في ظل هذا التقدم الذي عرفته كل الانسانية ، والذي تحث عليه كل الديانات السماوية ، المتمثل في قيم احترام الانسان ، وصيانة حقوقه وذاته وكرامته ، حيث أن الانسان ليس شيئا نعبث به ، أو نضرب عرض الحائط ما تستوجبه صيانة حياته وكرامته ، ولكن تأبى بعض الممارسات إلا أن تنقض وتهدم هذا المبدأ ، وهذه القيم الانسانية . وكنموذج على هذه التجاوزات الخطيرة التي تمس الانسان في حياته ، يمكن ترجمتها فيما جرى تحت لواء وسيطرة جماعة بني اكميل القروية التابعة لعمالة الحسيمة ، هو أمر يهتز له الوجدان ،وترتجف له النفس ، حيثياته تأتي على الشكل التالي : فبعد أن داهمت أحمد الخياطي من دوار تدارت حالة إغماء تحت تأثير مرض ، كان من المفروض أن يتم نقله على وجه السرعة إلى المستشفى الاقليمي بالحسيمة ، حتى يتلقى العلاجات الضرورية واللازمة ، ولكن لا يأبى العار إلا أن يفرض نفسه دائما ، فقد برزإلى السطح مشكل تافه ، وكان الأجدر أن يتم تجاوزه وطرحه جانبا من طرف كل الحاضرين والمرتبطين بهذه الحالة المرضية ، إلا أنه حدث ما هو مبك وشنيع ، يبعث الاشمئزاز في النفس البشرية ، فقد رفض محاسب الجماعة .أن يعطي الأمرلسائق سيارة الاسعاف التابعة للجماعة ذاتها لنقل المريض على وجه السرعة إلى مستشفى الحسيمة باعتباره المسؤول الاداري عن سيارة الاسعاف ، ولا سيما وجود طريق سهلة وسريعة ، عوض أن يمتثل المحاسب بهذا الخيار المنطقي ، إلأا أنه رفض ذلك بذريعة أن الطريق غير معبد ة ، علما أن دوار تدارت لا يبعد عن مقر الجماعة إلا بكيلومتر واحد ونصف تقريبا ، وأمام هذا الوضع الحرج ، بادر إبن المريض محمد الخياطي ، مستشار جماعي بنفس الجماعة ، إلأى الاستنجاد بأحد جيرانه ليؤازره على إنقاذ أبيه بنقله فورا إلى مستشفى الحسيمة ، على متن سيارة خاصة ونضرا لعدم توفرها على المعدات الطبية ، مما أثر بشكل سلبي على نفسية المريض وصحته من خلال تجاوز المسافة الفاصلة بين دوار تدارت والحسيمة والتي تتعدى بضع وستين كيلومترا ، وعند نهاية الرحلة بوصولهم إلى عتبة المستشفى ، لفظ المريض آخر أنفاسه . فياترى ما هو تعليقنا على هذا ، ولن يكون سوى القول: يا للعار ، ياللفظيحة ، ياللخزي ، هل تبتلع الانسان هذه القوانين الجافة والقاسية ، بحيث يطرح على محك النقاش قيمة حياة الانسان ، وحقه في العلاج ، والانقاذ . هذا الرصد الذي وضعناه ، في الحقيقة ينسجم مع عقلية المافيا التي تسود إدارة الجماعة المعنية ، حيث أن سائق سيارة الاسعاف ينتسب إلى رئيس الجماعة مسعود عقا أخ له ، ومحاسب الجماعة الذي بلغت به الجرأة للاستخفاف والاستهتار بحالة هذا المريض . كما أكدت مصادر الجريدة على أن هذا المحاسب ليس للمرة الاولى التي يقع في مثل هذه السلوكات الهوجاء ، وإنما صارت بالنسبة إليه عادة طبيعية ، حيث أعلن من ذي قبل عن التهاون في العمل والاستهتار بالمسؤولية ، كما يساهم دائما في تعميق الفجوة بين إدارة الجماعة ومصالح المواطنين ، ضاربا عرض الحائط التوجيهات الملكية السامية التي عزمت على السهر الدؤوب والحرص العميق على تحقيق التنمية الشاملة لكل أرجاء البلد ، لاسيما التنمية البشرية في مفهومها الحقيقي . كما أكد المستشار إبن الفقيد على أنه سبق له أن قدم شكاية في الموضوع إلى عامل عمالة الحسيمة ملتمسا منه التدخل الفوري لفتح تحقيق نزيه وشفاف في قضية التلاعبات والاستهتار بحالة أبيه المرضية وإقصائه من التنقل بواسطة سيارة الاسعاف التابعة للجماعة .