نظمت شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء ندوة علمية عن بعد في موضوع: علم أصول الفقه منهج تكامل بين المعرفة والواقع، نحو تفعيل الاجتهاد الفقهي ما بعد زمن "كوفيد 19" وذلك يوم الخميس 8 جمادى الثانية 1442ه الموافق ل 21 يناير 2021 ابتداء من الساعة العاشرة صباحا عبر منصة تطبيق زووم Zoom. تميزت هذه الندوة بمشاركة ثلة من الأساتذة الجامعيين والمختصين من داخل وخارج الوطن. الجلسة الافتتاحية ترأس أشغالها الدكتور عبد العزيز كارطي أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء، والذي استهل كلمته بتقديم موضوع الندوة، بعده أحال الكلمة للسيد هشام العاضمي لتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم. ثم أعطيت الكلمة للسيد الدكتور أحمد نصري رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بجامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، الذي بدوره رحب بالجميع، وشكر السيد عبد الحميد بالفاروق عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية الذي يشجع الملتقيات العلمية. وتمحورت كلمته حول أن العواطف والاحساسات لها تأثير مباشر على الجسم، واستشهد بالرازي الذي أوصى برفع الروح المعنوية للمرضى، وبكلام Alexis Carrel في كتابه "L'homme, cet inconnu" حيث قال: عندما تكون عواطف الحسد والكراهية والخوف مألوفة فإنها تصبح قادرة على إحداث تغيرات عضوية وأمراض حقيقة. بعد ذلك عرض برنامج الندوة، وقال إنها مقسمة إلى جلستين، وفي الأخير شكر عمادة الكلية والكاتب العام، وأثنى على الأستاذ الدكتور محمد المنتار صاحب فكرة موضوع الندوة وجميع أساتذة الشعبة، ولكل من ساهم من بعيد أو قريب في إنجاحها من عاملين بالكلية وطلبة الماستر والدكتوراه. واختتمت أشغال الجلسة الافتتاحية بكلمة للسيد الدكتور محمد المنتار نيابة عن اللجنة المنظمة، حيث أشار إلى أن الندوة كان مزمع تنظيمها أواخر الدورة الربيعية وتم تأجيلها نظرا للظرفية الوبائية التي عاشها العالم. ثم ذكر بأن منهج التكامل بين المعرفة والواقع في مجالات أصول الفقه يحيل إلى مجموعة من القضايا تتعلق بمستويات الفهم والتقويم والتنزيل، ومع ما استجد من قضايا في زمن كورونا تتعلق به مجموعة من قضايا الاجتهاد، جاءت هذه الندوة للإجابة عن مختلف التساؤلات. وأنهى الأستاذ مداخلته بشكر جميع الأساتذة المشاركين والسيد عميد الكلية وطلبة الماستر والدكتوراه. لتختتم أشغال هذه الجلسة الافتتاحية. في الجلسة العلمية الأولى الموسومة ب "علم أصول الفقه منهج تكامل بين المعرفة والواقع" ترأسها الدكتور أحمد نصري من جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، ومقرر الجلسة الطالب الباحث محمد البكراوي. أولى المشاركات للدكتور عبد الله معصر من كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله – فاس، عنوان مشاركته "استئناف القول في تقريب فقه الأصول". وقد تمحورت كلمته حول تفعيل المنهج التكاملي في علم الأصول، واستشهد بقول للشيخ أحمد زروق، حيث قال:" المتكلم في فن من فنون العلم، إن لم يلحق فرعه بأصله، ويحقق أصله من فرعه، ويصل معقوله بمنقوله، وينسب منقوله لمعادنه، ويعرض ما فهم منه على ما علم من استنباط أهله. فسكوته عنه أولى من كلامه فيه، إذ خطؤه أقرب من إصابته، وضلاله أسرع من هدايته". وتحدث عما ينبغي أن نكون عليه في دراساتنا الأصولية، والتكامل التداخلي داخل العلوم الشرعية الذي اتخذ درجتين: التراتب والتفاعل. وأشار إلى أننا نحتاج النظر في الآليات التي تطورت بها مضامين الأصول