فككت الشرطة البلجيكية مؤخرا شبكة يتزعمها مغاربة متهمين بتزوير وثائق إدارية لمساعدة مهاجرين على الحصول على الجنسية البلجيكية و أوراق الإقامة، مقابل مبالغ مالية باهظة. أبزز المتابعين في هذا الملف هو المغربي مصطفى الزيتوني ( 64 سنة) والمنتمي للحزب الديمقراطي الإنساني و ممثل الحزب في أهم المرافق الاجتماعية بالعاصمة بروكسيل. تجارة مربحة المتهم الرئيسي في القضية مصطفى الزيتوني حاصل على دبلوم في الترجمة، ويعمل كملحق برلماني مع البرلماني جوزيف بارمونتييه (Joseph Parmentier) من الحزب الاشتراكي الفرنكوفوني البلجيكي. و بمجرد انتشار الخبر، سارع الحزب الديمقراطي الإنساني إلى تعليق عضوية المتهم مصطفى الزيتوني، وإعفائه من المهام التي كان يتحملها باسم الحزب في العاصمة بروكسيل. وذكرت مصادر إعلامية أن النيابة العامة مددت مدة اعتقال المتهم شهرا واحدا منذ السابع من الشهر الجاري. غير أن المحكمة أفرجت عن جميع المتهمين اليوم، بشرط الابتعاد عن مقهى "أبنيدا" الذي يشتبه بعقد الصفقات المشبوهة فيه. وفي تعليق لها عن الحدث، أورد ت الصحيفة البلجيكية " لاديرنيير اور" (la dernière Heure) ليوم الثلاثاء 8 دجنبر 2009، بان "مصطفى الزيتوني متهم مع ثلاثة مسئولين لجمعيات مغربية، بتهمة المتاجرة في الشهادات المزورة لتمكين المهاجرين على الحصول على الجنسية البلجيكية، كما استفاد عشرات الأجانب - من هذه الوثائق المزورة- لتسوية أوراق الإقامة ببلجيكا". تكثيف المراقبة وعلى خلفية هذه القضية، صرحت عمدة بلدية فوري التابعة لبروكسيل السيدة ماغدا دو غالان (Magda de Galan) للصحافة، بأنها ستعزز المراقبة حول هذه الجمعيات، في الوقت الذي أقدمت فيه السلطات فعليا على إغلاق مؤقت لإحدى الجمعيات الثلاثة التي ينتمي إليها المتهمون، أبرزها جمعية الشباب و جمعية ودادية المغاربة ببلجيكا. وفي تعليق له لإذاعة هولندا العالمية، ذكر السيد خالد المنصوري، أحد الفاعلين الجمعويين والمسؤولين البلديين عن أحد أحياء العاصمة بروكسيل، أن الكشف عن هذه الشبكة "سيؤثر سلبا على صورة المغاربة في بلجيكا، ويضع عمل الجمعيات الأهلية فيها تحت المجهر". أعضاء الشبكة الآخرين هم عبد القادر المختاري من جمعية الشباب، ومحمد ماحو ومصطفى الزيتوني. هؤلاء اعترفوا بحسب مصادر صحفية متطابقة، بالتهم المنسوبة إليهم. في حين أنكر المتهم أحمد سلامة، مسير جمعية الوداديين المغاربة في بلجيكا، التهم المنسوبة إليه.وهناك متهم خامس، لم تكشف هويته بعد، تعتبره الصحافة مفتاح هذه القضية. وهو مختص في تزوير عقود العمل بمبالغ مالية تقدر ب 4000 يورو للعقد الواحد. وضد هؤلاء جميعا وجهت النيابة العامة تهم التزوير والمتاجرة في البشر وتكوين عصابة إجرامية. سحب الجنسية أكدت النيابة العامة أن الخطوة القادمة في هذه القضية، هي التعرف وتحديد هوية الأشخاص الذين استفادوا من خدمات هذه الشبكة، وخاصة من حصل منهم على الجنسية البلجيكية. وبعد ذلك على 'مكتب الأجانب‘ اتخاذ الإجراءات اللازمة، وذلك في إشارة إلى إمكانية سحب جنسية المتجنس بطرق غير قانونية. ويشار إلى أن خطوة الحكومة البلجيكية الفدرالية لتسوية وضعية المقيمين بصفة غير قانونية، كانت أحد الأسباب الرئيسية في تقاطر أعداد كبيرة من الباحثين عن تسويات أوضاعهم القانونية، من مختلف البلدان الأوربية: "من هولندا، إسبانيا، إيطاليا بل وحتى من المغرب. إنها المعضلة بلجيكية" يقول السيد المنصوري. ومع اقتراب نهاية المدة التي حددتها السلطات البلجيكية لدفع الملفات لتسوية وضعية المقيمين غير القانونيين، و المحددة في يوم 15 ديسمبر الجاري ، بدأت الشرطة البلجيكية تكثف من تحرياتها ضد كل من يشتبه في ملفه رائحة التزوير. أمام ضيق المدة المتبقية، يبحث الكثير من المهاجرين عن "الوسطاء الذين يحصلون بطرق مختلفة عن عقود عمل مزورة، و شهادات السكنى ووثائق التأمين وما إلى ذلك". ويؤكد السيد المنصوري أن بعض ملاك المحال التجارية الصغيرة التي كانت تشغل في السابق شخصا واحدا أو شخصين على أكبر تقدير، أصبحوا يشغلون، على الورق، عددا أكبر. كل هذا بمقابل مادي شهري مغري. وتذكر الصحافة البلجيكية أن أبنيدا" المشهور في منطقة 'ميدي‘ يعد المكان الذي تعقد فيه الصفقات بين الوسطاء والزبناء. إجراء غير قانوني لم تنل سياسية الحكومة الفدرالية في مجال تسوية أوضاع المهاجرين رضا كثير من الأحزاب السياسية، ومنها حزب 'المصلحة الفلامية‘ اليميني الشعبوي. هذا الحزب رفع دعوى قضائية أمام المجلس الأعلى للطعن في "قانونية" إجراءات التسوية، وطلب "تعليق" العمل بمذكرة التسوية الحكومية و "إلغائها". وقبل يومين أصدر المجلس الأعلى قراره الذي وصف إجراءات التسوية بأنها غير قانونية. وإذا نفذ هذا الحكم، فإن أوضاع عشرة آلاف مهاجر بدون أوراق الإقامة مهددة بالتوقف والتأجيل إلى أجل غير مسمى. مع اكتشاف هذه الخلية أو العصابة كما وصفتها وسائل الإعلام البلجيكية، فإن أحلام المهاجرين أصبحت مؤجلة حتى إشعار آخر.