في وقت ما يزال فيه الحديث عن قانون مدونة الأسرة بالمغرب محلّ خلاف ونقاش وما زالت فيه المرأة تشعر بالتقصير والظلم وقلة الحيلة والتدبير وتعرقل مسيرها حواجز تربوية وثقافية وعوائق اجتماعية وسياسية وإقتصادية ،هناك من ينظر إلى أن ما حققته المدونة هو نجاح وفخر وأكبر اعتزاز وأن المشرع المغربي فاق دولا متحضرة وأصبح مرجعية فقهية وقانونية لدول أوروبية سبقته سنوات في هذا المجال. وفي وقت ما يزال فيه الحديث عن استحالة وعدم امكانية تشغيل المرأة في وظائف صنع القرار في كم بلد من بلاد الدنيا تعرف المرأة المغربية فرجا وحرية في طريق الاكتمال وتتقلد أعلى المناصب وتصل أرقى المراتب فهي اليوم قاضية ومحامية وعدول وأستاذة وباحثة ، وهي وزيرة ومستشارة سامية وبرلمانية وكذلك طبيبة ومهندسة وطيارة وهي المقاولة والمعلمة والموظفة واللائحة طويلة ولا تنحصر هنا. بل تقلدت كل المناصب وارتقت إلى كل المراتب وتفننت في كل الأدوار وتفوقت في كل الحرف والمهن دون التفريط في بيتها وفي تربية الجيل الصاعد هذا داخل وخارج الوطن، وما زالت تطالب بالمزيد وتسعى إلى المطالبة بحقوق أكثر وحظوظ أوفر وكان هذا هو موضوع منتدى بإيطاليا تحت عنوان : "المرأة والحقوق في المغرب تأملات بين الحداثة والتقاليد" بقصر باولو برودي وسط قسم دراسات وأبحاث الآداب والفلسفة. هذا الموضوع كان عنوانا بارزا لأول منتدى قانوني ينعقد مؤخرا برحاب جامعة ترينطو للعلوم والدراسات القانونية التي تعتبر إحدى أفضل جامعة إيطالية في القانون الدولي وأول جامعة في القانون الأوروبي في إيطاليا وذلك بتنظيم وتنسيق علمي وأكاديمي للأستاذة كوثر بدران رئيسة المركز الدولي للبحوث القانونية والدكتورة إيلينا إيورياتي أستاذة بجامعة ترينطو وباعتماد من سفارة المملكة المغربية ،بهدف التعريف بأوجه التفوق والقصور وبأبرز حقوق المرأة القانونية والقضائية وكذا ضمان كرامتها واحترام حقها في الحياة الكريمة من خلال بحث قانون الأحوال الشخصية المغربي وتسليط الضوء على انجازاتها ومبادئها وقواعدها وسبل تمكينها والمعوقات المجتمعية وتحديات الألفية الثالثة التي تواجهها. بالإضافة إلى مناقشة كيفية تغيير القوانين وتذليل معوقاتها و بتطوير التشريعات الحالية وتنقيتها من أي صورة للتمييز وتحقير المرأة وفتح علاقة قانونية دائمة تسهل المعاملات المستقبلية على الصعيد الأكاديمي والجامعي للدراسة والمناقشة والدفاع عن القضايا العادلة والأبحاث العلمية بين إيطاليا والمغرب. انطلق هذا المنتدى القانوني في جو احتفالي جميل داخل الحرم الجامعي لمدينة ترينطو المتمتعة بالحكم الذاتي بتنظيم "جلسات خاصة" حضرها عدد محترم من الأساتذة الباحثين والخبراء والدبلوماسية المغربية وممثلين عن الهياكل الحكومية المغربية والإيطالية بالإضافة إلى مهتمين ورجال الإعلام وبحضور وكالة الأحداث الدولية لأنباء ( يينا نيوز) والراديو والتلفزة الإيطالية الأولى (الراي) . هذا