بمناسبة اليوم العالمي للإذاعة الذي يصادف ثالث عشر من فبراير من كل سنة ، الزميل الصحفي أحمد المرابط مندوب الموقع الإخباري تطوان بلوس بطنجة والناحية ، يوظف لنا مذكرة والده الإعلامي الإذاعي المتميز الراحل عبد السلام المرابط ، الذي كان يعمل في إذاعة أجنبية و يُعد من المؤسسين الأوائل لإذاعة طنجة حين تأسيسها ، عمل بها معداً للبرامج ومذيعاً للأخبار كما التحق بتطوان بعد انقلاب الصخيرات مندوبا للإذاعة الوطنية ، حاصل على وسام الإستحقاق الوطني من الدرجة الأولى وشحه الملك الراحل الحسن الثاني ، ونجله كما أسلفنا الذكر يخرج لنا مذكرات من لحظة إحباط إنقلاب الصخيرات إعلامياً من إذاعة طنجة وهذا مقتطف من المذكرة يقول الزميل أحمد المرابط مندوب الموقع الإخباري تطوان بلوس بطنجة والناحية : 1. عندما هاجمت القوات الإنقلابية القصر الملكي بالصخيرات ... وهاجمت كذلك الإذاعة المركزية بالرباط وأعلنت إذاعة الرباط الإطاحة بالنظام الملكي وعهد النظام الجمهوري بالمغرب ما هي إلا كذب وافتراء على الرأي العام ... كنا في منزل جدي والعائلة جلوس ، يحلل جدي العالم الفقيه سيدي قاسم بن قاسم المرابط فحوى ما تردده إذاعة الرباط في استغراب واستفهام غير منطقي ؟ وكان والدي قد عاد من عمله في الصباح الباكر بعدما أن قام ليلة كاملة بالتغطية إذاعية للإستعراض والحفل الكبير الذي شهدته مدينة طنجة في ذكرى ميلاد الملك الحسن الثاني رحمه الله طيلة يوم تاسع يوليوز ألف وتسعمائة وواحد وسبعون ميلادية وهو عيد الشباب إلى ساعة متأخرة من الليل وعاد منهمكاً ، كان ذلك اليوم هو اليوم الثاني من عيد الشباب ، لم نوقظ الوالد الذي كان يغط في نومه بعد يوم شاق أمس كما ذكرنا سالفاً إعتقدنا ...أن ما تردده الرباط هي مسرحية تشكيلية كما قال جدي غير مرغوب فيها ، مؤكداً أن أصحابها ومن بثها سيتعرض لمساءلة والعقاب ، لم يكن الشارع متيقناً بحقيقة ما يجري.... حقاً من يعرف الحسن الثاني لن يقدر أن يتجرأ عليه ... ونحن كذلك كنت حينها صغير السن ..سمعنا طرقات قوية على الباب ، نهضت دون شعور وفتحت الباب لأجد أمامي رفيق درب والدي الأستاذ جمال الدين العسري الذي كان حينها محافظاً على إذاعة طنجة فقال بصوت جهوري : عبد السلام المرابط مطلوب حالاً }} والدتي الشريفة للا مليكة المساوي هبت في رعب وهرعت إلى غرفة النوم وأخبرت الوالد بما كان يُلقى في التلفاز والإذاعة المركزية من الرباط وأخبرته أنه مطلوب وينتظرونه حالاً ، بسرعة لاتتعدى ثواني كان والدي قد لبس ملابسه والتحق بالأستاذ جمال الدين العسري ، في حينها أطل جدي العالم الفقيه سيدي قاسم المرابط من النافذة وقال : الله أكبر .. ترى أين وجهتهم .. ؟؟ } وكان جدي رحمه الله يتساءل حينما رأى والدي وقد أركبوه سيارة الكمندار الزموري مدير ديوان عامل طنجة حينها حسني بن سليمان وغادرت بسرعة باب المنزل ؟؟؟
في قلب إذاعة طنجة تتفرق المهام بسرعة ، وتبدأ الحرب على أعداء الملك والوطن ، حوالي الساعة السابعة مساء ، إذاعة طنجة تستعد لتعلن تجديد بيعتها للملك ، تتوصل برسالة عاجلة من وكالة الأنباء الفرنسية { فرانس بريس } فحواها أن ملك المغرب حي يرزق في قصره ، ولم يعثر عليه الخونة ، حظي والدي رحمة الله عليه عبد السلام المرابط بشرف استسلام الرسالة وأعاد صيغتها بكتابتها على الآلة الكاتبة ( لم يكن حينها حاسوب ) وسلمها للسيد مصطفى عبد الله ...هناك تضاربت الأقوال في من أعلن البلاغ الذي يُفند ما كانت تردده إذاعة الرباط ، الحق والحق يقال .. هنا لا نكذب على أحد .. ولكن يُعتبر أول من قرأ البلاغ هو الأهم... بما أن مصطفى عبد الله كان من قيدومي مُدراء إذاعة طنجة حظي بقراءة البلاغ الأول إلى الرأي العام عبر أثير إذاعة طنجة فحواه هو أن النظام الملكي باق وسيظل دائماً وأبداً .... في ظل العرش العلوي وبقيادة الملك الجالس على العرش .... وعاش الملك .. وهكذا بدأت الناس تقتني أجهزة الراديو في لهفة لتعرف حقيقة مايروج في الإذاعة عن الحدث ، أجهزة الراديو