استبشرت ساكنة المدينة العتيقة بتطوان بعد الزيارة الملكية الأخيرة لأزقتها ودروبها وإشراف جلالته شخصيا على إعطاء انطلاقة أشغال تهيئتها وترميم أبنيتها ومعالمها بما يتماشى وتصنيفها كتراث عالمي للإنسانية بكلفة فاقت 315 مليون درهم، بعد عقود طويلة من التهميش والنسيان اللذان طالها من قبل المسؤولين المتعاقبين على تسيير شؤون المدينة، إلا أنهم تفاجئوا مع انطلاق أشغال إعادة الهيكلة مؤخرا بالعشوائية والارتجالية التي تسودها، والأخطر من ذلك اعتماد مبدأ المحسوبية والزبونية في عملية ترميم المنازل الآيلة للسقوط والتي يفوق عددها ألف منزل، منها أزيد من مائتين في حالة جد متدهورة. وكنموذج لهذا الاستهتار بأرواح وسلامة الساكنة من طرف السلطات المحلية والمنتخبة والمصالح ذات اختصاص التدخل إلى جانب المقاولين الذين رست عليهم صفقة إنجاز الأشغال، حالة المواطنة (أ.ب) الساكنة بحومة فران المسلس جامع الكبير درب بنحليمة بالمدينة العتيقة، والتي تملك منزلا بالعنوان المذكور وتكريه في إطار السكن المشترك للغرف لأربعة أسر، حيث صرحت لنا أن منزلها تعرض لانهيار جزء من السطح وظهور شقوق كبيرة على جدرانه، مما دفع السكان الذين تكري لهم لمطالبتها بالإصلاح، "وفعلا قمت فورا باستخراج رخصة الإصلاح وإجراء الدراسة المطلوبة هندسيا وتقدمت بالطلبات اللازمة وأشعرت السلطات والجهات المعنية بخطورة الأمر، ولما قمت بإحضار مقاول للشروع في هذه الإصلاحات تفاجأت بامتناع السكان المكترين للمنزل عن الإخلاء والرحيل إلى حين انتهاء الأشغال رغم علمهم بأنها آيلة للسقوط، والأدهى من هذا، أنهم هجموا على المقاول والعمال وطردوهم من الدار ومنعوهم من القيام بالإصلاحات اللازمة"، تقول السيدة (أ.ب). وقد قامت بتوجيه رسالتين في الموضوع إلى كل من قائد مقاطعة المدينة العتيقة ورئيس الجماعة الحضرية لتطوان، مطالبة إياهما بالتدخل العاجل لإفراغ هذه الأسر من المنزل الآيل للسقوط بالطرق القانونية لتتمكن من إصلاحه، لكن دون جدوى. ونظرا لخطورة الوضع بالمنزل المذكور وأمام قيام المصالح المختصة بالتدخل لإصلاح مثل هذه الدور في إطار مخطط إعادة هيكلة المدينة العتيقة، فقد أبت هذه الأخيرة القيام بواجبها تجاه هذه المواطنة رغم مطالبتها بذلك واستجدائها لهم عدة مرات، علما أن منزلها مدرج في قائمة الدور التي يشملها مخطط التهيئة لإصلاحه وترميمه، حسب ما أخبرها به المسؤولون القائمون على الأمور، الذين يقومون بإصلاح منازل لا يشملها المخطط، لا لشيء سوى أن ملكيتها تعود للموالين لبعض المنتخبين أو لمن يدفع "تحت الطاولة" !! هذه العشوائية والانتقائية في عملية الإصلاح وإعادة التهيئة أثارت استنكار واستهجان الساكنة المحلية التي عبرت عن شديد سخطها من الطريقة التي ينتهجها بعض المسؤولين في هذه العملية. محمد مرابط