البرنامج العام للدورة الرابعة والعشرين من مهرجان تطوان لسينما البحر المتوسط لم يفرد لرواده التمتع بالمشاهدة السينمائية، التي أطلت هذه السنة على عوالم سينمات متوسطية مختلفة، ليس متاحا للكل بالاطلاع عليها..، بل رافقت الدورة السينمائية أنشطة ثقافية وفكرية وحتى اجتماعية..، من بينها ندوة خالصة لشأن السينمائي الوطني. في هذا السياق، احتضن فضاء دار الثقافة بمدينة تطوان صبيحة أول أمس الأربعاء، ندوة فكرية ذات حساسية سينمائية كبيرة بالنظر لعمق إشكالاتها وإشكاياتها، التي تجتر منذ عشرات السنوات، ولازالت إلى الآن، بين السينمائيين والمهنيين، دون تحقيق نتائج يرضى عنها الجميع، ودون إيجاد المعادلة الصعبة، التي تمكن من الرقي بالسينما المغربية إلى مستوى الانتظارات و الطموحات.. ويتعلق بموضوع « تحديات السينما المغربية: من الإنتاج إلى الترويج». ولتفعيل محاور هاته الندوة، التي قانم بتنشيطها أحمد حسني، رئيس مؤسسة مهرجان تطوان السينمائي، واستقطبت إليها العديد من الفاعلين في المجال السينمائي الوطني مخرجين ومنتجين ونقادين سينمائيين.. حضر كل من الموزع السينمائي نجيب بنكيران، المنتج خالد الزاير، المخرج محمد الشريف الطريبق والناقد السينمائي بوشتى فرقزايد، الذين تباينت أراؤهم وقراءاتهم، كل من موقعه، للخروج من الأزمة العميقة التي تعرفها السينما المغربية، بالرغم من التراكم الكمي الذي سجلته في السنوات الأخيرة، وبالرغم من جرعات الدم الشبابية الجديدة التي ضخت في جسدها على كل المستويات المهنية..، إلا أنها جرعات غير كافية وغير ناجعة لتفكيك أوصال الأزمة، التي تستوجب اتخاذ تدابير علاجية صارمة تشارك فيها الدوائر المسؤولة، المباشرة منها وغير المباشرة. على هذا المستوى استهل المنتج خالد الزاير قوله بأن تحديات السينما المغربية مرتبطة بما هو موجود، الذي ينبغي إعادة النظر فيه،، وذلك من خلال ثلاثة محاور، الأول يرتبط بالجانب القانوني المنظم للمهنة، الذي اعتبره أنه أصبح متجاوزا، ولم يعد يواكب التطور التكنولوجي، الذي يعرف القطاع على مستوى العالم. الثاني يتعلق بالجانب الجبائي، حيث ليس هناك تشجيع من طرف الدولة للقطاع الخاص بالاستثمار في هذا المجال، وليس هناك تحفيزات ومبادرات تجعل المغاربة يقبلون على دور السينما. والمحور الثالث والأخير يتعلق بعملية التكوين، التي اعتبرها مهمة وأساسية للسير قدما في هذا القطاع الحيوي، الذي يمثل الواجهة و الصورة الخارجية للمغرب. المخرج محمد الشريف الطريبق في كلمته قال من الواجب معرفة ماذا حققنا في هذا الإطار وما لم نحققه، لأنه» لم نعد في نفس الوضع، الذي كنا عليه منذ 20 سنة، مضيفا أن المشكل الحقيقي الذي تعرفه السينما المغربية حاليا، يكمن في عملية التوزيع، باعتبار أن الفيلم المغربي أضحى يفتقد « مكانه الطبيعي الذي يعيش فيه» وهو قاعة السينما، وأشار إلى أنه قبل إنجاز فيلم ما لا بد من معرفة من هو الموزع الذي سيقوم بالتوزيع سواء على الصعيد الوطني أو حتى الخارجي، مقترحا في ذات الكلمة إحداث مؤسسة وطنية تسعى لإيجاد موطئ قدم في السوق الخارجي كما هو معمول به دول أجنبية، مختتما أم حلقات التوزيع والإنتاج.. في السينما المغربية هي حلقات مهمة ينبغي إيلاؤها الكثير من الاهتمام من أجل الخروج من هذه الأزمة.. الموزع السينمائي المغربي نجيب بنكيران تساءل في مداخلته هل لدينا سينما مغربية؟ سؤال أجاب عنه بنفسه، قائلا: فعلا لدينا سينما، ولدينا أفلام، ولدينا إنتاج و توزيع بغض النظر عن الجودة والقيمة، لكن بالرغم من كل هذا، المشكل يكمن في التناقص المهول في عدد القاعات السينمائية، حيث المعايير الدولية تحدد توفر ألف قاعة سينمائية كي تكون هناك صناعية سينمائية للترويج، بينما نحن المغرب، العدد تناقص إلى حوالي عشرين قاعة، متسائلا أيضا ، هل المبادرات التي تقام الآن كافية للنهوض بالقطاع السينمائي.. الناقد السينمائي بوشتى فرقزايد أوضح أن الكم السينمائي بالمغرب لازال حتى كما ضعيفا، إذ لازال في حدود 320 فيلما ، وهذا العدد تنتجه السينما الفرنسية على سبيل المثال في سنة واحد فقط، وأرجع هذا الضعف إلى عدم تواجد بنيات مؤهلة لتحقيق صناعية سينمائية حقيقية، متسائلا ماذا ينبغي فعله اليوم، هل نزيد في الانتاج، هل نزيد في الدعم، الذي هو ضعيف أصلا، مقترحا في هذا الجانب وضع تسهيلات للقطاع الخاص ليستثمر في الميدان الحيوي ..