أعلنت الشرطة الإيطالية أنها قامت، يوم الثلاثاء الماضي، بحملة تفتيش همت 79 شخصا واعتقلت 11 آخرين، ينتمون إلى جماعة العدل والإحسان المحظورة، للتحقيق معهم بتهمة «تأسيس عصابة إجرامية من أجل أهداف إرهابية على المستوى الدولي». وأفادت الشرطة الإيطالية بأن العملية عرفت مشاركة 400 من قوات الأمن وتمت بالعديد من أقاليم الشمال مثل فينيتو وإيميليا رومانيا وفريولي ولومبارديا والماركي. وحسب وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) فإن التحقيقات تمت بأمر من الوكيل العام بمدينة ترييستي (شمال شرق) «بشأن مواطنين من أصول أجنبية ومراكز ثقافية وأوساط مقربة من الجماعة المحظورة»، وأوضحت المصادر ذاتها أن تلك التحريات استغرقت أزيد من سنتين وشملت «تحقيقات مع حوالي 60 عضوا من الجماعة المحظورة»، مشيرة إلى أن التحقيقات ذاتها كشفت عن «البنية التنظيمية للحركة ومكنت من التعرف على مئات المنخرطين فيها، والذين ينحدر أغلبهم من المغرب، كما أنها تتبعت مصادر تمويلها وطرق تحويل الأموال التي تم جمعها نحو الخارج». وقالت الشرطة إن الوسائل التي تم حجزها بالمنازل والمراكز الثقافية والمواقع التي ترتبط بالمنظمة المحظورة ، والمكونة من حواسيب وكتب وأشرطة مسموعة ومرئية وأقراص مدمجة ومخطوطات، «تكشف أن هذه الحركة تنتمي إلى التيار الجهادي»، مشيرة إلى أن التحقيق سيستغرق عدة أسابيع، مضيفة أنه بالرغم من أن جماعة العدل والإحسان المحظورة «التي تقول إنها تنفذ أنشطتها لأغراض خيرية، فإنها تعمل وفق مبادئ متطرفة من أجل إقامة خلافة إسلامية». وفي تعليقه على الحادث قال عمر امكاسو، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، إن الأمر لا يتعلق باعتقال بل بمجرد عمليات تفتيش روتينية، في إطار العمليات التي تقوم بها الشرطة الإيطالية منذ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001، مضيفا قوله، في تصريحات صحفية، إن تلك العمليات عادية «لكن غير العادي هو أن تشمل تلك المداهمات والتحقيقات أفرادا من الجماعة التي تعرف لدى جميع الأوساط في الداخل والخارج بنبذها للعنف ودعوتها إلى العمل السلمي في إطار القوانين الجاري بها العمل»، وأرجع الأمر إلى صعود اليمين المتطرف في إيطاليا. غير أن امكاسو أوضح أن الأمر ربما يتعلق بأشخاص لا علاقة تنظيمية تربطهم بجماعة العدل والإحسان، مميزا بين التنظيم المتواجد بالمغرب والمدرسة الفكرية للجماعة المنتشرة في العالم، وقال إن هؤلاء قد يكونون من أتباع المدرسة الفكرية لجماعة الشيخ ياسين ويعملون في إطار جمعيات معترف بها قانونا في البلاد. وأعرب امكاسو عن استغرابه للتهويل الذي طبع هذه العملية، وأضاف: «نخشى أن تكون وراء هذا الأمر حسابات معينة من طرف بعض الدوائر، لكن الكلمة الأخيرة تبقى بيد القضاء». ووصف ما تردد في بعض وسائل الإعلام عن انتماء الأشخاص الأحد عشر الذين شملهم التحقيق من طرف الشرطة الإيطالية إلى تنظيم جهادي ب«الدعاية المشبوهة»، وقال إنه إذا ثبت بالفعل ما يشاع في وسائل الإعلام، بعد قول القضاء كلمته، فإن الجماعة ستكون في حل من ذلك، لأن نهجها يرتكز على «لاءات ثلاث»، حسب قوله، وهي لا للعنف ولا للارتباط بالخارج ولا للسرية. وحول وقوع هذه الحملة في إيطاليا وليس في أي بلد أوروبي آخر تنشط فيه الجماعة بكثافة، قال امكاسو إن الأمر ربما كانت له علاقة بموسم الحج، حيث إن جمعية تطلق على نفسها اسم «الإحسان» تنظم سنويا موسم الحج في صفوف المهاجرين، مشيرا إلى أن نجاح هذه المبادرة ربما لفت أنظار السلطات الإيطالية هذه المرة. وقال فتح الله ارسلان، الناطق الرسمي باسم الجماعة الموجود في غزة بالأراضي الفلسطينية المحتلة ضمن القافلة الشعبية لفك الحصار عن القطاع، في تصريحات لوكالة فرانس برس أمس، إن جماعة العدل والإحسان تنبذ العنف «ولا تتخلى عن موقفها بعدم اللجوء إلى العنف مهما كانت الظروف ومهما كانت التحديات التي تواجهها حاليا وستواجهها في المستقبل».