من مبادرة جمعية قلوب تطاونية، و هي جمعية حديثة النشأة تضم فاعلين جمعويين من أبناء تطوان، و بدعم من المجلس الإقليمي لتطوان، تم تنظيم يوم السبت المنصرم الدورة الأولى لمنتدى المدينة العتيقة، بقاعة الندوات التابعة لمجمع الفدان بارك. حيث عرف هذا المنتدى مشاركة العديد من أبناء المدينة العتيقة لتطوان الذين لديهم غيرة على مدينتهم و يثابرون من أجل تحسين أوضاع الأحياء المتواجدة داخل أسوارها و الذين يجتهدون معا من أجل إحياء تراثها الذي هو في طريقة إلى الاندثار. و لقد افتتح هذا المنتدى ،الذي عرف حضورا مميزا من طرف أعضاء المجلس الإقليمي لتطوان و على رأسهم رئيس المجلس، السيد محمد العربي المطني، رئيس جمعية قلوب تطاونية، الذي قدم عرضا حول أهداف إنقاذ هذا المنتدى و من بعد هذا التقديم تم المرور مباشرة إلى العروض العلمية القيمة التي ألقاها ثلة من كبار الباحثين و المهتمين بتراث مدينة تطوان، على رأسهم الدكتور محمد بنعبود، الشخصية الفريدة من نوعها و الذي يكرس كامل وقته للدفاع عن مدينته و الحفاظ على التراث العمراني المتميز الذي تزخر به الحمامة البيضاء. العرض الأول ألقاه الأستاذ عبد السلام الجعماطي ،أستاذ التعليم العالي مؤهل بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بجهة طنجةتطوانالحسيمة و أستاذ زائر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، حول تاريخ تطوان خصوصا الفترة الغامضة الممتدة على طول 90 سنة قبل إعادة بناؤها على يد الرئيس أبي الحسن على المنظري الغرناطي، العرض القيم الثاني كان على يد المهندس العمراني و عضو جمعية طيف تطوان، السيد عبد الحق الأندلسي، الذي قدم معطيات جد دقيقة حول النمو الديموغرافي و التحولات السوسيو إقتصادية التي تشهدها المدينة العتيقة. المداخلة الثالثة، التي ألقاها السيد عثمان العبسي، و هو إطار بالجماعة الحضرية لتطوان يشغل منصب مدير مركز التراث و أستاذ زائر بجامعة عبد المالك السعدي، كانت جد شيقة و غنية بالمعطيات حول مشاريع تأهيل المدينة العتيقة منذ 25 سنة خلت إلى يومنا هذا، حيث قدم عرضا نقديا حول بعض المشاريع التي لم تحقق أهدافها و ذلك نتيجة لعدم مواكبتها من طرف ساكنة المدينة المسورة، حيث انتقد بشدة عدم إشراك المواطنين القاطنين في المدينة القديمة في جميع المشاريع التي يتم تنفيذها بهذا الكنز المعماري الذي يعاني من عدة إشكاليات عويصة و على رأسها مشكل الدور الآيلة للسقوط، كما ثمن بعض المشاريع التي ساهمت في الحفاظ على الهوية الأندلسية للمدينة و التي ساهمت بشكل كبير في جلب و انتعاش السياحة الخارجية، و ختم مداخلته بضرورة العناية بساكنة المدينة العتيقة و توفير لها ظروف مواتية للعيش و للازدهار، خصوصا فيما يتعلق بصيانة و إصلاح المنازل المأهولة بشكل يراعى طابعها الفريد، كما طالب جميع المتدخلين في هذا النسيج العمراني العتيق بإبلاء عناية خاصة للساكنة التي تعاني من الهشاشة الاجتماعية، حيث ختم بجملة جد معبرة: البشر قبل الحجر. العرض الأخير و الذي تميز بتقديم تجربة أولى من نوعها على الصعيد الوطني، قدمه الدكتور محمد بنعبود، الأستاذ الجامعي و الخبير الدولي في التراث الأندلسي، الذي افتتح مداخلته بسرد كرنولوجي للمشروع الملكي السامي، مشروع مكن من رد الاعتبار للمدينة العتيقة و إحياء بعض من معالمها و مميزاتها، كما تساءل الدكتور بنعبود عن الدور الذي تقوم به بعض المؤسسات العمومية التي التزمت سابقا بتوفير تمويل لهذا المشروع الملكي و في الأخير لم تفي بالتزاماتها، بل أصبحت تشكل عائقا أمام استكمال إنجاز المشروع السامي، سابقا بتوفير تمويل لهذا المشروع الملكي و في الأخير لم تفي بالتزاماتها، بل أصبحت تشكل عائقا أمام استكمال إنجاز المشروع السامي، حيث أشار إلى عدم التزام الجماعة الحضرية لتطوان فيما يخص تمويل جزء من مشروع تأهيل المدينة العتيقة، بل أكثر من ذلك، أصبحت، حسب قوله مستشهدا بعدة معطيات، تقوم بتهميش و تخريب تراث تطوان، عبر القيام بأشغال عشوائية، و ذكر كمثال على ذلك، تخريب جزء مهم من البنية التحتية لمقبرة تطوان و التي تم إنجازها بفضل مجهودات الجمعيات المدنية، كما عيب على الجماعة تهميشها لعدة أطر محلية كفؤة لها إلمام واسع بترميم و المحافظة على الترات المعماري، كما عيب عليها تجاهل مطالب المجتمع المدني فيما يخص تحسين ظروف إقامة و عيش ساكنة النسيج العتيق و اكتفاؤها بدعم جمعيات تابعة لحزب معين، حيث أكد على ضرورة الانخراط الفعلي و المستمر لساكنة المدينة العتيقة في تتبع و تقييم المشروع الملكي فهذا واجب وطني يجبرنا جميعا على الاشتغال من أجل نجاحه. و لقد اختتمت فترة العروض بتقديم مشروع فريد على المستوى الوطني و يتعلق بإنجاز دليل صوتي للمعالم التاريخية لمدينة تطوان، و هو نتاج مجهود شخصي للدكتور بنعبود، تم إعداده من طرف جمعية تطاون أسمير. جل المداخلات ،خلال فترة المناقشة، صبت في اتجاه تفعيل دور ساكنة المدينة العتيقة في جميع المشاريع التي تعرفها، حيث جزم كل المتدخلين على أن جل المشاكل التي يعرفها هذا الجزء المهم من المدينة هي نتيجة عدم التنسيق بين المصالح العمومية و الساكنة، مع استثناء رجال السلطة المحلية الذين يقومون بمجهود كبير في التواصل و التعاون مع الساكنة و ممثلي الجمعيات مما مكن من تنفيذ بنجاح عدة مشاريع، كإجلاء الباعة المتجولون من المدينة العتيقة أو مشروع ترصيف حي العيون. و لقد حققت هذه الدورة الأولى من منتدى تطوان أهدافها، حيث شارك ما يزيد عن 60 من أبناء المدينة العتيقة، يمثلون عدة جمعيات مدنية، في المنتدى، كما مكن هذا اللقاء من فتح حوار جاد و مسؤول بين الخبراء في مجال المحافظة على التراث و الساكنة من أجل طرح، في المستقبل القريب، مبادرات من و إلى ساكنة المدينة العتيقة، فانقاد التراث المعماري و اللامادي للنسيج العريق هو رهين بتوفير شروط عيش كريم لساكنته.