لا حديث في الشارع التطواني هذه الأيام إلاّ عن فريق المغرب التطواني والإنجازات المبهرة التي يحققها، مباراة بعد أخرى، في الدوري المغربي لكرة القدم برسم الموسم الحالي 2011/2012. فقد استطاع الفريق هذه السنة تحطيم كل أرقامه القياسية، فهو لأول مرة في تاريخه يتصدر البطولة الاحترافية على بعد دورة واحدة فقط من النهاية، وبات على بعد خطوات قليلة من تحقيق حلم الجماهير التطوانية التي تعشق فريقها حتى النخاع وهو الظفر بالبطولة. أتليتيك تطوان، البدايات: تعود ظهور لعبة كرة القدم بمدينة تطوان إلى بداية القرن العشرين، وبالضبط خلال السنوات الأولى من فترة الحماية الإسبانية بشمال المغرب، على يد الجنود الإسبان الذين كانوا يمارسون هذه اللعبة في أوقات فراغهم. وهكذا بدأت بالظهور أولى الفرق الرياضية في المنطقة سنة 1917 والمتكونة خصوصا من الجنود الإسبان، كإسبانو ماروكي وتطوان سبور وسبورتينغ ولاديبورتيبا إسبانيا لكن سرعان ما اختفت هذه الفرق بسبب انتقال هؤلاء الجنود إلى مناطق أخرى. وفي سنة 1918 سيتم تأسيس فريق اتليتيك كلوب ATHLETIC CLUB لكن هذه المحاولة لم تدم طويلا، إذ سرعان ما سيختفي هذا الفريق أيضا بعد شهور قليلة فقط من تأسيسه. وفي 12 مارس 1933 سيظهر الفريق مجددا تحت اسم أتليتيك كلوب تطوان. وحسب بعض المصادر الاسبانية فإن هذا الأخير تأسس على يد السيد فرناندو فويرطيس بيابسنسيو الذي كان ملازما في الجيش الإسباني ولاعبا سابقا في فريق اتليتيك مدريد. وهذا هو السبب الرئيسي في اختيار نفس ألوان قميص الفريق الثاني للعاصمة الإسبانية مدريد وهي أقمصة مخططة عموديا باللونين الأحمر والأبيض وسراويل قصيرة زرقاء وجوارب حمراء. في موسم 1944/1945 سيلتحق الفريق بالقسم الوطني الثالث بالبطولة الاسبانية ولكن طموحه لم يقف عند هذا الحد، بل وفي ظرف ثلاث سنوات فقط أي في موسم 1948/1949 سيحقق صعودا تاريخيا إلى الدرجة الثانية بعد احتلاله الصف الأول وسيلعب في ذلك الموسم مع فرق كبيرة كالباسيطي وقرطبة وإلتشي وغرناطة ومايوركا وهيركوليس إلى غير ذلك من الفرق التي لها باع طويل في البطولة الإسبانية. ويمكن اعتبار هذا التاريخ بمثابة انطلاقة الفترة الذهبية للفريق إبان فترة الحماية الإسبانية. وفي سنة 1951، سيكون الفريق على موعد مع التاريخ إثر تحقيق الصعود إلى قسم العمالقة، وسيجاور كبار اللعبة كالبارصا و ريال مدريد وأتليتيك مدريد وبالنسيا إلى غير ذلك من الأندية التي يقام لها ويقعد. موعد مع التاريخ: يعتبر صعود أتليتيك تطوان إلى الدرجة الأولى بالبطولة الإسبانية بمثابة ملحمة حقيقية وحدث غير مسبوق في تاريخ فريق متواضع تأسس قبل سنوات قليلة فقط. ومن بين أهم النتائج التي حصل عليها الفريق خلال ذلك الموسم، نذكر فوزه العريض على أتليتيك مدريد بأربعة أهداف لواحد، وفوزه على لاكورونيا بهدفين مقابل لا شيئ، وتعادله مع ريال مدريد بثلاثة أهداف والفوز الكاسح على السانطندير بخمسة أهداف لواحد. وبالمقابل حصد الفريق نتائج سلبية أخرى عجلت بعودته سريعا إلى الدرجة الثانية. ويمكن القول إن اللعب في قسم الكبار لم يكن سهلا بالنسبة للأتليتيك تطوان الذي اختتم الموسم متذيلا الترتيب بتسع عشرة نقطة، وبالتالي السقوط إلى القسم الثاني. ومن بين أبرز هدافيه في ذلك الموسم نذكر اللاعبين خوليان والحسن شيشا حيث سجل الأول عشرة أهداف و سجل الثاني أحد عشر هدفا. وجدير بالذكر أن موسم 1951/1952 عرف أيضا تألق الفريق التطواني بوصوله إلى ربع نهاية كأس إسبانيا قبل أن يطيح به العملاق الكاطالوني إف س برشلونة. الدوري المغربي: بعد حصول المملكة المغربية على استقلالها سنة 1956 سيلتحق الفريق التطواني بحظيرة الفرق الممارسة بالبطولة المغربية وسيضيف إلى اسمه أتليتيك تطوان كلمة المغرب ليصبح بذلك المغرب أتليتيك تطوان وهو الاسم الذي ظل يحمله إلى حد الساعة. ومنذ التحاقه بالبطولة المغربية وهو يمارس