إذا كان مفهوم السجن قد اقترن منذ القدم، بالقهر والإيلام والإيذاء والتعذيب وسلب الحرية، فإن هذا المنظور التقليدي قد تغير وتغيرت معه السياسة الجنائية ومفهوم العقاب، فشرعت عدة قوانين تخص تنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، تحمل في طيها عزيمة قوية وشفافة في مجال أنسنة السجون، وإضفاء روح العدل وإعادة تربية الجانحين سواء من شروط وظروف الاعتقال والإقامة أو فيما يخص المعاملة وضروريات الحياة من صحة ونظافة ومأكل. فبعد أن كانت السجون منغلقة على نفسها، وكانت ظروف وشروط التواصل مع العالم الخارجي تكاد تكون منعدمة، أصبحت المؤسسة السجنية اليوم عبارة عن مؤسسة للإصلاح والتربية وإعادة الإدماج، بناء على معايير بيداغوجية وأساليب تقنية وبرامج مركزة، ذات أهداف ومرامي محددة، تراعى فيها الجوانب الاجتماعية والإنسانية، وتحفظ فيها للنزيل كرامته وإنسانيته، مما يدل على الإرادة القوية والعزيمة الأكيدة في الأخذ بمشعل الإصلاح دون رجعة فيه. في هذا السياق و في إطار البرامج التأهيلية التي تنظمها مؤسسة السجن المحلي بوزان بمعية بعض المصالح الخارجية و فعاليات المجتمع المدني مند السنة الماضية ( المشاركة الأولى من نوعها للمؤسسات التعليمية بوزان)، و تماشيا مع السياسة الاصلاحية للمندوبية العامة لإدارة السجون واعادة الادماج، تم تنظيم أسبوع تربوي ثقافي تأهيلي في الفترة الممتدة من 06 دجنبر إلى 09 دجنبر 2016 ، تضمن مجموعة من الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية والترفيهية وذلك بشراكة مع المديرية الاقليمية للتربية الوطنية والتكوين المهني لوزان كثاني مشاركة و ستعرف تطورا على المدى المنظور والمديرية الاقليمية للشباب والرياضة وجمعية دار الضمانة للموسيقى والفن بوزان. فمشاركة المديرية الإقليمية لوزارة التربية والوطنية والتكوين المهني لوزان في نسختها الثانية جاءت من خلال انخراط الأطر التربوية والإدارية والتلاميذ بكل من ثانوية مولاي عبدالله الشريف التأهيلية و ثانوية القرطبي التأهيلية مشكورين بمجموعة من الأنشطة الثقافية و الفنية سهر على تأطيرها و تنفيذها ثلة من الأطر الإدارية و الأساتذة بالمؤسستين بينهم مدير ثانوية مولاي عبدالله الشريف التأهيلية . * فقد شارك السيد عبي الشيخي أستاذة مادة اللغة العربية بثانوية القرطبي بعرض ثقافي حول موضوع : "السجن والمقاومة" دعا من خلاله الحاضرين إلى اعتبار السجن فرصة لمقاومة كل النزعات السلبية من خلال اعتباره كخلوة للتأمل ومراجعة النفس بسلبياتها و إيجابياتها وزرع الثقة فيها وتغييرها نحو الأفضل. * مشاركة الأستاذ المصطفى التيامي أستاذ مادة الاجتماعيات سابقا ويشغل حاليا مهمة حارس عام القسم الخارجي بثانوية مولاي عبدالله الشريف الاهيلية، تمحور ت حول موضوع"التربية على المواطنة " و قد تطرق من خلال عرضه إلى مفهوم المواطنة وخصائصها وعناصرها و مرجعياتها وأهميتها وأثرها على الفرد والمجتمع . * السيدة سوسان شريفة أستاذة مادة اللغة العربية بثانوية مولاي عبدالله الشريف و في ثاني مشاركتها لها، أشرفت على تنظيم وتنشيط مسابقة ثقافية شارك في إقصائيتاها 24 نزيل تضمنت أسئلة في مختلف المجالات المعرفية و نالت إعجاب الحضور. * تلميذات وتلاميذ أم الثانويات بوزان، ثانوية مولاي عبدالله الشريف التأهيلية شاركن و شاركوا نزلاء السجن المدني بوزان ، من خلال تقديمهم/ان لعرض مسرحي حول البيئة نال إعجاب المشاركين و ذلك بغرض تنمية الوعي البيئي والصحي لدى الحضور ، من خلال تناولهم لموضوع الآثار السلبية للتصنيع والتكنولوجيا الحديثة على البيئة ودور الانسان في المحافظة عليها من الحد من ظاهرة التلوث وأهمية ذلك بالنسبة للأجيال الحالية و المقبلة. * المديرية الإقليمية للشباب والرياضة لوزان بدورها انخرطت في هذه المبادرة الإنسانية من خلال تنظيمها لصبحية رياضية في رياضة الايروبيك لفائدة نزيلات المؤسسة، أشرفت عليها إحدى مؤطرات المديرية الاقليمية للشباب والرياضة بوزان؛ كما أشرفت على تنظيم مقابلة نهائية في كرة القدم المصغرة بين نزلاء المؤسسة. * مساء الجمعة 09 دجنبر 2016 ، نظمت إدارة المؤسسةحفلا ختاميا للبرنامج التأهيلي بمشاركة فرقة موسيقية للفنان رشيد العدول رئيس جمعية دار الضمانة للموسيقى والفن وبحضور مجموعة من الفعاليات المحلية بالمدينة، كما تميز بإلقاء بعض النزلاء لإبداعات في مجال الشعر والزجل والغناء، وتم خلاله توزيع الجوائز على الفائزين في الانشطة الرياضة والثقافية التي نظمت خلال هذا الاسبوع، وكذا على بعض الفائزين في المسابقات الوطنية والجهوية في نفس المجال، كما تم توزيع الشواهد والدبلومات على النزلاء الناجحين في برامج التكوين المهني ومحو الامية. ويهدف هذا البرنامج التأهيلي، كما سبقت الإشارة إليه أعلاه إلى أنسنة ظروف الاعتقال وتنمية مدارك النزلاء ومؤهلاتهم وإبراز وتثمين قدراتهم وكفاءاتهم وتحقيق الامن الفكري والمعرفي والتنمية السلوكية داخل الفضاء السجني من أجل الوصول الى الهدف الأسمى ألا وهو التأهيل الايجابي والفعال في المجتمع بعد الافراج. تجدر الإشارة إلى أن كل الأنشطة عرفت حضور مكثف للنزلاء و مرت كلها في جو من الانضباط وحسن السلوك من طرف الجميع، كما تركت انطباع إيجابي لذى كل المشاركين و المشاركات من إدارة المؤسسة ، نزلاء المؤسسة ، وفعاليات المؤسسات الحكومية والمدنية المشاركة و تحديدا تلميذات وتلاميذ المؤسسات التعليمية المشاركة. كما أجمع المشاركون والمشاركات على ضرورة انخراط الجميع في مثل هذه التظاهرة التربوية الثقافية والترفيهية و على ضرورة تكثيفها خلال كل سنة و تطويرها و تأطيرها حتى نتمكن جميعا من تحقيق أهداف نبيلة من جهة و ناجحة تكون لها انعكاسات إيجابية على النزيل و المجتمع معا. أحمد ضريف