إذا تطفلنا عليك يوما، وكان القضاء عليك حلما، عذرا إذا تطاولنا عليك، وأنت تحاول أن تمد على مؤسسات البلاد يديك ورجليك. عذرا إذا حاولنا منعك من كبح تقدم الوطن، ووضع أحلام بناته وأبنائه في كفن، عذرا إذا وقفنا في وجهك كي لا تسرق منا الزمن. عذرا سيدي إذا تعالت أحيانا بعض الأصوات، لتوقظ ضميرك من أجمل سبات، وهي تنادي بالحق في الصحة والتعليم والتنافس العادل المفرز للكفاءات. عذرا إن خاطبناك نَهَاراً جهاراً، فنحن لا نُجيد مثلك الاختفاء في الظلام الدامس، عذراً إن كشفنا حقائق وأسرارا، فصوت الحقيقة جُهُوري يأبى الحس الهامس. نعتذر سيدي، إذا حاولنا تطهير جسم الوطن من خلاياك الشيطانية، فأيقظنا آلامك الأنانية، وأخذت في الصراخ: " آه مصالحي.. مصالحي.. مصالحي الشخصية". عذرا سيدي الفساد إن رفضنا متاجرتك ببؤس الفقراء، وآمال النبلاء، وتسفيه الحكماء، وطالبنا بقانون يرفع عن الناس الحيف والبلاء. عذرا، إذا قمنا باحتجاج ضد نهب الخيرات، فلسنا مثلك ممن يغتني بصناعة الموت والأموات، نحن لا نكون سعداء إلا بقدرِ ما نجعلُ هذا العالم مكانا أفضل للحياة. عذرا سيدي الفساد إذا لم يقبلك الفؤاد، وإذا أسقطنا عنك قناع حب البلاد، وأمطنا عنك لثام المدافع عن حقوق المواطنين، وكشفنا كذب لسانك حين ادعى تمثيله الكادحين. نأسف إذا شَكَّكنا يوما في نواياك، إن أشعلنا نور الحق فأعماك، وأنتَ تُحَاولُ أن تحتمي في ظلامك، نعتذر إن كشفنا كل مشروع تحوم حوله أطماعك، واستعمالها ورقة ضغط لإبعادك عن جني فوائد أنانية لك ولأنصارك. عذرا إذا أردنا إصلاح جسدنا الجماعي، في عالم يسود فيه بناتك وأبناؤك: الرشوة واللامبالاة والنفاق، الانتظارية والتزلف والارتزاق، والأنانية والزبونية والشقاق.... حتى أنه لم يعد يحس عضو من جسدنا بعضو آخر، أو يتداعى له بالسهر والحمى فيدعو للتآزر. عزيزنا الفساد، ربما آن لك في الذهنيات والمؤسسات أن تسود، يبدو بأنه قد تعبت الأسود، وصمتت الحشود، وكثرت القيود، وخُدِّرت أفواج الطماعين بالوعود، ولم يعد للقيم من جنود، وفاق العبث كل الحدود. ربما آن لك أن تسود، فعذرا سيدي الفساد. أما نحن فإما نكون أنقياء أقوياء وإما أن نموت.. ربما أيقضنا الوعي غدا أو بعد غد لنستيقظ أقوياء، فهل نُنصت؟؟