في ظل غياب غالبية الوزراء عن حلبة الصراع الانتخابي يستعد 12 وزيراً من أصل 34 في الحكومة المغربية الحالية للتنازل عن البدلات الرسمية وعن المكاتب المكيفة في الحي الإداري في الرباط، للنزول لخوض غمار الحملة الانتخابية للتشريعيات المرتقبة في المملكة المغربية يوم 25 نوفمبر الثاني الجاري. وكل وزير سيترأس اللائحة المحلية على مستوى إحدى الدوائر في المدن أو مكاناً في لائحتي النساء والشباب التي ستمكن في المجموع 90 نائباً في مجلس النواب من النجاح في الانتخابات بطريقة أكثر سهولة وأقل تكلفة في الجهد في الدعاية الانتخابية. فعباس الفاسي، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب الاستقلال الذي يقود التحالف الحاكم، لن يعود مجدداً إلى مدينة العرائش، شمال البلاد، للوقوف أمام مايكفروفون منصة الخطابة الانتخابية، واختار أن يتفرغ لكتابة مذكراته التي وصفت الصحافة المغربية طبيعتها بالساخنة، والتي قد تكشف عن معطيات دقيقة غير مسبوقة تتعلق بالحزب وبالحكومة. إلا أن عباس الفاسي أشرف على توجيه بوصلة المطبخ الداخلي للحزب خلال عملية ترتيب اللوائح الانتخابية، سواء في الدوائر أو كوتا الشباب والنساء. وسيبقى إدريس لشكر، وزير العلاقات مع البرلمان، والقيادي البارز في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في الرباط، للتباري في دائرة توصف بأنها للموت انتخابياً، ويواجه فيها ماكينات انتخابية طاحنة. فهو الذي يعول عليه الحزب للعودة للمشهد العام من خلال الحصول على مرتبة متقدمة في ترتيب الأحزاب الفائزة بالتشريعيات، فالوزير لشكر لعب دور المفاوض في الكواليس باسم الدولة، خاصة مع حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض لتليين مواقفه من رزنامة القوانين الانتخابية الجديدة التي أعقبت إقرار الدستور الجديد، بالإضافة إلى قيامه بدور الوسيط ما بين الحكومة ومختلف الكتل البرلمانية للوصول لتوافق يمكن من تمرير مشاريع قوانين الحكومة حول الانتخابات. وإلى مدينة بولمان في منطقة الأطلس المتوسط في وسط المملكة، يستعد محمد العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية الليبرالي، ووزير الدولة، لصعود المناطق الجبيلة بين القبائل الأمازيغية، في حملة إعادة انتخابه عضواً في مجلس النواب "الغرفة الأولى في البرلمان". بينما يجاوره جغرافياً غير بعيد عنه، محمد أوزين، كاتب الدولة في الخارجية والقيادي الشاب في الحركة الشعبية، الذي اختار مدينة إيفران المشهورة بمنتجعاتها الشتوية للتزلج على الجليد، ليكون برلمانياً باسمها، بعد حصوله في الانتخابات المحلية على منصب عمدة المدينة. تنافس في غالبية المحافظات المغربية ولن يخوض الانتخابات التشريعية المقبلة كل من الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية المحسوب على ما تسمى بوزارات السيادة، التي تكون قريبة من المحيط الملكي، ولا ينتمي حملة حقائبها للأحزاب ولا يخوضون الانتخابات. وإلى جانبه سيكون بعيداً عن الانتخابات من التشكيلة الحكومية كل من محمد الناصري وزير العدل، وإدريس الضحاك الأمين العام للحكومة، وأحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وعبداللطيف لوديي، الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني، فيما سيشتغل كل من الطيب الشرقاوي وزير الداخلية، وسعد حصار كاتب الدولة في الداخلية على تدبير الانتخابات التي تشرف عليها تاريخياً في المملكة وزارة الداخلية. وإلى مدينة مكناس، وسط المغرب والشهيرة بلقب العاصمة الإسماعيلية، نسبة إلى السلطان مولاي إسماعيل، يرحل صلاح الدين مزوار، الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار ووزير الاقتصاد والمالية في الحكومة الحالية لخوض الصراع الانتخابي. وتشير التوقعات أن معركته ستكون حامية الوطيس، خاصة في مواجهة مرشحي حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض. وبالقرب