حينها كادت أن تفتقدها الأسواق لأن في تلك الحقبة لم يكن ( البارابول ) ولا المواقع الإليكترونية ولا الأنتيرنيت ولاالهواتف النقالة ، كانت فقط الجرائد المكتوبة و الإذاعات الجهوية والمركزية وقناة واحدة في المغرب تبدأ في برامجها في الساعة السادسة مساء وتنتهي في الثانية عشرة ليلاً ، وهكذا دقت إذاعة طنجة طبول الحرب على أعداء الملك والوطن ، كانت الثكنات العسكرية كما ذكرنا قد دخلت في قشرتها كما تدخل السلحفة في قشرتها في فصل الشتاء عندما سمعت أن إذاعة الرباط تصدر بلاغاً كاذباً وتردد نهاية النظام الملكي بالمغرب .. والجيش المغربي عبر التاريخ خصوصا في عهد الدولة العلوية وفي ومُخلص للملك وللعرش وما الإنقلابيين إلا قلة من الحثالة ..كانت الثكنات تنتظر الفرج ..فجأة سمعت الثكنات العسكرية إذاعة طنجة تعلن أن الملك حي يرزق .. وعليه تحرك الجينيرال البوهالي المفتش العام للقوات المسلحة الملكية حينها بمعية كوكبة عسكرية من فوج لواء الأمن الخفيف للجيش المعروف بإسم كودي { باطايون دْ جْليسْ } بمهاجمة القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية ليجد هناك اليوتنان كلونيل اعبابو قائد الإنقلابيين يرشح نفسه رئيساً للجمهورية وهمية بالمغرب ، وبدأ إطلاق النار ين الجنود وبين القادة ، استشهد خلالها الجينيرال البوهالي وأما اعبابو فقد أصيب بطلقة نارية ... وأخذ يتوسل من أحد رفاقه المقربين أن يجهز عليه حتى أطلق عليه النار رفيقه عقا وأرداه قتيلاً وهكذا قضي على قائد الإنقلابيين ، من هناك تحركت وحدات عسكرية نحو الإذاعة المركزية بالرباط واعتقلت المتمردين من سبق وهاجموا إذاعة الرباط وقصر الملكي بالصخيرات ،والفضل يرجع لله تعالى أولا وللجينيرال حسني بن سليمان الذي شغل بعدها عاملاً لإقليمالقنيطرة و قائداً عاماً للدرك الملكي والذي كان حينها في يوم الانقلاب عاملاً لجلالة الملك على مدينة طنجة ، وكذلك يرجع الفضل وكل الفضل لإذاعة طنجة وطاقمها جمال الدين العسري و بن عمر وعمر الريفي وعمار ومصطفى عبد الله والزكاف ومصطفى البشاري ومنهم والدي المرحوم عبد السلام المرابط وغيرهم ... إنهم فتية آمنوا بربهم وزادهم هدى ... مخلصين للشعارهم الخالد .. الله .الوطن .الملك ... كانت إذاعة طنجة تتوقف عن الإرسال في الساعة 12 ليلا ..بيدا ذلكم اليوم عاشر يوليوز 1971م بعد أن تمت تهدئة الأوضاع توقف الإرسال حتى 2 صباحاً ، هناك تكلف السيد عبد السلام الصنهاجي وهو مسؤول بعمالة إقليمطنجة بالمأكل والمشرب لطاقم إذاعة طنجة الذي توصل بتعليمات أن لايغادروا تلك الليلة الإذاعة ، واتخذ والدي وزملاءه تلك الليلة طاولات الإذاعة فراشاً وعُلب الأشرطة الغنائية في أرشيف الإذاعة التي كانت من الزنك وسادات للنوم .
اليوم الثاني بعد الإنقلاب الأحد 11يوليوز 1971م ... بزغ فجر يوم جديد .. يوم إنتعش فيه المغرب وتنفس صعداء بالإنتصار على الإنقلابيين ، حينما كان والدي يتقلب من نومه مع زملائه على الطاولات بإذاعة طنجة في تعب شديد ، مرتاحين الضمير على وفائهم لله والوطن والملك ، كنا في المنزل نجهل مصيره فقررت والدتي الشريفة للامليكة المساوي أن نتفقده ... قصدنا محطة إذاعة طنجة .. فأوفقنا جنود مدججين بالسلاح أحدهم وجه فوهة السلاح تجاهنا ،كنت حينها صغير السن فصرخت في هلع وأخذت بتلاليب جلباب الوالدة ، مختفياً وراءها قال أحدهم ما فحواه إنا هنا نحميه ونحمي زملاءه ولانثق في أي زائر جديد لإذاعة طنجة ، وهكذا إرتاح قلب والدتي على والدي وكذلك نحن ، ويومه الثلاثاء 13يوليوز 1971م بعد محاكمة بالمحكمة العسكرية بالمغرب تم إعدام كبار الضباط المتورطين في الإنقلاب وأحيل بعضهم إلى معتقل تازمامارت وعاد والدي إلينا سالماً وقضي الأمر الذي كنتم فيه تفتنون ....وعاش الملك وعاش العرش العلوي )) كانت هذه من مذكرات الإذاعي الراحل عبد السلام المرابط والد الزميل أحمد المرابط مندوب الموقع الإخباري تطوان بلوس بطنجة والناحية عرضناها بمناسبة اليوم العالمي للإذاعة 2020 ميلادية ,