سيرا على الخط الذي رسمه مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية بتطوان التابع للرابطة المحمدية للعلماء في إحياء التراث العقدي الأشعري دراسة وتحقيقا، وبعد الثمرة الأولى للمركز المتمثلة في: "عقيدة أبي بكر المرادي الحضرمي" من تحقيق وتقديم الدكتور جمال علال البختي رئيس المركز، تأتي الثمرة الثانية : "ابن طلحة اليابري (ت 523ه) ومختصره في أصول الدين" لمحققه الباحث المقتدر الدكتور محمد الطبراني الصقلي الحسيني أستاذ التعليم العالي بكلية اللغة العربية بمراكش ، الذي سعى من خلاله إلى إحياء تراث أحد أعلام الدرس العقدي بالغرب الإسلامي. وقد ظهر الكتاب في حلة علمية متميزة، تكشف عن أهميته في الدرس الكلامي الأشعري - الذي كتب الله تعالى له أن يتجذر في البلاد -، وتسمح أمام المهتمين والباحثين في الفكر الأشعري في الغرب الإسلامي عامة والأندلسي خاصة بالتنقيب على إرث هؤلاء الأعلام. والكتاب من حيثُ كونُه تراثا عقَديّا أندلسيّا متقدّما ونادراً، يعبر عن نفسه، ويشي بأهميته، فمؤلفه رأس من رؤوس العلم بيابرة، جمع بين قوة البيان في اللسان، والبرهان في الاعتقاد، فلا عجب وهو واحد من أشهر تلاميذ الإمام أبي الوليد الباجي (ت.474ه)، وشيخ من شيوخ الزمخشري (ت.538ه)، مما يجعله على اختصاره أصلا في بابه، ومصدرا أصيلا للمتخصصين في علم أصول الدين. وقد قدم الأستاذ المحقق لهذا العمل بمقدمة عامة، واتجه في عمله إلى العناية بقسمين أساسين: القسم الأول: صنْعِ ترجمة للرجل وبلدته التي ظل التعريف بها شحيحا منزورا؛ لأنها لم تكن من حواضر الأندلس بالمعنى الصريح، ولأنَّ ترجمة اليابري أيضاً، لم تنل من كتب الصِّلات الأندلسية وذيولها غير سطور معدودات. القسم الثاني: تحقيقِ الكتاب، الذي اعتنى به عناية فائقة، وذلك بتيسيره للقراءة وتفقيره، وضبط بعض عباراته، وتخريج أحاديثه، وتذييله بفهارس علمية متنوعة. وقد كان الكتاب في الأصل مقسما على أربعة أبواب: 1 باب ما يلزم علمه ولا يسع أحدا جهله. 2 باب في النبوة والمعجزة وما ضارع ذلك. 3 باب يتضمن فصول الإجماع التي لا يصح خلافها. 4 باب ذكر عيوب اليهود والنصارى والمجوس. وختاما فإن هذا العمل هو ثمار جهود صادقة، ورغبة أكيدة في إنصاف علمائنا الأجلاء الذين خدموا هذه العقيدة منذ دخولها إلى الغرب الإسلامي، وهي رسالة إلى الباحثين للبحث في التراث الأشعري وإخراجه من بطون المكتبات العامة والخاصة. ذ. حفصة البقالي