*عصمت دوسكي يبحر بنا إلى مداه الجمالي والإحساسِ والإبداعي أنيس ميرو - زاخو مع بداية العام الجديد يطل علينا الشاعر والناقد عصمت شاهين دوسكي بقصيدة " عام بعد عام " وهي تحمل في طياتها عوالم ممزوجة بصور المحبة والجمال والمآسي والمعاناة ، هذه القصيدة التي كتبها شاعرنا القدير والأديب المرهف الإحساس وحامل هموم الإنسانية والوطن والقلوب التي تنبض بحب الوطن والأرض والعشق السامي. هذه القصيدة التي أختار لها عنوانا مناسبا " عام بعد عام أين الخلاص ؟ " غاية في الجمال والروعة من حيث المضمون والمعنى الإنساني حيث الجرأة المميزة التي نادرا ما نراها بأسلوب دقيق وبسيط يلامس القلب والروح وحينما تقرأها لا تود أن تنتهي أبدا ، هذا حال الأدباء الشرفاء في العالم العربي والإنساني ، العالم العربي الذي يتخبط بين انفعالات رهيبة أساسها استغلال الحكام للرعية ويكاد من الجمل لا يصل للشعب حتى أذنه أو عظمه ،استغلال وسرقة للمال العام وتحويله لحسابات أجنبية أو دفنه في مكان ما لعل بعد قرن يكتشف من قبل الآخرين !! على أساس انه كنز و لكنه كنز شعب تم سرقة استحقاقاته ظلماً لشخص جشع ينقصه الإيمان وحب الوطن والإساءة لشعبه حيث من دونه لا يساوي قرشاً من ما سرقه ، و القصيدة تتطرق للإحساس وللضمير الإنساني وكم افتخر بقلمه و بجرأته وإصراره بالتشبث بالقيم الإنسانية والجمال والحب رغم مرارة عيشه ومعاناته مع الألم والفاقة والحاجة والحرمان في وطن انعم الله على هذا الوطن والشعب بثروات لا تقدر ولكن يتم سرقتها من قبل أشخاص معدودين بلا ضمير . ( لملمي أشلائي فأنا بقايا مبعثرة من أشلاء أنت قدر ، أميرة صوت عذب بين كل النساء أنت أسطورة كبرى بين أساطير الحب والوفاء أنت ملكة على الأرض ومن أساء إليك ، لنفسه أساء ) . قصيدة " عام بعد عام ، أين الخلاص " بداية السنة الجديدة 2020 م إشارة وإيحاء وطاقة إيجابية للتغير نحو الأفضل ولعل تتغير أمور كثيرة ملت منها جماهير الشعب ومن هذا الإجحاف واللا مبالاة بالمواطنين من سماسرة وتجار الوطنيات وسارقي أموال الشعب في كل مكان ، ولكن قلبه المليء بالإيمان والذي ينبض بالحب لهذا الوطن و يتغزل بحبيبته وبالعراق وكوردستان العراق لعلها تنتصر وتفك القيود من كل العيون والقلوب وتصل إلى أحلامها البريئة وكفايتها وكرامتها الإنسانية فيقول في مقطع آخر. ( عام بعد عام يخرج الأحبة يشتروا هدايا الميلاد للأصدقاء إلى كل شاعر يحمل رسالة إلى البحر ، إلى البيداء إلى كل قلب محب لا يترك القلوب المعذبة في الفناء إلى كل غادة جميلة تعشق المرآة بروح ونقاء ) . ينطلق هذا الأديب والشاعر الكبير عصمت شاهين الدوسكي ليذكر الجماهير في العراق والعالم ويطلق صرخته وأحلامه الإنسانية التي تعتبر حق مشروع لكل إنسان أن يعيش بكرامته وحياته التي يريدها خالية من الآلام والقتل والأزمات والحروب والخراب والجهل والفساد . (عام بعد عام حلم أن لا أرى على الأرض وجع الفقراء .. !! حلم أن لا أرى اليتيمة على قبر الشقاء .. !! حلم أن لا أرى الثكلى في زوايا البكاء .. !! حلم أن يكون وطني ... وطن الأنبياء .. !! ) . وطناً حرًا لشعبه وثرواته تخصص لهذا الشعب. لا لكي تسرق أو تحول لجهات ما خارج الحدود ولكن الشعب انتفض ليغير هذه المعادلة لصالحه بعد رحلة العذاب من بعد سنة 1958 لغاية هذه اللحظة ، القصيدة تأخذ صور رمزية واقعية فمن العذراء إلى "هيرودس " إلى حلم اللقاء صور عميقة ودقيقة تبحث عن الخلاص ، الخلاص الذي يشفي الجميع ويكون بلسما للروح والفكر والجمال والمحبة في عوالم الإنسانية . (عام بعد عام ( هيرودس ) لم يمت يبحث عن عذراء يبحث عن صوت الحق ليكون ضمن الدماء شجرة النخيل تساقط رطباً شهياً بعد ولادة من رحم حواء أنظري إلى أين وصلنا أيتها النقية ، الطاهرة ، عذراء ؟؟ ********* عام بعد عام أوطان ترحل إلى المجهول والضمير يركن في عش العنقاء سيدتي .. نسينا كل شيء والأصالة غفت بين رمال الميناء لعب ، لهو ، هذيان ... نحيا على هامش من الحياء ننتظر الخلاص ، أين الخلاص آه من أحلام الأبرياء ؟؟ ) . ومن أبواب الخلاص يستغيث ليصل إلى حلم اللقاء .. اللقاء الذي يحمله منذ خمسين عاما ، يكبر معه يشعر به يتحسس وجوده في رياض الروح بين الجنان وصوت البلابل وخرير المياه وهامات الجبال ونقاء الوديان ومساحة الرمال وصخب البحر ، يحمل هواجسه ولوعته واشتياقه ، قد يكون اللقاء بعيدا ولكن في قلبه ليس مستحيلا .. (عام بعد عام لست كئيباً يا سيدتي لملمي أشلائي المبعثرة مثلك أحلم بالرياض الغناء بصوت البلابل على الأيكة صباح مساء بحضارة فيها النور، الورود ، العقيق وشوق حب ووفاء بروح وقلب وحس ينتفض عندما يحين اللقاء عندما يكون اللقاء ) . هكذا يعتلي الشاعر عصمت شاهين دوسكي جواد شعره وصوره وقوافيه وموسيقاه العذبة ليبحر بنا إلى مداه الجمالي والإحساس والإبداعي الذي لا ينتهي والتي كنت أتمنى أن تتغنى هذه القصيدة لتصل إلى قلوب العالم .