احتضن مقر جهة بني ملال_خنيفرة، يوم الجمعة 23 غشت الجاري إجتماعا موسعا، في إطار الجولة الميدانية التي يقوم بها السيد أنس الدكالي وزير الصحة لجهة بني ملال_خنيفرة، من أجل تشخيص واقع الصحة بالجهة. وترأس أنس الدكالي هذا الاجتماع الذي حضره 8 أعضاء من أصل 53 عضوا بمجلس جهة بني ملال_خنيفرة، مما يطرح علامة إستفهام كبيرة عن مشكل الصحة بالجهة المتغيب عن جدول اهتمامات أعضاء المجلس. وحضر هذا اللقاء كل من والي جهة بني ملال_خنيفرة وعامل عمالة بني ملال، وعاملي إقليميأزيلال والفقيه بن صالح والكاتبين العامين لإقليميخنيفرةوخريبكة، إلى جانب مسؤولي الصحة، وعدد من برمانيي الجهة، ورؤساء المصالح الخارجية، من اجل مناقشة عدد من القضايا المرتبطة بالشأن الصحي وسبل تطويره وتحسين الخدمات الصحية، وتوج هذا اللقاء بتوقيع بروتوكول اتفاقية شراكة وتعاون من أجل إنجاز برنامج تعزيز وتأهيل البنية التحتية الصحية بجهة بني ملالخنيفرة. وبهذه المناسبة ألقى والي جهة بني ملال_خنيفرة، وعامل إقليمبني ملال السيد الخطيب لهبيل، في كلمة أشار من خلالها أن هذا الاجتماع يأتي في سياق المجهودات الهادفة إلى تصحيح اختلالات توزيع عرض العلاجات على صعيد جهة بني ملال_خنيفرة، ومعالجة نواقصه وذلك بالارتكاز على مقاربة شمولية تهدف إلى تنظيم هذا العرض بطريقة عقلانية، تشاركية ومتوازنة. وأنه يعد فرصة للتباحث واقتراح الحلول لمعالجة الاكراهات التي تعيق تطور القطاع الصحي بهذه الجهة، لضمان الولوج للعلاج وتقريب الخدمات الصحية من الساكنة المعوزة، مع إعادة التوازن لعرض العلاجات لفائدة ساكنة المناطق النائية، وضمان جودة تفاعل منظومة العلاجات والتكامل بين القطاعات وتوفير عرض صحي فعال، وذلك انسجاما مع التوجيهات والإرادة الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. وفي نفس المضمار، أعرب الخطيب لهبيل، أن جهة بني ملال_خنيفرة، تزخر بثروات طبيعية وبشرية ومؤهلات فلاحية وسياحية ومنجمية مهمة، مكنتها من احتلال مكانة متميزة بين جهات المملكة. فهذه الجهة التي تتكون من 5 أقاليم و 135 جماعة، تمتد على مساحة 28.374 كلم مربع أي ما يمثل 4% من المساحة الوطنية، و يبلغ عدد سكانها 2.581.527 نسمة أي ما يمثل 7,45% من إجمالي سكان المملكة. أما نسبة التمدن، فتبلغ 49,1 % ما يعني أن نصف ساكنة الجهة تقطن بالعالم القروي والجبلي. إلا أن استغلال الإمكانيات التي تتميز بها الجهة وترجمتها على أرض الواقع يضيف والي جهة بني ملالخنيفرة يبقى محدودا رغم المجهودات المبذولة لتثمين هذه المؤهلات وتثمين المشاريع المهيكلة التي تعرفها هذه الجهة، فمناصب الشغل التي خلقتها الجهة برسم سنة 2016 والتي تقدر ب 4900 منصب شغل، لازالت بعيدة كل البعد عن حاجيات الجهة التي تقدر ب 16800 منصب شغل جديد، مما يجعل الجهة لا تلبي داخليا إلا 29,2% من حاجيات سوق الشغل الجهوي، وهذا ما جعل نسبة الفقر المتعدد الأبعاد بالجهة والتي تبلغ 13,4%، تبقى مرتفعة مقارنة مع نسبة المعدل الوطني المحددة في 8,2%، أما نسبة الأمية فبلغت 49.4% بالنسبة للإناث و 27.4% بالنسبة للذكور أي بما مجموعه 38.7 في المائة، و هو ما يجعل هذه الجهة الأولى على الصعيد الوطني من حيث ارتفاع نسبة الأمية. وأمام هذا الوضع الهش الذي يميز شريحة عريضة من ساكنة الجهة. قال ذات المتحدث، أن جهود كبيرة بذلت من طرف وزارة الصحة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبرنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، من أجل