يعتبر المهدي فاريا من المدربين الذين وقعوا على حضور متميز عبر تاريخ الكرة المغربية، في البداية مع فريق الجيش الملكي وبعدها مع المنتخب المغربي. نعود إلى قصة مثيرة بطلها برازيلي أصبح مغربيا قلبا وروحا. - يتم اعتبارك بمثابة أسطورة لكرة القدم في المغرب سواء مع الجيش الملكي أو مع المنتخب المغربي. بعد مرور 22 سنة عن إنجاز مكسيكو، أين أصبحت الآن؟ < مازلت في المغرب، البلد الذي سأكون مخلصا له دائما. تزوجت بمغربية واعتنقت الإسلام ولي بنت وولد، جئت إلى المغرب أول مرة سنة 1983 وبعد 25 سنة مازلت أعيش هنا. أتاحت لي مهنة التدريب زيارة العديد من الدول خاصة بالخليج، لكنني لم أتأقلم مع الأجواء هناك، لا أرتاح إلا عند تواجدي بالمغرب أو البرازيل طبعا.. أتقلد حاليا منصب مؤطر بمدرسة التكوين لفريق الجيش الملكي وهو منصب يسبب لي ألما نفسيا.. لطالما فضلت التعامل مع فرق الشباب بتكوينهم وتلقينهم التقنيات الأساسية للممارسة الكروية، لكن من الجانب المادي لا أتقاضى سوى 2000 درهم شهريا، رغم ما راكمته من تجربة غنية في ميادين الكرة، أعتبر هذا الأمر مجحفا. - مازلت تعمل مؤطرا في مدرسة الجيش الملكي، ألا تفكر في طي هذه الصفحة من حياتك؟ < أكن لهذا النادي حبا خاصا، لقد احتضنني عندما جئت أول مرة إلى المغرب وأمضيت فيه ثلاث سنوات وهي مواسم 83 و84 و85. خلال آخر موسم لي حقق الجيش الملكي إنجازا غير مسبوق بفوزه بلقب البطولة وكأس العرش وكأس إفريقيا للأندية البطلة، وهو أول ناد مغربي يحقق لقبا قاريا. بعد تدريبي للمنتخب المغربي، عدت إلى الجيش الملكي الذي أحبه كثيرا وأعتبره بيتي الثاني. - كيف تم التعاقد معك لتدريب فريق الجيش الملكي؟ < تمت الأمور بشكل طبيعي، أرسلت سنة 1983 بيان سيرتي الذاتية الذي تضمن إنجازاتي والنوادي التي دربتها وتزامن ذلك مع رغبة النادي في إيجاد مدرب جديد واشترط الراحل الحسن الثاني أن يكون المدرب برازيليا، كنا ثلاثة مدربين تنافسوا على المنصب واختارني الحسن الثاني شخصيا لتدريب النادي. - لماذا اختارك أنت بالذات؟ < وحده الملك الراحل يعرف الجواب. ربما أعجبه مساري التدريبي، خاصة وأنه قبل قدومي إلى المغرب أمضيت ثلاث سنوات في قطر، كانت لي إذن معرفة بطبيعة المجتمعات العربية مما سهل اندماجي في الدول التي تستقبلني وهذا أمر لم يتوفر لدى المدربين الآخرين. - تكن حبا كبيرا للمغرب ورغم ذلك لم يتم تجنيسك، من يرفض منحك الجنسية المغربية؟ < أسمع هذا السؤال كثيرا، عندما حصل هنري ميشال على الجنسية المغربية بعد إنجازاته رفقة أسود الأطلس، طرح علي العديد من الناس هذا السؤال: لماذا تم تجنيسه وأنت لا؟ والجواب بسيط جدا: إلى جانب أنني مدرب لكرة القدم، فأنا أيضا موظف متقاعد لدى الشركة البرازيلية لاستغلال النفط أي أنني أحصل على مرتب للتقاعد ولكي يستمر الوضع أنا ملزم بالاحتفاظ بجنسيتي البرازيلية وألا أغير وضعيتي أبدا. - لم تكن لك جنسية مغربية لكنك في المقابل اعتنقت الإسلام، كيف كانت ظروف هذا التحول؟ < عندما كنت في قطر وقبل مجيئي إلى المغرب كان مسؤولو النادي الذي كنت أدربه يحدثونني عن الإسلام وتسامحه ومميزاته لكنني لم أتأثر بذلك الخطاب، بل وقام أحد الأمراء بإعطائي مبلغا ماليا مقابل اعتناق الإسلام لكنني رفضت. أثناء استقراري بالمغرب، انتبهت إلى أن الدين يتم إدراكه بشكل مختلف وتتجسد داخله مظاهر تسامح الإسلام بكافة المعاني، ودون مال أو ضغط، فاتخذت قرار أن أصبح مسلما. لا أخفي أنه خلال تلك المرحلة التقيت مغربية أصبحت فيما بعد زوجتي وأم أبنائي وهو ما عزز كثيرا هذا الاختيار. - عندما تسلمت مهمة تدريب الجيش الملكي ما هو دفتر التحملات الذي وضعه لك الحسن الثاني؟ < عندما اختارني الراحل الحسن الثاني لتدريب نادي الجيش الملكي كانت مهمتي هي بناء فريق يكون نموذجا في التسيير التقني لكرة القدم. كنت بطبيعة الحال ملزما بحصد الألقاب إضافة إلى التنقيب عن مواهب كروية كبيرة يجهلها الجميع وإدماجها بعد ذلك داخل مدرسة التكوين الخاصة بالنادي، وساعد هذا النظام الذي نهجته الفريق ككل.. ترجمة سعاد رودي