تبقى أولى التجارب أحلاها وأكثرها رسوخا في الذاكرة، خصوصاً في عالم الساحرة المستديرة، وهذا ما سيتأكد لو ضربنا موعداً مع أنصار المغرب التطواني بعد مضي 10 أو 20 أو 50 أو 100 سنة. لكننا عاجزون على السفر عبر الزمن واستباق الأحداث، لذلك سنركز في هذا المقال على الحاضر، وبالضبط على ليلة الإثنين 28 مايو/أيار 2012، ليلة حصول هذا الفريق المغربي على لقب البطولة للمرة الأولى في تاريخه. وقد أكد أبطال المغرب حينها إدراكهم التام لحجم الإنجاز وأهميته، خصوصاً حينما ارتدوا قبيل الحصول على الدرع التاريخي قمصانا تحمل عبارة "سييمبري آي أونا بريميرا فيز" (هناك دائما مرة أولى) بالإسبانية. لقد شهدت آخر مباريات الكتيبة التطوانية في مدينة الرباط تنقلاً تاريخياً لأنصار النادي، حيث حجّوا إليها من كل حدب وصوب، وفاقت أعدادهم داخل الملعب 30 ألف متفرج، وهو للإشارة رقم قياسي في تاريخ كرة القدم المغربية. وقد شاءت الأقدار أن يكون سيناريو حسم اللقب مليئاً بالتشويق والإثارة. حيث كان فريق المغرب التطواني متصدراً للترتيب قبل المباراة الأخيرة، وكان عليه مواجهة الفتح الرباطي، صاحب المركز الثاني بفارق نقطة واحدة، في ملعب العاصمة. لذلك لم تكن نتيجة تلك المباراة مرادفاً لثلاث نقاط عادية، بل كانت تعني إمكانية إحراز لقب البطولة بالنسبة للفريقين. من الليجا إلى البطولة : المغرب التطواني بعيون موقع الفيفا من الليجا إلى البطولة دخل الفتح مواجهة الحسم وله أفضلية الأرض والجمهور، بينما دخلها التطوانيون وهم منتشون بخمسة انتصارات متتالية، وجاء هدف الخلاص تلك الليلة من قدم مهاجم الفريق الضيف عبد الكريم بنهنية. وقد بدا التأثر واضحاً على مدرب المغرب التطواني عزيز العامري، الذي قاد كتيبته للفوز بلقب أول نسخة من الدوري المغربي الإحترافي والأول في تاريخ النادي، حيث قال: "أنا سعيد جداً. إنه انتصار مستحق. لا أجد الكلمات المناسبة للتعبير عما يدور في ذهني، إذ لا يتعلق الأمر بلقب وطني عادي، بل بلقب أول نسخة من الدوري المغربي للمحترفين." ثم أضاف: "إنه أول الألقاب في مسيرتي أيضاً. لطالما انتظرنا هذه اللحظة. وأهدي هذا الإنجاز للأنصار الذين ساندونا منذ بداية الموسم. لقد بذل الفريق جهوداً جبارة من أجل بلوغ هذا التتويج." وكانت مسيرة الفريق التطواني مثالية هذا الموسم. فقد كان صاحب أكبر عدد من الإنتصارات (17) وصاحب أقل عدد من الهزائم (3)، كما امتلك أفضل هجوم (41 هدفاً) وأفضل دفاع (13 هدفاً)، وقد كانت تلك أفضل طرق الاحتفال بعيد ميلاده التسعين. إذ تأسس فريق المغرب أتليتيك تطوان سنة 1922 بعد اندماج ثلاث أندية سنة 1918، وهي أندية طنجة-هيسبانو المغربي، وتطوان أف سي، وراديو، في فترة كان فيها الشمال المغربي تحت الحماية الإسبانية. وقد لعب بذلك الفريق تحت تسمية كلوب أتليتيك تطوان سنة 1933 في دوري الدرجة الأولى الإسباني. طريق اللقب لاقى الفريق بعد تتويجه بطلاً لدوري منطقة الجنوب (الدرجة الثانية) موسم 1951/1952 أندية ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيك بيلباو، وأحرز انتصارين كبيرين على فريقي راسينج سانتاندير وأتليتيكو مدريد. التحقت الكتيبة التطوانية بالدوري المغربي بعد استقلال المغرب سنة 1956، لكن الثقافة الإسبانية حاضرة بقوة في مدينة تطوان ووسط جماهير فريقها، حيث احتفل بالتتويج الأخير على إيقاعات نشيد "كامبيون، كامبيون، أولي، أولي، أولي" طوال الليل. كما يمتلك الفريق التطواني عقد شراكة مع نادي أتليتيكو مدريد، الذي يشاطره اللونين الأحمر والأبيض، وقام الفريق الإسباني أخيراً بافتتاح مدرسة كرة قدم في المدينة. هذا وسيحتفل الفريق التطواني بلقبه التاريخي خلال مباراة ودية ضد عملاق إسبانيا وبطلها الحالي ريال مدريد، الذي سيبدأ استعداداته للموسم القادم من المغرب، وسيليها بعد ذلك عرس كروي آخر بحضور أف سي برشلونة. وستكون مثل هذه المباريات خير وسيلة لإعداد الكتيبة المغربية للإستحقاقات القادمة، لا سيما دوري أبطال أفريقيا CAF، حيث ستكون التحضيرات لهذا العرس الكبير أمام أبطال إسبانيا 2012 وأبطال أوروبا 2011.