إذا كان هناك من حلم يراود، منذ مدة، مسؤولي قطاع التربية والسلطات بإقليمتطوان، فهو لا محالة يكمن في رفع نسبة التعلم إلى مائة في المائة، تحقيقا لشعار "تطوان بدون أميين". وعملا على تحقيق هذا الهدف، شكلت السلطات لجنة إقليمية لمحاربة الأمية وضعت مؤخرا مخططا استراتيجيا يمتد على مدى ثلاث سنوات، بهدف اجتثات، أو على الأقل تقليص معدل الأمية من 4ر28 حاليا إلى 14 في المائة في غضون 2012، وذلك في انتظار، أو على أمل، الوصول إلى الهدف المبتغى المتمثل في نسبة صفر في المائة أو ما يقارب ذلك بحلول سنة 2015. الإرادة موجودة والدعوات تتكرر لتعبئة وإشراك كل فعاليات المجتمع المدني لإنجاح هذا التحدي، الذي وإن كان في غاية الصعوبة إلا أنه يبقى قابلا للتحقيق. ويأتي هذا المخطط، الذي قدم الاربعاء الماضي خلال أشغال اللجنة التي ترأسها والي وعامل إقليمتطوان، السيد ادريس خزاني، لسد الفراغ الذي لوحظ منذ إعطاء انطلاقة "المسيرة نحو النور" في سنة 2003، إثر الخطاب الملكي ل 13 أكتوبر من نفس السنة. وإذا كان عدد الأشخاص المستفيدين من برنامج محاربة الأمية، الذي وصل على المستوى الوطني إلى أربعة ملايين ونصف منذ انطلاقة هذه المسيرة، وهو ما يشكل رقما قياسيا مقارنة مع الفترة الممتدة من 1982 إلى 2002 التي لم تسجل سوى مليوني مستفيد، فإن هذا المعدل، على مستوى إقليمتطوان، وصل بالكاد إلى 51 ألف مستفيد، ضمنهم 80 في المائة من النساء، مع الإشارة إلى أن معدل الأمية انتقل من 39 في المائة سنة 2004 إلى 4ر28 في المائة حاليا، مقابل 34 في المائة على المستوى الوطني. وقد أقرت اللجنة، بناء على هذه المعطيات، بالتأخير المسجل على مستوى الإقليم مقارنة بالأهداف المسطرة، ومن هنا تأتي أهمية وضع هذا المخطط الاستراتيجي لمحاربة الأمية بتطوان، الذي يعد الاول من نوعه في المغرب، باعتباره يشكل أداة لتشخيص واقع هذه الظاهرة من خلال أرقام محددة وإمكانيات مادية سترصد لأجرأته. ويظهر من خلال التقييم التشخيصي أنه على مدى فترة تنفيذ برنامج محاربة الأمية بالإقليم، فقد تم الوقوف على عدد من الاختلالات المتعلقة بوتيرة وضع وكذا عدد المستفيدين منذ انطلاق "مسيرة النور"، وهو ما يجعل، بحسب أحد واضعي هذا المخطط، من الصعب تحقيق الأهداف المسطرة على الصعيد المحلي. ويتبنى هذا المخطط، الذي يراد له أن يكون بمتابة "خارطة الطريق"، مقاربة جديدة تقوم على رؤية استشرافية واضحة وكذا إقامة رابط بين هذه الأهداف والأنشطة الميدانية والموارد البشرية ومؤشرات التقييم، من خلال إدماج مختلف الفاعلين والمتدخلين في القطاع. كما يستند المخطط على تحقيق تقارب بين مختلف البرامج والفاعلين بغية توحيد الجهود وترشيد النفقات والرفع من الانتاجية. من جهة أخرى، أوضح واضعو هذا المخطط أن العديد من الصعوبات والعراقيل لا تزال تعتري تنفيذ هذا المخطط الطموح، منها غياب الوعي بمخاطر الأمية لدى بعض الفئات المستهدفة، وهو ما يفسر الاقبال الضعيف، وأحيانا المنعدم، على دروس محو الأمية، لاعتبارات تتعلق بالتقاليد والعادات السائدة خصوصا بالوسط القروي التي تمنع تعلم النساء عموما، بالإضافة إلى الفقر والعزلة وضعف التجهيزات الأساسية وغياب آليات التواصل والتحسيس خصوصا بالمناطق الصعبة الولوج. وبموجب هذا المخطط، سيتم تقسيم إقليمتطوان إلى ثلاث مناطق مختلفة بناء على الاولويات حتى يستفيد أكبر عدد الأشخاص من هذا البرنامج. وفي هذا الصدد، ستعرف المناطق التي يقدر عدد الأميين بها ما يقرب من 49 ألف و 200 استفادة نحو 7530 شخصا سنويا من هذا البرنامج. وبخصوص المنطقة التي يقطن بها 25 ألف و 600 شخص فسيصل عدد المستفيدين إلى 4380 شخص وتلك المقدرة ساكنتها ب 60 ألف شخص إلى حوالي 10 آلاف و800 مستفيد. وقد تم التركيز بصفة خاصة على الجماعات القروية، التي يسجل بها أعلى عدد من الأميين، والتي ستستفيد قياسا على ذلك من دعم مالي. وتصل الميزانية الإجمالية التي رصدت لتفعيل هذا المخطط إلى غاية سنة 2012 إلى ما يزيد عن 24 مليون و 960 ألف درهم، أي بواقع ميزانية سنوية تقدر ب ثمانية ملايين و 320 ألف درهم. أما في ما يخص عدد المكونين، فقد حدد في حوالي 568 شخص والمؤطرين في 57. وتعتزم اللجنة، استنادا إلى هذه المعطيات، العمل على تحقيق هدفها من خلال هذا المخطط الطموح، الذي يكمن الهدف النهائي في تقليص معدل الأمية إلى النصف في غضون 2012، ولما لا اجتثاته كليا بعد نحو خمس سنوات من الآن، ليتحقق بذلك الحلم المتمثل في جعل تطوان مدينة بدون أميين.