رمضان الكريم، شهر الرحمة و المغفرة و التواد و التراحم، في رمضان، يكون للعمل الإنساني طعم آخر يختلف عن سائر الأيام، يمتزج فيه حب الخير بسمو الروح، و يسابق فيه العباد إلى رحمة و مغفرة من الخالق عز و جل، و إلى كل عمل يقرب إلى ذلك. و من أجمل ما نرى في الشهر الفضيل، التفاتات فعاليات المجتمع المدني للفئات المحرومة و الفئات في وضعية صعبة، مبادرات نبيلة تساهم في نشر ثقافة التكافل و التضامن و التآخي بين كل فئات المجتمع، فلا تهميش ولا إقصاء، يصبح الكل وحدة متراصة، فتكون لحظات الفرح كأجمل ما يكون اللقاء. هاته السنة امتزجت فرحة المغاربة فأضحت فرحتين، فرحة بالشهر الكريم، و فرحة بعيد العرش المجيد الذي يصادف الذكرى الرابعة عشر لتولي صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله عرش أسلافه المنعمين، و من أجمل التفاتات هاته السنة، المبادرة الإنسانية النبيلة لجمعية العمل الآن من أجل المضيقالفنيدق التي قامت في إطار برنامجها نسائم الخير الرمضانية، و احتفالا بعيد العرش المجيد، بتنظيم مأدبة إفطار لفائدة النزلاء الأحداث بالسجن المحلي بتطوان، التفاتة بديعة قامت بها الجمعية بدعم من المنظمة المغربية الأمريكية MACO للمغاربة القاطنين بالديار الأمريكية، و جهة طنجةتطوان، والمديرية الجهوية للثقافة بجهة طنجةتطوان. بادرة جميلة جدا عاش خلالها السجناء الأحداث لحظات بهية من الفرح و الحبور، حيث استمتعوا بفقرة كوميدية مع الفنان الشاب محسن حمود، لينتقلوا بعدها إلى لحظات من السفر الموسيقي الراقي عبر إيقاعات الطرب الأندلسي و الأغاني الثراثية المغربية الأصيلة التي تتغنى بحب الوطن الغالي، و التي أبدع في عزفها كل من جوق المعهد الموسيقي بتطوان برئاسة المايسترو عبد العزيز حجي، و جوق تطوان الأندلسي برئاسة المايسترو المهدي الشعشوع، معزوفات ألهبت حماسة الأطفال الذين عبروا بكل عفوية و تلقائية عن حبهم الكبير لوطنهم و لملكهم، حب تجسد من خلال أدائهم الجماعي الرائع للنشيد الوطني، و هتافهم بحياة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي جعل من الدفاع عن الأطفال و المحرومين و السهر على حماية الرعية أهم أولوياته، لحظات جميلة عاشها كل الأطفال النزلاء و كل الحاضرين الذين أتوا لزيارتهم ومشاركتهم الاحتفال، و التي ميزها كذلك الحضور النبيل للوزير المفوض في وزارة الخارجية السيد إدريس قاسمي. أمام عمق إنسانية هاته البادرة من جمعية العمل الآن من أجل المضيقالفنيدق، نجد أنفسنا أمام موقف آخر عميق و قوي جدا، و هو مدى التلاحم و التآزر بين كل أبناء بلدنا سواء داخل الوطن أو خارجه، و لا أدل على ذلك من الدعم الكبير الذي قدمته " المنظمة المغربية الأمريكية" MACO، و هي منظمة تضم أبناء وطننا المقيمين بالديار الأمريكية، مغاربة بأرض المهجر، رغم بعد المسافات و رغم سنوات الهجرة الطويلة فقد بقي حب الوطن الغالي و انتمائهم لأرضهم و أهلهم متجذرا في نفوسهم الأصيلة، يلقنونه لأبنائهم و يزرعون فيهم حب الوطن و القيم و المبادئ، مغاربة رفعوا علم وطنهم بالغربة، كرموا انتماءهم لهاته الأرض الطيبة، فاستحقوا أن يفخر بهم الوطن أبناء أوفياء بررة، من مقامهم بالديار الأمريكية، يلتفتون للنزلاء الأحداث بتطوان، يبنون جسراتصال متين بينهم و بين أحبتهم بالوطن الغالي، فحق علينا أن نقف باحترام أمام بادرتهم الإنسانية العظيمة الأثر، العميقة المعنى، البديعة الدلالات على مدى عمق أواصر الترابط بين أبناء وطننا مهما ابتعدت المسافات ومهما طال الغياب، و أن نتوجه بالتحية و التقدير لكل أبناء وطننا ب"المنظمة المغربية الأمريكية" و لرئيس المنظمة الفاضل السيد محمد كمال عبد الإله الذي حمل على عاتقه مسؤولية تسيير المنظمة في جو من التناغم و الاحترام و التسامح و التفاهم بين أبناء وطننا بالديار الأمريكية و بين كل الناس. فحياك الله يا وطني وحيا أبناءك الكرام بالداخل و الخارج على متانة تآزرهم و تآخيهم والتفاتهم البديع لكل أبناء وطنهم المحرومين الذين فرضت عليهم الحياة عيش ظروف صعبة، و كل رمضان و المغاربة من كل الأرجاء في محبة وتضامن والتفاف جميل حول مولانا محمد السادس نصره الله الذي يبادل شعبه حبا بحب ووفاء بوفاء. ثريا اشعايري