من مكناس، سينزل للتنافس الانتخابي باسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في مدينة فاس، الملقبة بالعاصمة العلمية للمملكة، كل من محمد عامر وزير المغاربة المقيمين في الخارج، وأحمد رضا الشامي، وزير التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة. وفي مدينة الدارالبيضاء تتنافس ياسمينة بادو، وزيرة الصحة المغربية وعبدالكريم غلاب، وزير النقل والتجهيز برمز الميزان الخاص بحزب الاستقلال بترأسهما لائحتين انتخابيتين محليتين للحزب، فيما أمينة بنخضرا، وزيرة الطاقة والمعادن، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، فإنها لجأت إلى اللائحة الوطنية للنساء للحصول على مقعد في مجلس النواب بعيداً عن المتاعب التي تتطلب جهدا وقدرة خطابية قد لا تتوفر بشكل كبير لدى الوزيرة صاحبة اللغة الفرنسية الأنيقة، والتي لم يسبق لها المشاركة في الانتخابات ترشيحاً. ويعود زميلها في الحزب، رجل الأعمال الشهير في منطقة سوس جنوبي المغرب، ووزير الفلاحة والصيد البحري في الحكومة الحالية، عزيز أخنوش، إلى مسقط رأسه مدينة تارودانت للترشح على رأس لاحة حزبه الذي يستعمل الحمامة كرمز انتخابي. وبدوره سيجد الوزير أخنوش مرشحين أقوياء من حزب العدالة والتنمية في انتظاره للعراك الانتخابي، من قبيل القاضي السابق جعفر حسون، الذي أقاله المجلس الأعلى للقضاء من منصبه كمستشار في محكمة الاستئنتاف الإدارية في مراكش، عقب تسريبات للصحافة، فقضيته تحولت إلى ملف ساخن على الصفحات الأولى لليوميات المغربية. وستكون مدينة بركان شرقي المملكة، وجهة انتخابية لأنيس بيرو وزير الصناعة التقليدية في الحكومة الحالية باسم التجمع الوطني للأحرار الليبرالي، عقب عودته من ترأس الوفد الرسمي للحج. وتشير الأخبار القادمة من مدينة بركان أن منافسيه الأشداء ليسوا إلا عائلة محلية معروفة بممارستها مهنة القصابة، وهي تنتمي لحزب الاستقلال، وجرت العادة أن يكتسحوا دائرة مدينة بركان. هذا واختار محمد اليازغي، القيادي التاريخي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الانسحاب عن الترشح للانتخابات في خطوة وصفتها الصحافة المغربية بالتقاعد السياسي، ليفسح الواجهة السياسية لابنه علي اليازغي الكاتب الوطني لشبيبة الحزب، والذي أتى ثانيا في ترتيب لائحة الشباب على المستوى العام للمملكة ما سيمكنه وفق الترجيحات للحصول على مقعد سهل المنال في مجلس النواب المقبل. وفي اللائحة الوطنية للنساء، تتبارى نزهة الصقلي وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن في الصف الثاني بعد احتكام حزب التقدم والاشتراكية اليساري إلى صناديق الانتخاب للحسم في ترتيب لائحتي كوتا الشباب والنساء الخاصة به. ومن الوجوه الوزارية التي لها قوتها الانتخابية، توفيق احجيرة الذي جرت العادة أن يكون برلمانيا عن مدينة وجدة في أقصى شرق البلاد، إلا أن حزب الاستقلال اختار أن يضعه مستشارا رهن إشارة كل المرشحين باسم الحزب للاستفادة من خبرته في إدارة الحملات الانتخابية. وفي لائحة الغائبين من الحكومة عن الانتخابات، يبرز اسم نزار البركة القيادي في حزب الاستقلال الحاكم، وزوج بنت عباس الفاسي رئيس الحكومة، الذي تولى خلال الحكومة الحالية حقيبة الشؤون الاقتصادية والعامة، وسيغيب عن ساحات الخطابة للدعاية الانتخابية زميله في الحزب والحكومة سعد العلمي وزير تحديث القطاعات الحكومية. وفي نفس اللائحة يوجد اسم منصف بلخياط وزير الشباب والرياضة عن حزب التجمع الوطني للأحرار، وزميله في الحزب والحكومة ياسر الزناكي وزير السياحة الذي تتداول أخبار بخصوص حصوله على إدارة مؤسسة سياحية دولية. ويضناف لهم بنسالم حميش وزير الثقافة في الحكومة باسم الاتحاد لاشتراكي للقوات الشعبية اليساري، وزميله في الحزب والحكومة جمال أغماني وزير التشغيل الذي سبق أن مني بهزيمة في الانتخابات المحلية في العام 2009.