تتواصلُ ردود الأفعال الغاضبة من إقدام الحكومة على تثبيت العمل بالتوقيت الصيفي (GMT+1) يوم الجمعة الماضي، على الرغم من إعلان الحكومة عن بعض الإجراءات الموازية، حيث عمدت وزارة التربية الوطنية إلى تغيير التوقيت المدرسي؛ لكنّ الأسَر التي يدرس أبناؤها ترى أنّ التوقيت الجديد للدراسة سيعمّق أكثر معاناتها ومعاناة أبنائها. وحددت وزارة التربية الوطنية الساعة التاسعة صباحا كتوقيت لدخول التلاميذ إلى الفصول خلال الفترة الصباحية، والخروج في الساعة الواحدة زوالا، وتبدأ فترة الدراسة المسائية على الساعة الثانية بعد الزوال إلى غاية الساعة السادسة مساء؛ غير أنّ هذا التوقيت، حسب عدد من الآباء والأمهات، سيطرح مشكلا كبيرا، سواء بالنسبة إلى التلاميذ أو إلى أسَرهم. وتساءل الكثير من الآباء والأمهات، منذ إعلان وزارة التربية الوطنية للتوقيت المدرسي الجديد، يوم أمس السبت، كيف يُمكن للتلاميذ أنْ يغادروا الفصول الدراسية على الساعة الواحدة، ويعودوا إليها على الساعة الثانية، أي بعد ساعة فقط، وهل تكفي ساعة واحدة التلاميذ للالتحاق ببيوتهم لتناول وجبة الغذاء والاستراحة قبل العودة إلى المدرسة لمواصلة الدراسة في الفترة المسائية". إذا غادر التلميذ المدرسة على الساعة الواحدة، فإنه يحتاج إلى ما بين عشر دقائق وعشرين دقيقة على الأقل ليصل إلى بيته، هذا إذا كان يقطن بالقرب من المدرسة، أيْ أنه سيستغرق ما بين عشرين إلى أربعين دقيقة على الأقل ذهابا وإيابا، فهل ستكفيه العشرون دقيقة المتبقية لتناول وجبة الغذاء؟" يتساءل أسامة، وأردف ساخرا: "عشرون دقيقة بالكاد تكفي التلميذ للسلام على والديْه". وكانت الحكومة قد عقدت، صباح أوّل أمس الجمعة، اجتماعا استثنائيا صادقت فيه على مرسوم رقم 2.18.855 الذي تقدم به الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة وبالوظيفة العمومية؛ وهو المرسوم الذي بموجبه جرى اعتماد التوقيت الصيفي طيلة فصول السنة، وجرى نشره "بسرعة قياسية" في الجريدة الرسمية، حيث دخل حيّز النفاذ اليوم الأحد. وإذا كان العمل بالتوقيت الصيفي طيلة فصول السنة يثير إشكالا كبيرا بالنسبة إلى التلاميذ المتمدرسين في المدن، فإنّ التلاميذ المتمدرسين في العالم القروية سيعانون أكثر، خاصة في فصل الشتاء، حيث تغيب الشمس قبل الساعة السادسة مساء، حسب الآراء التي عبّر عنها عدد من المغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي، نظرا لبُعْد المدارس. وكتب سمير الحروف: "أثناء فصل الشتاء حتى قبل تبنّي المغرب لخزعبلات الساعة الصيفية أتذكر جيدا أنه في هاته الفترة تقوم المدارس بتقديم الحصص المسائية بنصف ساعة مع إعادة جدولة أغلب حصص الساعة الأخيرة لتجنُّب أقصى ما يمكن الساعة الأخيرة، وبالتالي تصبح الحصص ما بين 13:30 و17:30، وأغلب الحصص تنتهي على الساعة 16:30 إلا في حالات نادرة. لكم أن تتخيلوا الوضع الآن، بعد إضافة ساعة إلى التوقيت العادي". وسيتمّ العمل بالتوقيت المدرسي الجديد ابتداء من الأربعاء 07 نونبر المقبل بجميع المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية بالمغرب، وكذا بمعاهد التكوين المهني وبالجامعات. وستبدأ الدراسة من الساعة التاسعة صباحا إلى الواحدة زوالا خلال الفترة الصباحية، وتمتدّ الفترة المسائية من الساعة الثانية زوالا إلى الساعة السادسة مساء، حسب منطوق الإجراء الذي اتخذته وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي. وقالت الوزارة، في بلاغ صادر عنها السبت، إنّ اعتماد التوقيت المدرسي الجديد جاء "من أجل تأمين شروط وظروف التحصيل الدراسي السليم ومراعاة حاجيات الأسر، وتمكين التلميذات والتلاميذ والمتدربات والمتدربين والطالبات والطلبة من التنقل إلى مؤسساتهم في ظروف آمنة وملائمة، وضمان التحاقهم بها صباحا ومغادرتها مساء في ضوء النهار"؛ لكنّ آباء وأمهات وأولياء أمور التلاميذ يقولون إنّ هذا الإجراء يطرح إشكالا كبيرا بالنسبة إليهم، خاصة العاملين منهم في القطاع الخاص. ويتساءل الآباء والأمهات كيف سيُوفّقون بين الانتظار إلى الساعة التاسعة صباحا لمرافقة أو إرسال أبنائهم إلى المدرسة، والالتحاق بعد ذلك بعملهم، الذي يبدأ غالبا في التوقيت نفسه. وعلّقت سارة على قرار وزارة التربية الوطنية في تدوينة على صفحتها في "فيسبوك"، قائلة: "كل يوم كنت أخرج من البيت في الثامنة صباحا. أُوصل كل واحد من أبنائي إلى مدرسته، وأعود لأترك السيارة في البيت، ثم أستقل الترام وأصل إلى عملي قبل التاسعة بخمس دقائق على الأقل. عندما سيتم تأخير موعد تمدرس أطفالي بساعة كيف ستصبح الحياة!".