كعادتها، قبيل كل جولة من جولات المفاوضات حول الصحراء، بدأت البوليساريو مناوراتها لنسف المحطة المقبلة بإعطائها الضوء الأخضر ل 16 من عناصرها العاملة فوق التراب الوطني لإثارة الشغب في المغرب. تحركات رجال محمد عبد العزيز لم تقتصر على العواصم الأوروبية، التي حصدوا فيها أولى الهزائم عند تصويت البرلمان الأوروبي لصالح البروتوكول الفلاحي مع المغرب، بل تسللوا من أجل تحريك خيوط شبكتهم في داخل التراب المغربي، وذلك في محاولة لإعادة سيناريو مخيم اكديم إزيك، ورغبة من زعيمهم في تحفيز انفصاليي الداخل «على مضاعفة العمل ضدّ السلطات المغربية في شتّى المجالات» كما جاء في وثيقة سرية تحمل أسماء انفصاليي الداخل الذين سيستفيدون من رواتب شهرية تصرفها لهم الجبهة. لابد وأن شبح الانفصاليين كان يتربص بالأحداث الأخيرة، فكما حاولت «بعض الجهات تسييس الاحتجاجات الاجتماعية في كل من تازة وبني ملال» على حد وصف الحكومة، يبدو أن البوليساريو كانت هي الأخرى في الموعد، كلام تؤكده الوثيقة الصادرة عن ما يسمى «الأمانة العامة لجبهة البوليساريو» وبتوقيع من محمد عبد العزيز. الوثيقة، التي حصلت «الأحداث المغربية» على نسخة منها، هي في الحقيقة «مرسوم رئاسي» يصدر بداية كل شهر، وذلك ضمن تأشيرات القيادة على أجور أعضاء ميليشياتها، وجهتها «الرئاسة» إلى ما يسمى ب «الوزير الأول ورئيس المجلس الوطني ووزير شؤون الأرض المحتلة والجاليات والريف الوطني ومكتب كناريا». وتوجد أمينتو حيدر وسيد أحمد ددش بالإضافة إلى إبراهيم دحان، على رأس ال16 «ناشطا» الذين يتلقون «رواتب شهرية» تصرفها البوليساريو على اعتبار أنهم «أعضاء الأمانة الوطنية للبوليساريو». تبرير محمد عبد العزيز لصرف الأجور، جاء في إطار ما وصفته الرسالة ب «دعم الانتفاضة داخل التراب المغربي والعمل على رفع معنويات المناضلين الصحراويين»، معتبرا بأنّ نزاع الصحراء يمرّ من «مرحلة دقيقة وصعبة». «رغبة منّا في تحفيز هؤلاء النشطاء لمضاعفة العمل ضدّ السلطات المغربية في شتّى المجالات، وكذا للقيام بأعمال من شأنها إثارة الرأي العام الدولي، فقد تقرّر زيادة الدعم المالي والمعنوي لأبطال الانتفاضة». تقول الوثيقة. هذا في الوقت الذي وصلت فيه احتجاجات سكان مخيمات تندوف على الأوضاع الاجتماعية إلى أمام مكتب محمد عبد العزيز، حيث قامت مجموعة من الشباب الصحراوي الغاضب بالتجمهر أمام مقر إقامة زعيم الانفصاليين، رافعين لافتات تطالب بإسقاطه. المحتجون هاجموا مجموعة من المكاتب التابعة ل « الرئاسة» ، عبثوا بمحتوياتها وكسروا وخلعوا أبوابها، ثم ظلوا معتصمين بالمكان لأزيد من خمس ساعات، بحسب مصادر صحراوية أكدت ل «الأحداث المغربية» أن «موجة الغضب هذه جاءت بعدما قامت عناصر مسلحة تابعة لأمن الجبهة باعتقال عناصر من شبان الثورة، وهم أفظيلي ولد بابا ولد جولي، محمد ولد الحجة، أخليل ولد أسويليكي. الشبان الثلاثة المنحدرون من قبيلة الرقيبات السواعد يواجهون عقوبة حبسية تصل إلى 9 أشهر لأنهم «تطاولوا على شخصية الرئيس محمد عبد العزيز» بتعبير صك الاتهام.