بالقسم الثاني ونادرا ما كان يحقق الصعود إلى قسم الصفوة، وذلك راجع إلى قلة الدعم المادي وإلى غياب الإستراتيجيات والخطط الكفيلة بإبقائه مع الفرق الكبيرة، لذلك عمر طويلا في القسم الثاني. إلا أنه في السنوات الأخيرة وبالضبط منذ صعوده إلى قسم الكبار في موسم 2004/2005 استطاع الفريق أن يثبت ذاته بين عمالقة اللعبة بالدوري المغربي ليصبح بذلك رقما صعبا وبات الجميع يحسب له ألف حساب خصوصا عندما يستقبل بقلعته الحصينة سانية الرمل. معلمة سانية الرمل أو لاييبكا La Hípica يعتبر معلب سانية الرمل أو لاييبكا كما يحلو أن يناديه التطوانيون من بين أقدم الملاعب بالمملكة على الإطلاق، إذ يرجع تشييده إلى سنة 1913 على يد المهندس الإسباني ماركيز باريلا. وقد عرف هذا الملعب التاريخي عدة إصلاحات على مر الزمان. وقد كان في فترة السبعينيات من القرن الماضي محط أنظار جميع المغاربة حيث كان يستقبل المباريات الرسمية للفريق الوطني المغربي بفعل تميزه عن الملاعب المغربية الأخرى. مساند...روعة: لا شك أن النجاح الباهر الذي حققه ممثل الحمامة البيضاء هذه السنة يعتبر مفخرة كبيرة للمدينة ولساكنتها، ولكن لا ينبغي أن ننسى الدور الكبير الذي يلعبه الجمهور التطواني الذي يعتبر بمثابة المساند رقم واحد لفريقه. فهذا الجمهور الرائع والمتميز، معروف بانضباطه وروحه الرياضية العالية، وبفضل جمعياته سييمبري بالوما ولوس ماطادوريس والروخيبلانكو التي تلعب دورا محوريا في تأطير وتنظيم الجماهير سواء داخل ملعب سانية الرمل أو في الملاعب الوطنية استطاع اكتساب احترام ومكانة بين الجماهير المغربية. لقد أصبح الجمهور التطواني مضربا للأمثال في حسن التشجيع وجمالية الشعارات وحسن استقبال الضيوف. كما أنه أصبح يخلق الحدث في المدرجات من خلال أهازيج حماسية وتيفوهات جميلة ومعبرة. دور الجماعة الحضرية والدعم غير المشروط: إن المكتب المسير للجماعة الحضرية لتطوان ومنذ توليه مسؤولية تسيير شؤون المدينة وهو يضع ضمن أولوياته الرفع من مستوى قطاع الرياضة بالمدينة، وذلك راجع لقناعاته للدور الكبير الذي تلعبه الرياضة في تهذيب وتطوير المجتمعات الإنسانية. ولعل الدعم الكبير الذي تقدمه الجماعة الحضرية لتطوان للفرق الرياضية المحلية سواء على مستوى تحديث و تأهيل البنيات التحتية للمنشآت الرياضية بالمدينة ،أو على مستوى الدعم المادي المباشر الذي تستفيد منه الفرق الرياضية المحلية لهو خير معبر عن الإهتمام الكبير التي توليه الجماعة لهذا القطاع الحيوي. ومن بين الفرق الرياضية الذي يحظى برعاية واهتمام خاصين نجد فريق المغرب التطواني، وذلك راجع لعدة اعتبارات. أولا لأنه فريق عريق ذو تاريخ كبير وذو قاعدة جماهيرية وشعبية واسعة، فهو بمثابة جزء لا يتجزأ من الهوية التطوانية، ثانيا باعتباره الممثل الأول للحمامة البيضاء في المناسبات الوطنية والدولية. ولكي تكون مدينة الحمامة البيضاء في المستوى الذي يليق بسمعتها، فقد انخرطت الجماعة الحضرية لتطوان في إنجار مجموعة من المشاريع تخص تدعيم البنية التحتية لملعب سانية الرمل خصوصا وأن ممثل المدينة المغرب التطواني مقبل على مناسبات ومواعيد دولية هامة بعد أن ضمن تأهله بصفة رسمية لمنافسات عصبة الأبطال الإفريقية. وهكذا قامت الجماعة بترميم منصة الملعب والتي خصصت لها اعتماد مالي هام قدر بمليار سنتيم والتي أسندت مهمة إنجازه لشركة هولندية متخصصة. كما خصصت الجماعة أيضا أزيد من مائتين وعشرة ملايين سنتيم وذلك بهدف تهيئة الحلبة وترميم المستودعات والمرافق الأساسية التابعة للملعب وكذا تهيئة مدخل ومحيط الملعب. هذا وقد تم أيضا تحويل مبلغ مائتين مليون سنتيم من أجل تكسية أرضية الملعب بعشب اصطناعي من النوع الممتاز. ومن جهة أخرى، فإن الجماعة الحضرية لتطوان تقوم حاليا بدراسة مشروع الزيادة في الطاقة الإستعابية للملعب عبر بناء مدرجات جديدة. خالد الشريف مصلحة الإعلام والتواصل