لم يعد الشأن العام المحلي حكرا على المؤسسات السياسية و المنتخبة... بمقتضى الدستور الجديد بل اصبح المجتمع المدني بمقتضاه يضطلع بدور كبير في هذا المجال حيث تضمن هذا الدستور مساهمة الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام والمنضمات غير الحكومية في إطار الديمقراطية التشاركية في اعداد قرارات و مشاريع لدى المؤسسات المنتخبة و السلطات العمومية , و كذا في تفعيلها و تقييمها . و على هذه المؤسسات و السلطات تنظيم هذه المشاركة طبق شروط و كيفيات يحددها القانون .14 كما دعا إلى اشراك المجتمع المدني و الفاعلين الاجتماعيين في السياسات العمومية بمختلف اطوارها ابتداء من الاعداد إلى التنفيذ و التقييم فقد نص الفصل 13 من الدستور على ما يلي: "تعمل السلطات العمومية على احداث هيئات للتشاور , قصد اشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في اعداد السياسات العمومية و تفعيلها و تنفيذها و تقييمها. 15 فضلا عما سبق فإن الدستور الجديد وسع من دور المواطن المنحصر سالفا في الدور الانتخابي المنتهي بانتهاء الاستحقاقات الانتخابية وأقر بدوره التشريعي ,سواء كان ذلك من داخل مؤسسات قائمة الذات : جمعيات , و وداديات .او مواطنا عاديا فحسب ,جاء في نص الدستور الفصل 14ما يلي :للمواطنين و المواطنات , ضمن شروط و كيفيات يحددها قانون تنظيمي , الحق في تقديم اقتراحات في مجال التشريع" ، فالتدبير العمومي يقتضي عقلية مبادرة وجريئة، وليس فقط عقلية دفاعية، فهو يقتضي تكامل البنيات المؤسساتية من أجل تلبية رغبات المستفيدين وذلك بأقل تكلفة وفي احترام تام للتنظيمات المعمول بها قانونا أخذا بعين الاعتبار المبادئ الأساسية المبني عليها المرفق العام وفق هذا المنظور إذن، يكون مفهوم الحكم المحلي جد قريب إلى المقاربة المؤسساتية التي لا تسائله إلا باعتماد مفهوم المنتخب أو المستشار الجماعي باعتباره فاعلا محليا أساسيا إلى جانب المؤسسات الإدارية أو الاجتماعية والمحلية في إرساء تنمية محلية وازنة. وكل الرهانات في هذا الإطار تجعل من الانتخابات موضوعا ممتازا لها، حيث يحتدم الجدال حول مدى تحقيق انتخابات نزيهة وشفافة وبالتالي بلوغ جماعات محلية تمثيلية وديمقراطية، تجعل من الفعل السياسي المحلي فعلا ممكنا بالاعتماد على مساطر وتشريعات موازية. إنه إذن الطابع المسطري الذي يوجه الحكم المحلي وبتعبير أكثر دقة إن الحكم المحلي يرتكز على مشروعية مسطرية تؤطر كل رغبة لإصلاح مؤسسات الحكم وإعادة هيكلة القرار السياسي، على أن تبقى هذه المشروعية محصورة بين فاعلين أساسيين ألا وهما الدولة والجماعات المحلية، وكل هيكلة سوسيومجالية أو البحث عن توازنات جديدة والحد من ثنائية مركز هامش. و مشاركة كل الفاعلين في تدبير الشؤون العامة، سواء كانوا فاعلين منتمين إلى القطاع العمومي، أو إلى القطاع الشبه عمومي أو إلى القطاع الخاص، قاعدة أساسية لأي مشروعية يمكن الحديث عنها في هذا الصدد. إن هؤلاء جميعهم مطالبين بالتدخل في وضع وإعداد وتنفيذ برامج ومخططات السياسات العمومية، وخصوصا على مستوى تدبير الشؤون العامة المحلية لما تشكله من حلقة مركزية في سلسلة التنمية المندمجة والشمولية من وجهة النظر هذه. إن الرفع من مستوى دخل الأفراد ورفاهيتهم ومن درجة التنمية في المناطق والمدن والجهات يمر إذن عبر تبني هذه الإستراتجية الجديدة ودفع كل المعنيين إلى المشاركة في ذلك، وخصوصا بالمجتمعات الثالثية المعنية أكثر بهذا التصور، بالنظر إلى حجمها الديمغرافي من جهة، وحجم المشاكل والقضايا المتراكمة التي لم تساعد هذه البلدان على الارتقاء بساكنتها من مستويات أدنى إلى مستويات أعلى في سلم التنمية الدولي من جهة أخرى.