساد" . فساد مستشري يكتوي به الفقراء المهضومة حقوقهم ، ضحايا الرشوة و الزبونية و المحسوبية . معضلة الرشوة (الكبيرة و الصغيرة) قد تحتاج إلى وقت طويل للحد منها في ظل عدم القدرة على القضاء عليها حسب ما فهمت من حوار تلفزي في إحدى القنوات الوطنية . إذ أنها سلوك مرتبط بالتربية و الثقافة سواء بالنسبة للراشي أو المرتشي، وبالتالي هي داء يصعب- إن لم نقل يستحيل- القضاء عليه ، ويبقى " من أين لك هذا؟ " شعار للاستهلاك إلى أجل غير مسمى ، كما يبقى انتظار قانون حماية الراشي الذي يضطر لدفع رشوة للحصول على حق من حقوقه بداية على طريق محاسبة من يستغلون مثل هذا الفراغ القانوني و يفعلون في عباد الله ما يشاؤون : يعتدون على حقوقهم الاجتماعية و الاقتصادية ويدفعونهم إلى واقع المعاناة في صمت: فهم مرغمون على دفع رشاوى، و إلا ضاعت حقوقهم.. ومن بين أهم حقوق الفئات المستضعفة الحق في السكن اللائق . لكن واقع الحرب الشرسة التي يعرفها هذا القطاع الاجتماعي الحيوي لا رحمة فيه (في بلدنا العزيز) بالنظر إلى خضوعه في مختلف مستوياته إلى قانون الرأسمالية المتوحشة ، و تسيطر عليه شبكة تتغذى من الفساد إلا ما رحم ربي. ففيه تبقى الرشوة المكشوفة و المعلن عنها، أو ما يعرف لدى العام و الخاص ب " النوار " تؤرق مضجع ذوي الدخل المحدود ممن يرغبون في اقتناء سقف يقيهم حر الكراء . هذا في الوقت الذي يبقى المسئولون عن القطاع يلوذون بالصمت المريب إن لم يكونوا من المستفيدين من الوضعية . فما معنى أن يقتني المواطن سكنا بثمن ما و يضطر إلى عدم التصريح بما يناهز ثلثه ؟ و في حالة رفضه مثل هذه " المعاملة الوسخة" عليه أن ينتظر الذي سيأتي و لن يأتي بدعوى أن "النوار" أصبح عملة رائجة .. و هي في الحقيقة عملية مربحة لكل من يبحث عن تبييض أموال مشبوهة أو يتهرب من أداء حقوق الدولة . فمتى سيصبح من حق صاحب الحاجة إلى سكن- من بين الفئات الشعبية - أن يبلغ إلى السلطات المسؤولة عن هكذا رشوة مفضوحة و مفروضة ؟ متى سيخرج هذا القطاع الحيوي من عالم " النوار" إلى واقع الشفافية في زمن" الشعب يريد إنهاء الفساد"؟.