أرخت جائحة فيروس كورونا المستجد بظلالها على احتفالات الشغيلة أمس الجمعة بعيد العمال، الذي قدر له أن يتم إحياؤه هذا العام، بدون مسيرات عمالية أو مهرجانات خطابية، كما جرت العادة في هذه المحطة السنوية، التي تقوم فيها النقابات العمالية بتقييم حصيلة التدبير الحكومي للقطاع العام والقطاعات المهنية على وجه الخصوص، والمطالبة بتعزيز حقوقها الدستورية. ويأتي الاحتفال بهذه المناسبة في ظروف تتسم بصعوبات استثنائية بالنسبة للشغيلة التي تضررت من تراجع الحركية الاقتصادية، وفقد عدد كبير منها لأعمالهم ووظائفهم بسبب حالة الطوارئ المعلنة، والحجر الصحي المفروض للحد من تفشي فيروس (كوفيد-19). في الزمن الكوروني، أثبتت وسائل التواصل الاجتماعي نجاعتها بكل جدارة في عدة مجالات وعلى عدة مستويات، ومكنت بالتالي في هذه المناسبة من الحفاظ على جذوة الاتصال والتواصل بين الشغيلة والمؤسسات النقابية التي تمثلها من جهة، وبين هذه النقابات والمؤسسات الحكومية باعتبارها الوسيلة المتاحة حاليا لإبلاغ صوت هذه الفئة من المجتمع في هذه الظرفية الصحية الاستثنائة. وهكذا، عمدت قيادات الاتحادات العمالية الأكثر تمثيلية، في عيد العمال الافتراضي، إلى ىث كلماتها ومطالبها عن بعد، عبر المواقع الإلكترونية والصفحات الرسمية لهيئاتها، إلى جانب مجموعة من الأنشطة والبرامج الإلكترونية المختلفة، إحياء لذكرى عيد بدون تجمعات عمالية، وذلك التزاما بالتدابير الاحترازية التي اتخذتها المملكة للحد من انتشار الوباء. وفي هذا السياق، ذكر وزير الشغل والإدماج المهني، محمد أمكراز، بمناسية عيد العمال، بالاتفاقيات الجماعية للشغل الثلاثة عشر التي تم توقيعها السنة الماضية، والتي همت مختلف القطاعات الإنتاجية (الصناعة والفلاحة والبناء والأشغال العمومية)، واستمرت مع مطلع العام الجاري، فضلا عن العديد من مشاريع اتفاقيات أخرى في طور التوقيع أو التبلور لولا تفشي هذه الجائحة. وتحت شعار "متضامنون حتى الخروج من الأزمة"، اعتبر الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، السيد الميلودي الموخاريق، في كلمة ألقاها عن بعد عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالمناسبة، أن التداعيات التي خلفها وباء فيروس كورونا المستجد تلزم الحكومة بمراجعة سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما منها المتعلقة بالقطاعات الحيوية، واعتبار قطاعي الصحة والتعليم، وباقي القطاعات الاجتماعية، أولوية وطنية. كما طالب السيد الموخاريق بحماية حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة وعموم المأجورين، وضمان الاحترام التام لقوانين الشغل والحريات النقابية والمفاوضات الجماعية، وتطبيق واحترام معايير العمل الدولية، إلى جانب تفعيل المقتضيات المؤسساتية والقانونية الكفيلة بتحقيق مقومات العدالة الاجتماعية، وإعمال المقاربة التشاركية مع الفرقاء الاجتماعيين في صياغة التشريعات الاجتماعية، وتدبير الأزمات الاجتماعية. من جانبها، ثمنت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (ك د ش)، تحت شعار "مواصلة النضال من أجل إعادة بناء الدولة الاجتماعية لمواجهة أزمات وصدمات المستقبل"، المجهودات المبذولة في وقتها ومكانها من طرف الدولة، من أجل التخفيف من آثار وانعكاسات جائحة كورونا، وكذا التدابير والإجراءات التي أعطت الأولوية لصحة وسلامة المواطنات والمواطنين، ب"استثناء إجراء رئيس الحكومة المتعلق بإلزامية المساهمة في الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا". وتقدمت (ك.د.ش)، في كلمة للمكتب التنفيذي تم بثها عبر منصة افتراضية، باقتراح يتعلق بتطوير مفهوم الحساب الخاص بتدبير جائحة (كوفيد 19) وتعويضه بصندوق وطني للطوارئ دائم يخضع لآليات الحكامة المتعارف عليها، مطالبة بضرورة إشراك الحركة النقابية في اتخاذ كل القرارات خاصة المتعلقة بالشغيلة ومجال الشغل. وبدوره، دعا الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عبد الإلاه الحلوطي، في كلمة له بالمناسبة بثت عبر صفحة الاتحاد الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، إلى صيانة الحقوق وتعزيز الحريات العامة لا سيما الحريات النقابية، وتحسين أوضاع الشغيلة المغربية. كما دعا إلى التعجيل بإخراج أنظمة أساسية عادلة ومنصفة ودامجة لمختلف الفئات التي لا تزال خارجها، مع إعادة النظر في منظومة الأجور وتحسين القدرة الشرائية لعموم الأجراء لاسيما المتقاعدين، وتخفيف العبء الضريبي، مع إقرار حد أدنى للأجر متماثل في مختلف القطاعات الإنتاجية، وضمان إجراءات السلامة والصحة المهنية للعمال والموظفين والمستخدمين والمرتفقين. من جهته، دعا الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، النعم ميارة، في كلمة بمناسبة فاتح ماي بثت عبر صفحة الاتحاد الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، إلى إعادة النظر في قانون الإضراب وإخراج قانون النقابات إلى حيز الوجود. واعتبر الاتحاد أن "جزءا أساسيا من الحريات النقابية والحوارات القطاعية ومجموعة من القضايا الفئوية العالقة، الاجتماعي لم يتم تنفيذها إلى الآن"، داعيا، في هذا الصدد، الحكومة إلى "تنفيذ مجمل ما تبقى من اتفاق 25 أبريل".