بشكل درامي جدا، نقلت إحدى الجمعيات الحقوقية بالإسبانية، نبأ وفاة «حميدو» الشاب السينغالي، الذي توفي في محاولة للهجرة السرية نحو إسبانيا، في أحشاء سيارة كان يتخفى داخلها. حميدو الذي أقام بالمغرب لمدة غير قصيرة، منذ جاء من السينغال، كان في كل مرة يحاول الولوج إلى الديار الإسبانية هدفه الأساسي، لكن عسكر الحدود والإجراءات الصارمة، منعته مرارا من المحاولة، ولو في التسلل لمدينة سبتةالمحتلة، حيث تنتهي رحلة العذاب بالنسبة له، لكنها انتهت بشكل «تراجيدي»، كما تنتهي عادة مثل هاته الرحلات بالغرق في البحر، أو اختناقا في أسفل الشاحنات والحافلات. الصيغة الجديدة لتهريب البشر، جاءت لتجاوز المراقبة الصارمة، التي تفرضها السلطات المغربية، ونظيرتها الإسبانية في مجال محاربة الهجرة السرية. الابتكار الذي هو في حقيقته قديم، لكنه كان عشوائيا، من خلال تسلل أطفال أو مهاجرين، أسفل الحافلات أو الشاحنات، دون علم حتى من السائق، تحول نحو اتفاق مسبق بين الطرفين، بحيث يتم حشو الأشخاص، مثل السلع في هيكل السيارة، في مساحة أقل من القبر، وتوضع فوقه أجزاء من حديد السيارة، وحتى بعض الحاجيات لإخفائه. ليتم إنزاله بعد ذلك بمدينة سبتة أو مليلية المحتلتين. السلطات الإسبانية التي عادة ما تبحث، في حشو هياكل السيارات على مخدرات مهربة، أصبحت هاته الأيام تفاجأ بوجود أشخاص وأكثر حتى، في ذلك الحشو، موضوعين بطريقة لا إنسانية، وغالبا ما يعثر عليهم أمواتا بسبب الاختناق، خاصة عندما تكون الرحلة طويلة، أو في حال تأخر الولوج بين نقطتي التفتيش، حيث غالبا ما يراهن السائقين / المهربين، على الوقت الذي تقل فيه عملية العبور، إذ أن المدة لا يجب أن تتجاوز مدتها الثلاثون دقيقة، قبل أن تصبح حالة المهاجر خطيرة، حسبما أوضحه مصدر أمني متتبع، هذا الأخير الذي أكد في تصريح للجريدة، أن هناك «متخصصين» في هذا النوع من تهريب البشر، رغم خطورته الكبيرة، وأن مبلغ الرحلة لا يقل عن المليون سنتيم، بالنسبة للعبور نحو سبتة أو مليلية المحتلتين، وأكثر من الضعف بالنسبة لعبور البوغاز. غالبية المرشحين للهجرة السرية، الأفارقة بالأساس، لا تهمهم الرحلة الطويلة، فهم يكتفون فقط بالوصول إلى أحد الثغرين المحتلين، وهناك تنتهي الرحلة، حيث لا تتمكن السلطات الإسبانية، من إرجاعهم إلى أوطانهم لغياب اتفاقيات في هذا الصدد، فيما المغاربة هم من يبحثون على رحلة أطول، في اتجاه الجزيرة الخضراء، وهي رحلة تكون محفوفة بالمخاطر، حيث إن نسبة الاختناق في السيارة كبيرة، والرحلة قد تتجاوز الساعتين بين عبور النقط الحدودية وركوب الباخرة والإبحار، لكن الكثير من الشبان أصبحوا يفضلون هاته الوسيلة، ويبحثون عن مهاجرين مغاربة، في الغالب، يساعدونهم في هجرتهم تلك، بدلا من قوارب الموت، التي لم تعد وسيلة ناجعة، مع تطور وسائل المراقبة. مع كل تطوير لوسائل عمل مافيات الهجرة السرية ،تجد السلطات المغربية والإسبانية، نفسها في ظل تحد جديد، وبحث عن طرق لمحاربتها، خاصة في ظل محدودية الوسائل والإمكانيات البشرية، خاصة من الجانب المغربي، سواء بمعبر باب سبتة أو مليلية المحتلتين، التي تعرف يوميا عبور أكثر من 25 ألف شخص، عبر كل نقطة من النقطتين، وهو ما يصعب المراقبة، ويسهل تهريب أي شيء في الاتجاهين، ولعل ذلك، ما جعل السلطات القضائية الإسبانية، تتابع ستة عناصر من الحرس المدني من شرطة باب سبتةالمحتلة، لعدم قيامهم بواجبهم في مراقبة السيارات الداخلة والخارجة من المدينة، مما يشكل خطرا على الأمن بالنسبة للدولة كاملة.... الأحداث المغربية