النهوض بالقطاع الصحي بهذه الجهة وضمان توفير العلاج وتحسين الولوج إلى الخدمات الصحية للساكنة في ظروف مواتية. وقدم لهبيل، صورة مفصلة عن الوضع الصحي بالجهة، حيث تتوفر على 264 مؤسسة للرعاية الصحية الأولية، 47 مؤسسة بالوسط الحضري و 217 مؤسسة بالوسط القروي، وهو ما يمثل مؤسسة للرعاية الصحية الأولية لكل 9708 نسمة، حيث تمثل هذه النسبة 1/11943 نسمة على الصعيد الوطني. كما أن الجهة تتوفر على 11 من المستشفيات بطاقة استيعابية تقدر ب 1466 سرير، أي بنسبة سرير لكل 1757 نسمة، في حين تمثل هذه النسبة سرير لكل 1536 نسمة على الصعيد الوطني. ويناهز مجموع موظفي الصحة بالجهة 3233 موظف، منهم 574 طبيب أي بنسبة طبيب لكل 5055 نسمة ( الوطني : 1/4040)، و 2150 ممرض، أي بنسبة ممرض لكل 1694 نسمة (الوطني 1/1339). غير أن الجهة يضيف السيد الوالي تعاني من نقص مهم في المؤسسات الطبية الاجتماعية العمومية، كما أنها لا تتوفر على مركز لمعالجة الإدمان ومركز للعلاجات الملطفة، ومركز طب الشيخوخة، ومركز لعلاج الأمراض النفسية للإناث. ليخلص والي جهة بني ملال_خنيفرة إلى التأكيد على هذه المؤشرات تدل على أن العرض الصحي بالجهة يبقى دون المستوى الوطني ودون متطلبات وحاجيات المواطنين، مسجلا بعدم الارتياح الحالة غير اللائقة التي أصبح عليه الوضع الصحي بالجهة، والمتمثلة في تقادم بنايات بعض المؤسسات الاستشفائية التي أصبحت قديمة ومتهالكة وعدم قدرتها على استيعاب الضغط الكبير الذي أصبحت تعاني منه خاصة بالعالم الحضري، ناهيك عن النقص الحاد في التجهيزات والموارد البشرية الذي تعاني منه المؤسسات الصحية خصوصا بالعالم القروي. وقال الخطيب لهبيل إن القطاع الصحي بالجهة عانى من مجموعة مضاعفات اجتماعية ومادية مرتبطة أساسا بالنمو الديمغرافي المتزايد خلال السنين الأخيرة والهجرة القروية المتسارعة نحو المراكز الحضرية والمدن، مما ساهم في تفاقم العجز في تقديم الخدمات الصحية المقترحة وضمان جودتها. وارتباطا بهذا، وفي إطار المجهودات التي تبذلها وزارة الصحة وولاية ومجلس جهة بني ملال_خنيفرة، والرامية إلى تعزيز وتأهيل البنيات التحتية الاستشفائية من أجل تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين على مستوى هذه الجهة، أكد والي جهة بني ملال_خنيفرة أنه تم الاتفاق على عدة مشاريع في إطار بروتوكول اتفاقية شراكة وتعاون بغلاف مالي يصل إلى 912 مليون درهم، والذي تم التوقيع عليه خلال هذا الاجتماع من طرف وزارة الصحة والولاية والجهة، حيث ستتكلف وزارة الصحة بتوفير مبلغ مالي قدره 612 مليون درهم، فيما مجلس الجهة فانه سيتكلف بتوفير 300 مليون درهم. وأشار السيد الوالي إلى أن هذه المشاريع ستهم بالأساس بناء وتجهيز مستشفى ملحق بالمركز الاستشفائي الجهوي بسعة 250 سريرا ببني ملال، وذلك للتخفيف من الضغط والاكتظاظ الذي يعرفه المستشفى الجهوي ببني ملال والناتج عن العدد الهائل للمرتفقين الوافدين من كل أنحاء الجهة على هذا المستشفى والذي نتج عنه تفاقم معاناة المرضى مع المواعيد الطويلة الأمد، رغم المجهودات المبذولة لتنزيل مبادرة "صفر موعد للعمليات الجراحية بالمستشفيات العمومية". كما ستهم هذه الاتفاقية بناء وتجهيز مستشفى إقليمي بسعة 120 سريرا بأزيلال، هذا المستشفى الذي تم توفير العقار لبنائه، سيمكن من توسيع العرض الطبي والرقي بخدماته بإقليمأزيلال الذي يعرف بشساعة مساحته والطابع القروي والجبلي والتضاريس الصعبة التي تميز مجاله الترابي والتي ساهمت في عزلة عدة