شعراء مغاربة يتألقون في أمسية الأطلال على ضفاف البحر والذاكرة أقامت دار الشعر بتطوان أمسية شعرية في الموقع الأثري لمدينة القصر الصغير، يوم الجمعة 27 يوليوز، في لقاء بعنوان "الأطلال: قراءات شعرية في مواقع أثرية"، بمشاركة الشاعر إدريس الملياني والشاعرة لطيفة الأزرق والشاعر خالد بودريف. فعلى بعد أمواج من الضفة الأخرى للمتوسط، انطلقت هذه التظاهرة الشعرية الشيقة، في فضاء الموقع الأثري للقصر الصغير، المطل على شاطئ البحر، والذي ظل حاضنا لحضارات إنسانية راقية، منذ الفينيقيين إلى الرومانيين، ومن دولة الأدارسة والمرابطين فالموحدين والمرينيين، وصولا إلى فترة الاحتلال البرتغالي ل"قصر مصمودة"، الذي سيحمل، في ما بعد، اسم قصر المجاز، ثم القصر الصغير. أسماء كثيرة لمسمى واحد شاهد على ذاكرة الحضارات الإنسانية على ضفاف حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث كان هذا الموقع من بين أكبر المراكز التجارية منذ فترة ما قبل الميلاد، وصلة وصل بين الحضارة العربية والحضارة الأوروبية. والتحف التي عثر عليها في الموقع، والشواهد والأحجار واللقى...، والأواني الزجاجية والأحزمة المعدنية والمعدات المستقدمة من إيطاليا وفرنسا والصين، كلها دليل ساطع على أهمية هذا الموقع الإنساني الحضاري. من هذه المنطقة، حيث عبر طارق بن زياد إلى الأندلس، ليعلن ميلاد أكبر حوار ثقافي في ذاكرة المتوسط، مثلما وصل كبار الرحالة الأندلسيين إلى الشرق العربي، عبر باب "الكورشا"، ومن تحت ظلال القلعة البرتغالية، اليوم، حيث أقامت دار الشعر بتطوان أمسية "الأطلال"، بحضور عشاق الشعر من أنباء المنطقة، والمصطافين القادمين إليها من طنجةوتطوان ومغاربة العالم. وافتتح الشاعر إدريس الملياني أمسية "الأطلال"، وهو من رواد الشعر المغربي المعاصر، منذ ستينيات القرن الماضي. وقدم الشاعر نشيدا شعريا وحنينا غنائيا أمام الأطلال، وهو ينشد: تَحَنَّنْ حبيبي تَحَنَّنْ/ ألست عليما بما بي/ وهذي دموعي أمامك تهمي/ نهارا وليلا/ أمامك أمشي/ بهذا الحداد/ ويمشي أمامي هواني. تَحَنَّنْ حبيبي.../ تحنن قليلا/ ألست تراني/ أمامك أمشي ذليلا. أجر ذيول انكساري/ وعاري/ نهارا أنوح/ وليلا أبوح/ وأنت تنام بعيدا جواري/ تَحَنَّنْ حبيبي تَحَنَّنْ. وقرأت الشاعرة لطيفة المسكيني قصائد متفرقة من دواوينها الشعرية، وهي تخاطب حجر الأطلال في مدينة القصر الصغير: هل سمعت نداء الحجر؟/ اسأل باللوم لا تعجل/ ظاهر بسواك في كل آن/ مضت الأزمن/ ظلت واجمة في مكانها الأمكنة/ عبرت الشمس عين الأفعوان... هل سمعت غناء الحجز اللايموت.؟/ أم سمعت نئيم حمائمه خلف خيوط/ سيجها الفراغ زرقته الصموت؟... وأما الشاعر المغربي خالد بودريف، والذي لمع اسمه في مسابقة أمير الشعراء، وفي تظاهرات شعرية عربية ووطنية، فقد تألق في قصر المجاز، وهو يردد في قصيدته "حارس الرمز"، قائلا: بدعوة من أبي، أمي نزلت هنا/ ليشكر الحرف في ميلاده وطنا. أتيت لا شيء لي لا مهد يحملني/ لوردة المنتهى أمضي لأمتحنا. تركت ظلي/ وشمس الوعي غائبة. لينشئ البدر من أحلامه مدنا/ أنزاح في شبهة المعنى ليقلقني المعنى وأفرط في المعنى لأتزنا". كما قرأ الشاعر قصيدة كتبها عن قصر المجاز، ومنها: في عين هذا البحر/ أغنية لخمر برتغالي/ يغازل عطر مورسكية بيضاء/ الخمر من عنب الحكايات العتيقة والحصى والماء/ ما كان يزرع رأسه/ في كوثر التاريخ إلا طقطقت قدماه سمع البحر ها قد جاء. وكان لقاء "الأطلال" الذي سيقام في مختلف المواقع الأثرية الوطنية، من ضمن البرامج التي صادق عليها المجلس الإداري لدار الشعر، في دورته الأخيرة، بمدينة تطوان، والذي انعقد بمناسبة الدورة الثانية من مهرجان الشعراء المغاربة، برئاسة وزير الثقافة والاتصال السيد محمد العرج، والسيد عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة في حكومة الشارقة، ومدير الشؤون الثقافية السيد محمد القصير، إلى جانب سلسلة من اللقاءات التي تواصل الدار تنظيمها في عدد من المدن والمواقع الأثرية والتاريخية والفضاءات الثقافية في المغرب.