شكلت تجربة المغرب في مجال مكافحة التغيرات المناخية موضوع الجلسة الأولى لاجتماعات منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية، التي بدأت أمس الثلاثاء في القاهرة، تحت شعار ” المدن الإفريقية، قاطرة للتنمية المستدامة”، بمشاركة عدد من ممثلي المدن والمحافظات والسلطات المحلية وخبراء بالعديد من البلدان الإفريقية بينها المغرب. فخلال هذه الجلسة التي انعقدت اليوم الأربعاء، حول “الفرص والتحديات في أفريقيا: البيئة والموارد”، أبرز السيد محمد بودرا، رئيس الجمعية المغربية لرؤساء المجالس الجماعية، أن المغرب التزم منذ عدة سنوات، بانطلاقة قوية وطموحة لمكافحة التغيرات المناخية وفق منظور متكامل، مشيرا إلى أن المملكة قدمت في 2015 مساهمات محددة في الدورة 21 في مؤتمر الأطراف “كوب 21 ” في باريس، وبالتالي فإن هذه المساهمات تشكل الوثيقة المرجعية لالتزامات المملكة في مكافحة التغيرات المناخية في كل القطاعات. واستعرض السيد بودرا، وهو أيضا رئيس منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية لمنطقة شمال إفريقيا، ونائب رئيس المنظمة، مختلف السياسات والتشريعات التي انخرط فيها المغرب لمواجهة التغيرات المناخية، مؤكدا بهذا الخصوص، أن المملكة التزمت على المستوى التشريعي بالبيئة من خلال صياغة الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وتقديم الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة عام 2015 على أساس أحكام هذه الميثاق مما أعطى هذه الاستراتيجية قوة قانونية تسمح لها بتحديد الاتجاه العام لدمج خطط العمل الاقتصادي والاجتماعي والبيئي . وفضلا عن الجانب التشريعي المتمثل في القانون الإطار 12/99 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، فإن المغرب، يضيف السيد بودرا، يتوفر على الجهوية المتقدمة كإطار مرجعي للمخطط الترابي لمحاربة الاحتباس المناخي، كما أن المملكة التزمت بتطبيق وتنفيذ خطة العمل بالطاقة المستدامة. وأشار السيد بودرا، من جهة أخرى، إلى أن سياسة التغيرات المناخية بالمغرب تتمحور حول أهداف عامة ومنها هدفين أساسيين هما التخفيف والتكيف، موضحا، في هذا السياق، أنه في مجال التخفيف المناخي، التزم المغرب بخفض الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري في أفق عام 2030 بنسبة 42 بالمائة . وأضاف أن هذا الهدف “الطموح” المتعلق بالتخفيف والذي يشمل جميع قطاعات الاقتصاد وخاصة الطاقة والزراعة والنقل والمياه والنفايات والغابات والصناعة والإسكان والبيئة والبنيات التحتية، يعتمد بشكل كبير على التحول الهام في قطاع الطاقة من خلال تطوير الطاقات المتجددة بهدف تغطية 52 بالمائة من الطاقة الكهربائية المتوفرة بمصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030، خاصة وأن المغرب يتوفر على أكبر منطقة للطاقة الشمسية في مدينة ورزازات من خلال مشروع “نور” الذي يعد أكبر مشروع للطاقة الشمسية في إفريقيا. أما بخصوص التكيف المناخي، فاعتبر السيد بودرا ، أن التكيف هو أولوية بالنسبة للمملكة للحد من مخاطر آثار تغير المناخ بسبب الضعف الحاصل في بعض الأنشطة الاقتصادية كالزراعة وتربية الأحياء المائية والغابات والواحات والجبال، حيث ستتأثر هذه المجالات بشكل متزايد بسبب نذرة الموارد المائية، ليخلص ، السيد بودرا، إلى أن التزامات المملكة المغربية تم التعبير عنها بشكل قوي في مؤتمر كوب 22 بمراكش الذي عرف حضورا وازانا لكل بلدان إفريقيا والعالم. من جانبهم، تطرق عدد من المتدخلين، خلال هذا اللقاء، إلى التحديات التي تواجه التوسع العمراني والحضري بالمدن الإفريقية، والحلول المقترحة لمواجهة هذه التحديات . وفي هذا السياق، أبرز وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، عاصم الجزار، أن تحدي التغيرات المناخية ومنها التحديات البيئية، هو في الأساس تحدي تنموي، مشيرا إلى أن من أهداف المخطط الاستراتيجي القومي للتنمية العمرانية بمصر 2020-2025 ، تنمية المدن وليس إنشاء المدن والأحياء السكنية وذلك من خلال جعل التحضر دافعا أساسيا لتنمية عمرانية شاملة ومستدامة، وهذا كله، يضيف الوزير، من أجل مواجهة التحديات البيئية. من جهته، دعا فرانسوا مانجولي، عن الوكالة الألمانية للتعاون الدولي”غيز”، إلى ضرورة تكثيف الجهود لمواجهة التوسع العمراني العشوائي والمناطق العشوائية والعمل على تطويرها بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشددا على أهمية اعتماد عدة عناصر لإيجاد حلول لمعظلة انتشار الأحياء السكنية العشوائية بالبلدان الإفريقية والتي تتمثل في إشراك المواطن ووبناء قدراته وتفعيل دوره بجعله جزءا من الحل في هذا المجال، وكذا تبادل الخبرات في مجال التوسع العمراني ودعم الوكالات الحكومية المعنية حتى تستطيع مواجهة هذه المشكلات. وتهدف اجتماعات منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية، التي تحتضنها القاهرة على مدى أيام، إلى تقديم أفضل التجارب الإقليمية والدولية بشأن تعزيز التنمية المحلية والنمو الاقتصادي والتوسع الحضري وتبادل الخبرات وتدارس التحديات التي تواجه المدن الافريقية ومنها معدلات التحضر في إفريقيا. ويتضمن برنامج هذه الفعاليات، بالخصوص، تنظيم جلسات حوارية تتمحور حول عدة مواضيع منها “الفرص والتحديات في إفريقيا اقتصاديا واجتماعا”، و “التخطيط والتنمية المحلية”، و”التوأمة والتعاون اللامركزي بين المدن الإفريقية”. ويمثل المملكة في هذه الاجتماعات، وفد يضم كلا من كاتبة الدولة المكلفة بالإسكان، السيدة فاطنة الكحيل، رئيسة شبكة النساء المنتخبات محليا بالمغرب ونائبة رئيسة شبكة النساء المنتخبات المحليات بإفريقيا “ريفيلا”، والسيد عبد الوهاب الجابري، مكلف بالتعاون والتوثيق بالمديرة العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية، إضافة إلى عدد من أعضاء الجمعية المغربية لرؤساء المجالس الجماعية.