في الوقت الذي لم تستفق فيه مدينة تطوان بعد من حالة الهلع والرعب الذي أصابها جراء تسجيل ليلة الثلاثاء الماضي أربع إصابات بداء التهاب السحايا "المينانجيت" دفعة واحدة في صفوف أربعة أشقاء يقطنون بحي نقاطة الشعبي، واحد منهم فارق الحياة على الفور جراء خطورة إصابته، خرج المندوب الإقليمي للصحة بتطوان، السيد البشير الجباري، بتصريح خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، تناقلته بعدها كالببغاوات بعض المواقع الإلكترونية الوطنية والمحلية، مكذبا فيه "ما جاءت به بعض المواقع المحلية حول احتمال تسجيل وفاة شخص مصاب بداء التهاب السحايا. وإصابة 3 أشخاص آخرين بنفس الداء.."، مضيفا في تصريحه أن "بعض الحالات التي تم تسجيلها بمستشفى سانية الرمل تخص أمراضا موسمية أخرى لا علاقة لها بمرض داء التهاب السحايا"، مشيرا في ذات الوقت إلى أن المندوبية "عبأت كل الإمكانيات البشرية واللوجيستية لمواجهة أي وضع طارئ قد يهدد سلامة السكان بالمنطقة سواء في الحواضر أو البوادي"، ورغم حضورنا على الحالات السالفة الذكر لحظة نقلها إلى المستشفى المذكور وتتبعنا لأطوار النازلة أولا بأول إلى غاية الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، حيث أكد لنا كل الطاقم الطبي وشبه الطبي وكذا الأعوان والمستخدمين المتواجدين لحظتئذ بالمستشفى أن الأمر يتعلق بحالات مينانجيت، نفس الأمر تأكد لنا أثناء اطلاعنا على صور الشرطة العلمية التي حضرت إلى عين المكان والتي تبين أعراض هذا الداء، في الوقت الذي كان كل الحضور من أطباء وممرضين ورجال الشرطة والحرس الخاص يضعون كمامات طبية على وجوههم مخافة انتقال العدوى إليهم.. الإصابات الأربع بهذا الداء وحالة الوفاة الناتجة عن هذا الأخير أكده لنا مسؤول بنفس المستشفى في اتصال هاتفي به، إلا أنه بعد صدور هذا التصريح المفاجئ لمندوب الصحة، ارتأت "تطوان نيوز" القيام بمزيد من التحريات الميدانية فيما يخص هذا الأمر، توخيا للمزيد من الحقائق، حيث قامت بزيارة إلى منزل العائلة المصابة المتواجد بحي نقاطة كما أسلفنا وبالضبط بمحاذاة تجزئة "تمودة" المقابلة لمحطة البنزين "إفريقيا" بمدخل مدينة تطوان، الشيء الذي مكننا من الوقوف على حقيقة إصابة أربعة أشقاء من هذه الأسرة بداء التهاب السحايا، وهم على التوالي: المرحوم عبد الرحيم أسدات ذو ال 16 ربيعا، ويونس أسدات ذو ال 17 ربيعا، وعماد أسدات ذو ال 18 ربيعا، ومحمد سعيد أسدات ذو ال 19 ربيعا، هؤلاء الثلاثة مازالوا إلى حدود الساعة يرقدون بقسم العناية المركزة في حالة حرجة، وقد صرح لنا والد المصابين أن "ابني المتوفى لوحظت عليه أعراض الإصابة يوم السبت المنصرم، لأقوم بعرضه على طبيب مختص يوم الإثنين والذي طلب مني نقله إلى المستشفى الإقليمي سانية الرمل، إلا أن الأطباء والمسؤولين هناك رفضوا استقبالي صارخين في وجهي: "إن ابنك غير مرغوب فيه هنا ونحن لا نستطيع تقديم أي علاج له"، الشيء الذي اضطريت معه للعودة به إلى المنزل وهو في حالة جد متدهورة، ليفارق الحياة مساء نفس اليوم، وفي الوقت نفسه وأمام الصدمة التي حلت بنا تفاجأت بأبنائي الثلاثة الآخرين يعانون من نفس الأعراض التي كان يعاني منها المرحوم والمتمثلة في الارتفاع المفرط لدرجة حرارة الجسم وخصوصا على مستوى الرأس والتقيؤ، مما دفعنا إلى الاستنجاد بالوقاية المدنية والشرطة الذين حضروا إلى المنزل على الفور ليتم نقلهم إلى مستشفى سانية الرمل، ونقل المرحوم عبر سيارة نقل الموتى لإخضاعه للتشريح الطبي، ومازلنا إلى حدود الساعة لم نتوصل بالنتائج..."، وبخصوص الحالة الصحية لباقي أفراد الأسرة وفق ما عايناه، ظهور أعراض نفس الداء على إحدى شقيقات المصابين البالغة من العمر حوالي 7 سنوات، إضافة إلى معاناة والدتهم من التهاب على مستوى القفص الصدري، في غياب تام لمصالح الصحة التي لم تكلف نفسها عناء تلقيح أفراد الأسرة رغم مطالبتهم إياهم بالأمر، الشيء الذي دفعنا إلى ربط الاتصال مباشرة بالمندوب الإقليمي للصحة الذي حاول في بداية الأمر نفي هذا الخبر، إلا أننا وبعد محاصرتنا إياه بالحقائق والإثباتات التي توصلنا إليها، أجابنا في ارتباك: "حين يتعلق الأمر بهكذا أمور أرجو منكم الاتصال بي لأفيدكم بالحقائق"، رافضا تأكيد الخبر أو نفيه، وبخصوص مسألة التلقيح، أكد لنا أنه سيقوم شخصيا رفقة رئيس قسم تدبير الأخطار بالمستشفى يوم غد بزيارة العائلة المذكورة وتلقيحهم ضد الداء.. ومن جهة أخرى، فقد شوهد صباح يومه الأربعاء طاقم تابع لوزارة الصحة في زيارة للحي حيث تقطن هذه الأسرة وهم يقومون بإلقاء أكياس صغيرة تحتوي على حبيات طبية في الأحواش المحيطة بمنزل تلك العائلة، حسب ما صرحوا لنا به بعض سكان الحي.. وانطلاقا مما سلف ذكره، يتضح بجلاء أن تصريح السيد مندوب الصحة ما هو إلا ذر للرماد في العيون ومحاولة منه الهروب إلى الأمام، "مخافة انتشار الرعب والبلبلة في أوساط الساكنة لا غير"، حسب تصريح أحد الأطباء بتطوان. محمد مرابط / آدم تطوان لتطوان نيوز