تجمعات سكنية وشكلت عائقا كبيرا في تنقل الساكنة خاصة في فصل الشتاء. هذا ومن مكونات برنامج موضوع هذه الاتفاقية كذلك، بناء وتجهيز مستشفى جهوي للأمراض النفسية والعقلية بسعة 120 سريرا ببني ملال، هذا المستشفى سيعزز البنية التحتية الاستشفائية بالنسبة للأمراض النفسية والعقلية بالجهة التي تفتقر إلى مؤسسات استشفائية في هذا التخصص. كما يشتمل البرنامج موضوع هذه الاتفاقية على عدة مشاريع تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الاستشفائية في عدة تخصصات وبمختلف مدن الجهة، هذه المشاريع هي : -بناء وتجهيز مصحة النهار ومركز جراحة الأورام السرطانية ببني ملال، الذي سيمكن من تقليص معاناة المرضى وتقريب العلاج منهم. -بناء وتجهيز مركز جهوي لتحاقن الدم ومركز جهوي مندمج للترويض الطبي ببني ملال، الذي تبقى الجهة في أمس الحاجة إليهما، وذلك على غرار الجهات الأخرى للمملكة. -بناء معهد عالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة ببني ملال، وذلك لتوفير وتقوية فرص التكوين لشباب الجهة في مهن التمريض. كما سيشمل برنامج الاتفاقية، تأهيل المستشفى الإقليمي الحسن الثاني بخريبكة، توسعة وتجهيز مستشفى القرب بمريرت، وتأهيل وتجهيز مستشفى القرب بواد زم. في أفق مواصلة الجهود الهادفة إلى التقليص من معاناة ومشاكل ساكنة الجهة الصحية، وتطوير وتوسيع العرض الصحي بالجهة، أكد والي الجهة أنه آن الأوان للتفكير في تبني مشروع إنجاز مركز استشفائي جامعي بمواصفات من الجيل الرابع، مع العمل على إخراج مشروع بناء كلية الطب للوجود، مما سيساهم لا محالة في تطوير البنيات الاستشفائية وتوفير التكوين الأكاديمي في مجال الصحة على مستوى جهة بني ملال_خنيفرة، وتعزيز الخدمات الصحية الأساسية وتقريبها من الساكنة الذين لن يكونوا في حاجة إلى التنقل إلى الرباط من أجل إجراء جراحات معقدة أو الخضوع لبعض العلاجات الصعبة. وشدد والي الجهة على أن السلطات الجهوية والإقليمية والهيئات المنتخبة وكل المصالح المعنية ستبقى في خدمة هذا القطاع الحيوي الذي يعتبر من القطاعات الحساسة لارتباطها الوثيق بالحاجيات المجتمعية اليومية غير القابلة للتأجيل أو التقشف والتساهل في تدبير خدمة أساسية تعد حقا من الحقوق الأساسية التي تضمنها الرعاية الملكية السامية وينص عليها الدستور والمواثيق الدولية والإنسانية. وقد توج هذا الاجتماع بتوقيع بروتكول اتفاقية للشراكة والتعاون بين وزارة الصحة، وولاية جهة بني ملال_خنيفرة، ومجلس الجهة، من أجل إنجاز برنامج تعزيز وتأهيل البنية التحتية الصحية بالجهة خلال الفترة 2020- 2024. وخلف هذا اللقاء موجة غضب واستنكار كبيرين، خاصة من ساكنة إقليمخريبكة، بسبب تجاهل الوزارة الوصية للقطاع الصحي بالاقليم الذي يشهد ترديا في الخدمات، ونقص حاد في الأطر الطبية والتقنية... إلخ. وشهدت مدينة وادي زم نهاية الأسبوع المنصرم، مسيرة احتجاجية للتنديد بتردي الخدمات الصحية بالمدينة، تزامننا مع زيارة وزير الصحة أنس الدكالي، بمشاركة فعاليات سياسية، نقابية، ومدنية، وجابت المسيرة الاحتجاجية شوارع المدينة من اجل التنديد بالواقع المزري للقطاع، كما هو الحال بعاصمة الفوسفاط خريبكة فالوضع لا يختلف كثيرا عن وادي زم الشهيدة، حيث تزامنت زيارة الوزير مع تداول مقطع فيديو بمواقع التواصل الاجتماعي لسيدة فقدت جنينها امام قسم الولادة بالمستشفى الإقليمي الحسن الثاني بخريبكة، في صورة يندى لها الجبين وبعيدة عن الظروف الإنسانية المكفولة للمواطنات والمواطنين.