في احدى حفر جهنم وبين النيران الملتهبة كفانا الله وإياكم شرها يوم الحساب جلس اثنين من الشياطين الملاعين يتبادلان الحديث عن شؤون عملهم فقال الاول : - مالي أراك جالسا هنا ؟ اليس المفروض ان تكون بين بني ادم تغويهم عن جادة الصواب وتحثهم على الرذيلة وعصيان الله وتسليم انفسهم لنا كي نملأ منهم جهنم وبئس المهاد ؟ اجابه الشيطان الثاني بحسرة : - نعم ياصاحبي في الشر ولكني مصاب بكآبة واحباط فلدي احساس اني لم اعد بالمهارة التي كنت عليها وإن اساليبي لم تعد بتلك الفاعلية التي كانت عليها سابقا . استغرب صاحبه الكلام : - هل اثرت حرارة نار جهنم على عقلك ؟ ماهذا التخريف الذي تقوله ؟ كيف فقدت مهارتك وهل تعني ان البشر اصبحوا لايستجيبون للاغواء والدعوة الى الرذيلة ؟ - البشر كما تعرف نوعان الاول معتصم بحبل الله وهؤلاء يظلهم الله بظله وليس لنا عليهم سبيل ومهما حاولنا فلن نحصل على نتيجة وحتى لو نجحنا في جعلهم يرتكبون هفوات صغيرة فإنهم سرعان مايتوبون ويستغفرون ويضيع جهدنا هباء منثورا . اجابه صاحبه : - نعم معك حق وهؤلاء هم من يسبب كساد عملنا وفشل خططنا وضياع جهودنا عبثا . رد عليه الشيطان الاخر : - صحيح , والنوع الثاني هم الذين نستطيع العمل عليهم واغوائهم حتى نملأ جهنم منهم . - جميل وماالمشكلة اذا ؟ اجابه صاحبه وهو يتنهد بحسرة : - المشكلة يا صديقي الملعون مثلي ان بعض البشر تفوق علينا نحن الشياطين في الشر حتى بت اخشى ان نفقد وظائفنا ونصبح في صف العاطلين عن العمل . استغرب الاخر وقال : - كيف ؟ - ساضرب لك امثلة كي تعرف ما أتكلم عنه ذهبت الى احد القادة الصهاينة كي اعلمه كيف يقتل المسلمين , فإذا به يضحك علي ويقول اذهب ياسيدنا الشيطان فقد صارت اساليبك قديمة فلم نعد بحاجة الى قتل المسلمين وعوضا عن ذلك زرعنا اهل السوء ينشرون بينهم الفتن بكل اشكالها الطائفية والقومية والحزبية , ويشجعون الخلافات بين الاخوة وهاهم المسلمين يقتلون بعضهم ليلا ونهارا دون ان نطلق رصاصة واحدة لا بل واصبحوا يتسابقون لنيل رضانا والتمسح بنا ونحن نصدهم ونذلهم ونفرض شروطنا عليهم .فهل عندك اسلوب اكثر شرا من هذا ؟ قال الشيطان الثاني وهو يحك رأسه مفكرا : - فكرة جهنمية لاتخطر على بال اي شيطان . استطرد صاحبه وقال : - قررت ان اتجه الى بعض رجال الاعمال من قليلي الذمة واحثهم على الغش في البضاعة وانقاص الوزن ورفع الاسعار فاذا بهم يضحكون علي ويقولون هذه اساليب العصر الحجري ياشيطان واليوم نحن نضرب ضربات كبيرة مثل سقوط اسهم البورصة او افلاس شركات الاستثمار ونشفط نقود الناس مرة واحدة وليس بالقطارة كما كنا نفعل سابقا . عبس الشيطان الاخر وقال : - غريب هؤلاء العن منا نحن الشياطين - نعم قررت ساعتها ان اذهب الى بعض الفتيات واحرضهن على الوقوف بوجه اهلهن و نزع حجابهن والتبرج فقالت لي احداهن ولم وجع الرأس هذا ؟ اليوم صرنا نفعل الاعاجيب ونحن محجبات فنضع اشياء على الرأس فيصبح الحجاب كأنه عمود ارسال ونسميه حجاب ابو نفخة او نرتدي الجلباب وتحته ثياب قصيرة وفاضحة وبذلك نكون قد مارسنا الاغراء وفي نفس الوقت نبقى محجبات في الظاهر . فهل عند اسلوب افضل من هذا ؟ قال له صاحبه : - لدي فكرة ستعجبك , اقترح ان نذهب نحن الشياطين الى بني آدم من النوع الذي ذكرته كي يعطونا دروسا في الضلال والانحراف تساعدنا في انجاز مهمتنا , فيبدوا لي ان بعض الشياطين من بني آدم قد تفوق في شره على الشياطين من بني ابليس باشواط بعيدة فما رأيك ؟ واعوذ بالله من الشيطان الرجيم بكل انواعه.