وهو النموذج القياسي الذي نحتاج فيه الرجوع إلى النصوص المؤسسة (القرآن والسنة) باستخدام مبدأ الاستقراء، بالإضافة إلى النظر إلى البعد الوظيفي لهذا العلم. وأضاف بأن أصول الفقه يتأسس على كليات قطعية، وتكامله مع بقية العلوم الإسلامية يجعل من النظام المعرفي الإسلامي في حاجة اليوم إلى إثمار هذه المضامين بوسائل منهجية تنظم ما يتعلق بالكتابة والتصنيف وتراعي المقتضيات التداولية والسياقية. تلته مشاركة بعنوان "أصل ما جرى به العمل نموذج الاجتهاد التنزيلي في المذهب المالكي: قول في المفهوم وضرورة استئناف الإعمال" للدكتور إدريس غازي أستاذ باحث بمركز دراس بن إسماعيل لتقريب العقيدة والمذهب والسلوك التابع للرابطة المحمدية للعلماء. ومن أهداف مداخلته كما أشار الوقوف على بعض معالم الاجتهاد التنزيلي عند علماء المغرب. ذكر الباحث ملحظين مهد بهما لموضوعه، أولهما يتعلق بالإشارة إلى أن أصول الفقه علم إسلامي أصيل، يمكن التمييز بين ثلاث جوانب متكاملة فيه، وهي: الجانب التأويلي مبناه على استخراج الدلالات الشرعية من النصوص، والجانب الاستدلالي ومداره على ضبط الأنساق الاستدلالية، والجانب التنزيلي متعلقه الاجتهاد. والثاني أصل ما جرى به العمل، عرفه بأنه القول الفقهي المبني على اختيار القول المرجوح حكما أو افتاء، وهو يتعلق باستحضار ثلاث أمور، المنهج والوظيفة والسياق. واختصر الباحث اعتبار هذا الملحظ في أربع اعتبارات حسب استقراء لقول الفقهاء: الأول إحياء داعية التفقه والاجتهاد، والثاني الرجحان ومقابله أمران نسبيان، والثالث تحكيم قاعدة العمل حسما لمادة الخلاف، والرابع تغير الأسباب موذن بتغير الأحكام المتنزلة على مقتضاها. وعرض شروطا خمسة ليكون جريان العمل به مصدرا للأحكام ذكرها أبو العباس الهلالي في كتابه "نور البصر": ثبوت جريان العمل، معرفة محلية جريانه عاما او خاصا في ناحية، معرفة زمانه، معرفة كون من أجري ذلك العمل من الائمة المقتدى بهم في الترجيح، معرفة السبب الذي لأجله عدلو من المشهور الى مقابله. ثم أحيلت الكلمة للدكتور فريد شكري من جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية بموضوع موسوم ب "أصول الفقه منهج تفكير" استهل موضوعه بمقدمة ذكر فيها أن أصول الفقه من العلوم الإسلامية المبتكرة وهو من أصول الفكر أيضا وليس للفقه فقط، وترشيد الفكر يعطي لنا ترشيد التدين. ذكر بأن المسلم يجب عليه أن يملك عقلية نقدية ولا يترك الفقيه يمارس عملية الاستنباط الفقهي وحده، ويمكن له ذلك بواسطة أصول الفقه. أشار بأن أصول الفقه لا يخرج من مبحثين: مبحث في المنهجية ومباحث في المرجعية، ومثل لهذا الأخير بأمثلة من الأدلة الأصولية: القياس وهو ما ثبت للأصل يثبت للفرع، وهو مثال منطقي بامتياز. الاستصلاح، هناك مصالح لا تشهد لها نصوص الشريعة إلا أن لها أصول وكليات الشريعة وهذا هو الاستصلاح، وهو تكير واقعي. سد الذرائع وهو تفكير للمتوقع، حيث إن الوسائل المباحة تتحول في المآل إلى وسائل محرمة بعد تفاعلها مع الواقع. العرف وهو دليل غريب كما أشار إليه المحاضر، وعرفه بأنك تتفاعل مع الواقع لأن الناس قد تعارفوا، واعتماده يعطيك تفكيرا واقعيا اجتماعيا. الاستصحاب أي أن تتعامل مع الأشياء والأشخاص والأفكار بطريقة فطرية لأنك تحسن الظن معها، وكل متاح مباح ابتداء ولكنك تنظر إليها بعقلية نقدية. الاستحسان وهو عدول عن قياس جلي إلى قياس خفي يحقق المصلحة ويرفع الحرج وهو تعديل لأخطاء القياس. وقبل ختام هذه الجلسة العلمية الأولى تم فتح باب النقاش من خلال عرض مجموعة من الأسئلة التي