يعرف المشهد الكروي في المغرب منذ أزيد من عقدين من الزمن، تفشي ظاهرة زواج المدربين الأجانب الحاملين للجنسيات الأوربية والأمريكية بنساء مغربيات، على الرغم مما يقال حول هذا الزواج المختلط والتحفظات بشأنه بسبب المعتقدات والعادات والديانات، وتشترط محكمة الأسرة وتشريعاتها وثيقة اعتناق الإسلام كشرط أساسي في إكمال المراسيم القانونية لزواج مغربيات من أجانب، وقد اعتنق العشرات منهم الدين الإسلامي من أجل الارتباط بزوجة مغربية، في حين يرى الكثير من رافضي هذا النوع من الزواج، أن اعتناق الإسلام يكون في بعض الأحيان إجراء صوريا فقط وغير حقيقي وينتهي بمجرد عودة الأجانب إلى بلدانهم تاركين خلفهم زوجات معلقات، لاسيما حين يتعلق الأمر بمهنة مدرب تفرض تجهيز الحقيبة يوميا تحسبا لأي طارئ، بل إن استقرار الحياة الزوجية يصبح مرهونا بالنتائج التي يحققها الفريق، وليس بالود الذي يجمع الزوجين. «الأخبار» تعيد ترتيب حكايات مدربين أجانب سقطوا في حب مغربيات من فاريا إلى لوبيرا. مهدي فاريا ختامه نكد بصم المدرب البرازيلي، فاريا، بقوة في سجل كرة القدم المغربية، فمنذ أن وطأت قدماه المغرب سنة 1983، تحول الرجل إلى أسطورة من أساطير التدريب بعد أن تمكن من قيادة الكرة المغربية للظفر بأول لقب قاري في تاريخ أنديتها، حين مكن الجيش الملكي من الفوز بلقب كأس إفريقيا للفرق البطلة سنة 1985، كأول إنجاز قاري في تاريخ الفرق المغربية، وبعد سنة قاد المنتخب المغربي إلى عبور تاريخي نحو الدور الثاني من نهائيات كأس العالم بالمكسيك. تزوج المهدي بفتاة سوسية تدعى، السعدية، بعد أن اعتنق الإسلام ورزق منها ببنت وولد، لينا التي تدرس في إحدى المدارس العليا بالرباط، ويوسف الذي اختار النقل الدولي كتخصص. عاش الرجل في نهاية حياته ظروفا صعبة بعد أن توقف عن التدريب على مستوى النخبة، واكتفى بمنصب مؤطر بمدرسة التكوين التابعة لفريق الجيش الملكي، وهو المنصب الذي كان يسبب له ألما نفسيا، خاصة على المستوى المادي، لأنه كان يتقاضى 2000 درهم شهريا، رغم ما راكمه من تجربة غنية في ميادين الكرة. قبل أن يحط فاريا الرحال بالمغرب ارتبط بالمشهد الكروي في قطر، هناك كان مسؤولو النادي الذي أشرف على تدريبه يحدثونه عن الإسلام وتسامحه ومميزاته، لكن المدرب لم يتأثر بذلك الخطاب، «قام أحد الأمراء بإعطائي مبلغا ماليا مقابل اعتناق الإسلام، لكنني رفضت»، يقول جوزيه. أثناء استقراره بالمغرب، انتبه إلى أن الدين يتم إدراكه بشكل مختلف وتتجسد داخله مظاهر تسامح الإسلام بكافة المعاني، ودون مال أو ضغط، فاتخذت قرار أن أصبح مسلما. «لا أخفي أنه خلال تلك المرحلة التقيت مغربية أصبحت في ما بعد زوجتي وأم أبنائي، وهو ما عزز كثيرا هذا الاختيار»، يضيف المدرب الذي استبدل اسم جوزيه بالمهدي. تساءل كثير من رفاق درب المهدي عن سر عدم حصوله على الجنسية المغربية أسوة بالمدرب الفرنسي، هنري ميشيل، بعد إنجازاته رفقة «أسود الأطلس»، بقرار من الملك الحسن الثاني، لكن المهدي أكد بأن المانع وراء عدم حصوله على الجنسية المغربية، هو كونه موظفا متقاعدا لدى الشركة البرازيلية لاستغلال النفط ويتقاضى معاشا للتقاعد، ولكي يستمر الوضع كان ملزما بالاحتفاظ بجنسيته البرازيلية. اقترح الملك الراحل الحسن الثاني تجنيس المدرب البرازيلي، أثناء حفل استقبال في قصر فرساي في باريس، أثناء عودة فريق الجيش من غينيا، متوجا بكأس إفريقيا للأندية البطلة.. هناك وزع الملك قطع شوكولاتة على كل لاعب، وبعد أن هنأ الوفد على الإنجاز الأول من نوعه في تاريخ الكرة المغربية، قال لفاريا: «إنك مواطن فخري مغربي»، ودعاه إلى مكتبه ليسلمه مبلغا ماليا في ظرف، قال فاريا حينها إنه جاء بناء على ملتمس للملك باقتناء منزل في ريو دي جانيرو. حينما كان الحسن الثاني يستدعي فاريا للتشاور حول المنتخب في لقاءات غالبا ما تتم في مسالك الغولف الملكي في دار السلام بالرباط، كان السؤال الكلاسيكي للملك: «هل اندمجت في المجتمع المغربي بشكل نهائي؟»، في إشارة إلى اعتناقه الديانةَ الإسلامية وزواجه من مغربية. لم يقطع فاريا الصلة بالبرازيل، فله ابن هناك من زوجته الأولى ظل يتردد عليه، بعد أن ضاق به الحال والمآل، وأصبح زبونا دائما للأطباء، كما أنه كان يشعر بالغبن حين يستحضر درجة الجحود التي قوبل بها من طرف جامعة كرة القدم، أو من طرف إدارة الفريق العسكري، التي كانت ترصد له مبلغا هزيلا قدره 2000 درهم شهريا، وهو راتب مستفز يضمن به الاستمرار في الحياة. عاش الرجل في نهاية حياته منفصلا عن زوجته في شقة بمدينة القنيطرة، تؤدي إيجارها مؤسسة محمد السادس للأبطال الرياضيين، قبل أن تقرر الزوجة لم الشمل وإعادته إلى شقته في حي أكدال، هناك لقي ربه مكسور الوجدان بسبب الجحود الذي عاشه من طرف لاعبين صنع مجدهم، فأداروا ظهورهم له." يتبع "