" لا أركض وراء شهادة ورقية أنا الشهادة، أنا الهوية، أنا الأجمل فهل تبحث لي عن عمل أم أحمل وطني وأرحل..؟ " ( للشاعر عصمت شاهين دوسكي )
ومضة شعرية تحمل بين طياتها رسالة إنسانية عن مدى وجود التناقضات الواضحة في مجتمع تغلب عليه الزبونية والمحسوبية والجهل والفساد والتنكر للكفاءات العلمية والفكرية، مجتمع يسيره الجهل والأميون، مجتمع يطغى عليه الفكر المستبد والتعنت، والركود والموت وهم أحياء ،مجتمع من أولوياته طمس العقول الواعية ، وتزكية كل سفيه دنيء لتسيير دواليب الفساد والظلم والطغيان. هنا الشاعر عصمت شاهين دوسكي شاعر الإنسانية السمحاء بدون منازع شاعر يتكلم بلسان المقهورين و المعوزين والفقراء والبسطاء ، شاعر يحمل لواء السلم والعلم والفكر منفي غير مقبول ..!! يجول بين دهاليز وترهات مجتمع فاسد ليوصل رسالة العلماء المنسيين والعمال المضطهدين والأدباء المنفيين والفقراء الحائرين لأناس يحكمون بالسيوف والسياط والمناصب والكراسي الملمعة بالجاه والزينة والخمر والجاريات ،لا يعرفون للحق طريق وللواجب مسار، الشاعر أبى أن يركض وراء شهادة ورقية لا تصلح ولا تفيد ولا تغني من جوع ، لأية مصلحة رغم أن الشهادات متعددة ولكن رفضها من طرف الشاعر جعلها دون قيمة ومصيرها سلة المهملات و قمامة نفايات التاريخ، فالشاعر عصمت شاهين دوسكي رفض كل أنواع الشهادات العلمية وشهادة الزور والبهتان ضد إخوانه البسطاء من طينة الوطن المكلوم. الشاعر الشامخ و الحامل هم الوطن بين جدران قلبه الطاهر النبيل يعلن للجميع أنه هو الشهادة بنفسها هنا تتجلى عبقرية الشاعر الذي اختزل شخصيته في الشهادة حيث هي البداية والنهاية للإنسانية هو رقم في سجل الوطن مكتوب ومحفور في سجلات التاريخ إنه باختصار شهادة الميلاد وشهادة الوطن وشهادة الإبداع وشهادة الحب والجمال فالشاعر ذو قوة ووعي شديد في حب الوطن صارت الشهادة عنده سيان مثل الحياة والوفاة. كما قال الشاعر " سميح القاسم " غناء مارسيل خليفة منتصب القامة منتصبَ القامةِ أمشي مرفوع الهامة أمشي في كفي قصفة زيتونٍ وعلى كتفي نعشي وأنا أمشي وأنا أمشي.... " يتساءل الشاعر عموم الناس عن إيجاد فرصة العمل وهو الذي يتميز بالخلق الحسن وجمال الروح وطهارة الوجدان لا يهب الموت ولا تحمل قواميسه كلمات الحقد والخوف ولا الكراهية والخيانة ،فهو جميل وقوي ومحب للوطن فقط يبحث عن شرف الشغل والعمل ليتم مكارم الأخلاق فالوطن بلا عمل وطن بلا تطور بلا تقدم بلا عطاء بلا إنتاج بلا إبداع ، وهو يكسر حاجز البطالة ويمنح روحه للوطن. الشاعر يملك وطنا مثاليا في وجدانه رسمه بأحاسيسه و شعوره بحب الوطن ، يفوق هذا الإحساس لأي شاعر عصري ، خاصة حينما يتناغم مع أحداث مجتمعه ويجسد الهموم والأزمات والمعاناة والحاجات وينقل رسالة إنسانية للعالم بعيدا عن ميليشيا الثقافة المنافقة التي أكبر همها التشبث بالكرسي والمنصب والأنانية المفرطة البعيدة عن الأصالة والفكر القويم وبناء الإنسان في مجتمع يزهو بالعدالة والارتقاء الروحي والفكري ، لوحة رسمها بريشة كيانه من دموع ودماء من كفاح ونضال ،لوحة أينعت باخضرار الأخلاق بزهور الشرف وورود الإخلاص والوفاء، الشاعر عصمت شاهين دوسكي اختصر المسافة بين العمل والوطن في لحظة الرحيل أي سيرحل بعيدا عن الفاسدين و المستبدين الجاهلين المنافقين يتركهم عرضة لمزبلة التاريخ وفي جريدة النسيان مصيرهم ، بينما هو يحمل الوطن على كتفيه شرفا لكل إنسان وفي مخلص لحب العدالة والجمال والعطاء للإنسانية وللوطن .