طرحها المتابعون على المنصة ليتفاعل معها الأساتذة المحاضرون بالإجابة عنها. في الجلسة العلمية الثانية عنون لها ب "علم أصول الفقه.. نحو تفعيل الاجتهاد الفقهي ما بعد ومن فيروس كورونا المستجد كوفيد 19″، ترأسها الدكتور مولاي المصطفى الهند من جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، مقررة الجلسة الطالبة الباحثة خديجة ازريويل. شكر رئيس الجلسة كافة الأساتذة المساهمين في هذه الندوة، وكذا اللجنة المنظمة خصوصا الأستاذ الدكتور محمد المنتار راعي هذه الندوة وجميع الحاضرين من طلبة وباحثين. المشاركة الأولى كانت للدكتور قطب الريسوني من كلية الشريعة جامعة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة، بعنوان "مبدأ العدول عند الأصوليين وأثره في نوازل كورونا". ذكر بأن مداخلته ستدور حول العدول، قسمها إلى شق نظري وشق تطبيقي المتصل بنوازل كورونا. أشار إلى أن مبدأ العدول في السياق الأصولي ارتبط استعماله بسياق ضبط الاستحسان عند متقدمي الحنفية. وقال بأن له مجال تطبيقي رحب في زمن الوباء، مثل له بثلاثة أمثلة تطبيقية، تعجيل الزكاة لتدبير الجائحة الوبائية، وترك المصافحة احترازا عن المرض الوبائي، التعديل في ثمن بيع الشقق على الخارطة الهندسية. ثم أحيلت الكلمة للدكتور عبد الله عبد المومن من الكلية المتعددة التخصصات بالسمارة جامعة ابن زهر أكادير، ليقدم مشاركة بعنوان "معايير التنزيل المصلحي بين الاجتهاد الفردي والجماعي في نوازل كورونا: مدخل نقدي أصولي"، حيث تناول فيها مدارسة نظرية نقدية لنوازل وباء كورونا، واستقراء معايير التي انبنى عليها النظر الاجتهادي الاصطلاحي في هذه النوازل الفقهية بين الاجتهادين الفردي والجماعي. بعده قدمت الدكتورة للا غيثة غزالي أستاذة بجامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية مشاركة بعنوان "جوانب من الحياة الأسرية زمن الوباء من خلال المعيار للونشريسي"، ذكرت أنه بعد اطلاعها على نوازل المعيار حول موضوع المداخلة، وجدت بأنها لا تكون داخل بيت الأسرة بل تتعداها إلى خارجها في السوق، التعامل بين الناس، الغلاء، المجاعة، التكافل بين الناس، النقص البشري، تغير السلوك. تلتها آخر مشاركة بعنوان "الاجتهاد في الزمن الوبائي: حتمية التفعيل وآليات التوظيف متعلقات زمن كورونا وما بعدها أنموذجا" للدكتور محمد المنتار من جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية. قسم مداخلته إلى أربعة محاور، الأول الاجتهاد في الزمن الوبائي، والثاني المبادئ الكلية لتفعيل الاجتهاد في الزمن الوبائي، ثالثا آليات التوظيف في الزمن الوبائي، رابعا مسائل أصولية متروكة في الزمن الكوفيدي. وأشار إلى أن الاجتهاد منهج في التطبيق للتعامل مع النوازل والمستجدات، وذكر أن ابن عاشور حدد خمسة انحاء لبيان تصرفات المجتهدين على تغير الأزمنة والأمكنة، وهي: فهم أقوال الشريعة، البحث عما يعارض الأدلة، قياس ما لم يرد حكمه في أقوال الشارع، تلقي بعض أحكام الشريعة الثابتة عنده تلقي من لم يعرف علل أحكامها ولا حكمة الشريعة في تشريعها. وفي ختام هذه الجلسة العلمية الثانية، تم فتح باب المناقشة من خلال عرض مجموعة من الأسئلة التي طرحها المتابعون ليجيب عليها الأساتذة المشاركون. ليسدل الستار على هذه الندوة بالدعوة إلى جمع أعمالها وطبعها لتكون في متناول الجميع. كتب التقرير الطالب الباحث: طارق أبدار من مركز تكوين الدكتوراه الفكر الإسلامي المغربي: الخصائص المنهجية والتحديات المعرفية جامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية.