لا يختلف اثنان على كون مدينة الفنيدق، وبفضل سياسة اللامبلاة والإقصاء المعتمدة في تسيير شأنها العام، ونتيجة الاستراتجية التي يشتغل بها مسؤولوها، والتي ترتكز أساسا على إصلاح الذات بدل إصلاح الأوضاع، قد أضحت تمثل عاصمة لشتى ألوان العشوائية والفوضى في ظل غياب آليات ضبط النظام، ومشتلا للتخريب لا البناء، وأحد البؤر السوداء التي تنتج التطرف، ومرتعا للفاسدين والمفسدين ومافيا المال والأعمال بتواطئ من عدد من المسؤولين. إننا هنا أمام شبكة ذات خيوط عنكبوتية خطيرة، تربط بين لغة المال الذي يجنى خارج إطار الضبط والمراقبة، في الوقت الذي تعاني فيه شريحة كبرى من المواطنين من الفقر والعوز، ولعل هذا التناقض الصارخ أحد الأسباب التي تجعل المدينة أرضا خصبة لإنتاج التطرف . وخير دليل على ذلك احتلال مدينة الفنيدق لمراتب متقدمة في تصدير شباب المنطقة إلى بؤر التطرف والصراعات، بدل تصدير المواد الصناعية والحرف المهنية، وبالتالي فإنه بدل استغلال موقعها الجغرافي الحيوي لتطوير اقتصادها وجعلها نموذجا راقيا للمدن التجارية والسياحية، فإن واقع الحال يشير إلى أن ما تعرفه من ممارسات تصنف جلها خارج القانون ليبقى قانون المال هو الأسمى. ومع غياب أية بوادر واقعية لحل المشاكل التنموية والاجتماعية التي تعرفها المدينة بهدف إخراجها من دائرة الإقصاء والتهميش للقضاء على عوامل التطرف، أصبح من اللازم على السلطات المركزية التدخل للتقصي وفتح تحقيق حول الأسباب التي حولت الفنيدق من مدينة ساحلية وسياحية جميلة إلى مدينة للتطرف والفوضى والعشوائية وعدم احترام القانون، ومزبلة ينتعش منها كل ذي جاه أو نفوذ.