يُصَغِّرُ مِنْ قيمة نفسه بل يسخر منها من يدعي أن المغرب بلد ديمقراطي ولو من باب الانبساط . و الحديث في هذا السياق لأي نتيجة يؤدي، ما عدا الدخول في جدية أي تَّمَوْقُعِ رصين ينبثق عنه النهوض بجناحي الحرية والتنمية من أجل التطور البين المتساوي التأثير إنتاجا واستهلاكا وتصريفا لثروات الوطن بالتساوي ومتابعة كل وطواط ، ما دام أخرها جورا تُحوُّل قائل الحق إلى المُدَوَّن في قائمة الاحتياط ، حتى يتعرض لاعتداء مدروس تحت عنوان الشَّطط . الشعب المغربي العظيم حفظه الله ورعاه يعرف القضية بأدق التفاصيل لذا عزف (في أغلبيته الساحقة) على تصديق فحوى شعارات لا أساس لها على أرضية الواقع وعلى إفرازاتها أصلا لا يعتمد وإن أُقحمت كتوطئة في كل تخطيط. الديمقراطية كأسلوب في الحكم مُغيّبة بالمفهوم الشامل في الدول المتخلفة العاملة حكوماتها على تفقير وتجهيل مواطنيها والزج بهم في متاهات البحث اليومي على الحلول الناجعة لضمان قوت يومهم ولو في الحد الأدنى ،الساهرات (عكس ذلك) على توفير كل الخدمات الأساسية ، أو الداخلة في إطار الكماليات، لنخب لا دور لها ولا مجهود تقدمه اللهم نفوذا نافذا تملكه تحرك به الأحرار والحرائر ليصبحوا في خانة العبيد، تقيدهم المذلة من شروق الشمس إلى الغروب، ومَن تخلَّص لوعي ركب عقله اتهموه بالمشاغب العنيد ، وهذا لم يعد مقبولا (مهما كانت بعض الانفراجات حاصلة) في الألفية الثالثة من عصر، الكل فيه مفضوح لدى الكل ،والجميع متيقن أن العدل الدولي لا يظلم أحدا . الديمقراطية تقتضي التعامل بالرأي ألأكثر مقاربة لتحقيق ازدواجية الإصلاح، الراغبين به أصحابه، توفير خدمات رفيعة المستوى، المقدمة للأوعية البنيوية بما فيها التعمير وترجمة مخطط التهيئة بخلق برنامج علمي منطقي موضوعي يستوعب حاجيات السكان ومستقبلهم المكيف مع الوضع الجديد بعد الانتهاء من نفس الإصلاح، ما وقع في تطوان شيء جميل حقا ، كلف أغلفة مالية خرافية ، لحد الآن الشعب لا يعرف بعض مصادرها حتى يعي أبعادها بالكامل ، شيء رائع لكنه منقوص بصورة ملفتة للنظر بشكل صريح إن أردنا التطرق لوضعية غالبية السكان الداعية لدق ناقوس الانتباه . انتشار الورود في الأزقة ، وصرف المليارات على ترصيف الممرات ، والصباغة ، وفتح المسالك، وتعبيد الطرقات الرئيسية ،وتشييد الجسور، ومد الإنارة العمومية، وتنظيف الحدائق والساحات الخضراء، وإعادة هيكلة الأحياء ، وكل ما يدخل في هذا المُنجز التاريخي الكبير ، لا يعنى معالجة الحاجيات المجتمعية بما يلزمها الاطمئنان لمثل التحول . ... ما يشد الملاحظ النزيه المحايد المحب لمحيطه ووطنه، تلك الخلاصات لأدعية أناس أتاحت لهم الظروف وثقة الغير بهم ما جعلت منهم نجوما في السياسة وتدبير الشأن العام في هذه ال"تطوان" المحلقة كحمامة ناصع البياض ريشها، الحالك ما يختلج داخلها، من حراك صامت هادئ تمتاز به حينما تريد التعبير عن عدم رضاها وهي تنشد الحياة الكريمة والعيش الحلال يرافق البنيان، الظاهر لكل إنسان ، لكن سرعان ما تمكن هؤلاء النجوم الذين تعايشوا تهربا من أداء واجباتهم مع كل الفنون، فأداروا الظهر للمدينة وأهاليها وانصرفوا لقضاء مآربهم الخاصة ، كان عليهم اللجوء للعقل والاعتراف المسبق أن لكل بداية نهاية تناسبها تماما، أكانت طيبة فأطيب منها تصبح ،أو نيتها سيئة فأسوأ ما ستتعرض له تعود . فمن جمَّدهم حتى تدخل الملك محمد السادس لتتجمَّل تطوان كفاتنة مغربية يخطب الآن ودها الأوربي كالأمريكي ؟، وأين رست قواربهم حتى هب عليها ريح العمل المُتقن لتغرق في بحر مساءلة عارمة ستطالهم يوما ما ،أقرب منهم أكثر مما عنه بالدهاء يتهربون ؟. مثل التحولات لها سجل خاص رصد حالات لا بد وأن تشكل المرجع الأساس لمتخصصي التاريخ المُؤسس علميا لإظهار من عَمِل مُخلصا لازدهار تطوان، ومن اكتفى بكل ما يؤدي للنفخ في ذاته حتى وصل على حساب نفس المدينة لما هو عليه؟ . لقد اختفى من اختفى للتخطيط التآمري الموجه للتخلص من أسماء كانت وفية لالتزاماتها مع السياسات المسطرة من أحزاب انتسب أصحابها إليها من زمان كمناضلين غرضهم البين، يتجسم في الضغط المباشر على المسؤولين المحليين والمركزيين، بالطرق المشروعة كي ينتبهوا إلى الحالة المزرية التي وصلتها مدينتهم تطوان عاصمة الشمال آنذاك، في وقت كان من الميسور البدء في برمجة إصلاح شامل تتعاون في ضبطه وتمويله وإخراجه إلى التنفيذ، كل الجماعات المحلية المتواجدة وفق تقسيم إداري جزَّأ المُجزَّأ لاعتبارات انتخابية، في محيط النفوذ الترابي لإقليم تطوان ،المتوفر على صلاحيات لتدبير الشأن العام كأقصى سلطة في الناحية ، لكن المسألة لم تجد آذانا صاغية لنداءات تكررت ،أبرزها ما نشرته "جريدة تطوان" التي أسسها كاتب المقال مصطفى منيغ ، وتُعَدُّ تلك النداءات مواقف ذات قيمة تاريخية تؤكد أن ما حصل الآن من تحول لم يصدر عن فراغ ولكن بعد نضال كلف الكثير من المعاناة تحملها الشرفاء الذين آن الأوان ليعلم من يرفع صوته بالافتراءات أن تطوان صمدت، كي تعيش محافظة على مستواها الأدبي وشخصيتها المميزة الفريدة ذات الأذرع الواصلة الند للند مع الحضارة الايبيرية ،وبخاصة "غرناطة" الاسبانية ، التي حسبتها معنويا شقيقتها في الشق المتعلق بالهندسة المعمارية والفن المخلِّد للحظات الفرح والقرح المعاشة طيلة قرون، بدأت تتبدد أحداثها الدالة على التلاحم المغربي الاسباني البعيد عن النزاعات المترتبة عن سياسات أراد بها الجانبان تفضيل مصالحهما الحيوية على أي شيء آخر . مصطفى منيغ