وأثرى المنتدى بالعديد من الحوارات البناءة والنقاشات المستفيضة من قبل الشخصيات الحاضرة ففي الجلسة الافتتاحية، عبّر الدكتور فولفيو كورتيزي ، عميد الجامعة عن سعادته وفخره بالمنتدى الذي سيعمل على تقريب قانون الأسرة المغربي من الساحة الإيطالية وسيساعد في التقريب والاندماج والبحث وتبادل المعلومات القانونية والقضائية بين البلدين شاكرا الاستاذة بدران العضوة في جمعية الطلبة القدماء وأحد العشرة مشاهير من الخريجين في تاريخ هذه الجامعة على البادرة الحسنة ومثنيا على كل المشاريع والإنجازات القيمة والمشرفة التي قامت بها في مسيرتها المهنية الناجحة كما شكر الدبلوماسية المغربية والحضور الكريم وتمنى أن تتكرر مثل هذه اللقاءات التي يتمنى أن تكون ناجحة ومثمرة. وعرف المنتدى بعيد افتتاحية الدكتورة إيلينا إيورياتي مجموعة أوراق عمل من خلال جلستين ، ترأس الدكتور جان أنطونيو الباحث القانوني والناشط السياسي والصحفي الشهير للراي (راديو والتلفزة الإيطالية) جلستها الأولى مستعرضا في محاضرته العديد من النقط المهمة ومشيدا بالتطور القانوني الذي عرفه المغرب وانجازاته المحترمة مقارنة مع دول عربية وغربية ثانية. هذا واستعرضت الدكتورة وحيدة جميلة من جهة ثانية صورا جد إيجابية عن " تطور الحقوق المدنية للمرأة المغربية في مجال الأسرة" قبل أن تختتم الدكتورة بدران هذه الجلسة القيمة بتناول موضوع واقع " المعلومات كأداة لحماية المرأة المغربية" . أما الجلسة الثانية فكانت من تسيير الدكتورة ستيفانيا سكاربوني مسؤولة مركز الدراسات متعدد التخصصات في الشؤون الاجتماعية بالجامعة، ابتدأت الدكتورة إيرمينيا كاماسا أستاذة بجامعة ترينطو الجلسة بتقديم لورقة مختصرة حول قضية :" المرأة والقانون والدين في المغرب"، تلتها ورقة أجمل قدمتها الدكتورة دجورجيا ديكارلي أستاذة بنفس الجامعة تحدثت فيها عن: " حماية المرأة والانسانية المعيارية، انعكاسات قصيرة على الإنتروبولوجي على قانون الأسرة المغربي الجديد". وفي هذا الصدد قدم الدكتور والباحث الأكاديمي إيمانويل كورن مستشار في المساواة وتكافؤ الفرص ببلدية ترينطو ورقة رائعة تناول فيها : "عمل المرأة كعامل للتحول الاجتماعي" تاركا الكلمة للدكتورة تيريزا باسكوينو من جامعة ترينطو ، لتعطى الكلمة للدكتورة أقبلي خديجة محامية من هيئة مراكش التي استظهرت فيها جوانب جد مهمة حول قضية المرأة والعوائق والمنجزات في ظل مدونة الأسرة بالمغرب. لتترك الورقة المميزة التي كان سيقدمها الدكتور حسن أبو ايوب سفير المملكة المغربية الذي تغيب بسبب تزامن التوقيت مع حضوره مراسيم إحياء ذكرى عيد المسيرة بالمغرب إلى حضرة السيدة أمينة سلماني قنصل المملكة المغربية بفيرونا والتي أغنت اللقاء بكلمتها المتميزة وأبانت عن جمالية أخلاق عالية شاكرة الأستاذة بدران عن وطنيتها وكفاءتها وكل القائمين على المنتدى أملة أن تتواصل مثل هذه السلسلة من اللقاءات مستقبلا.