يعمل أطرها بصمت و دون لفت نظر... عطاء لا متناهي و عطف زائد من غير أن ينتظرأهله جزاء و لا شكورا. جعلوا من هموم الناس أولويات حياتهم مقابل همهم المنكب على إسعاد قلوب ضعيفة منكسرة، هدها الزمن و كسرها الفقر و الأحزان. "البر و الإحسان" التي يرأسها السيد رشيد الميموني" الفاعل و الجمعوي النشيط ورئيس جمعية المسرح الأدبي أيضا" واحدة من الجمعيات التي جعلت هدفها الأسمى هذا الذي أقصده والمتمثل في رسم البسمة على وجوه شاحبة ضعيفة يائسة، شحذها الفقرو هزمها و قصم ظهور أهلها الضعاف. يوجد مقرها بدار المرحوم بولعيش بيصة، تأسست سنة 1988. تتلخص أهم اهدافها في مساعدة المسنين و الأيتام و الأرامل و المعوزين العاجزين عن ضمان قوت يومهم لافتقارهم لأي دخل. تهتم بالدرجة الأولى بتقديم وجبات الأكل كل يوم لما يناهز عددهم حاليا الستمائة و خمسون شخصا، و كذلك بتقديم مساعدات مالية و ألبسة و أحذية و أغطية في الأعياد الدينية و الوطنية و غيرها من المناسبات، و أيضا بتقديم مساعدات طبية و إسعافية كلما سنحت الفرصة لذلك. كما عملت على إيجاد مأوى لمن تعذر له ذلك، و على تهييء فرص العمل للقادرين عليه بتنشيط الهوايات المتعلقة بالأعمال اليدوية التقليدية و تنميتها لدى هواتها بهدف الحفاظ على الموروث الثقافي لهذه المدينة.و كثمرة لهذه المجهوات تسلمت الجمعية سنة 2003 هبة ملكية من صاحب الجلالة جعلتها تسترجع نفسا جديدا مكنها من السير في نفس النهج للاستمرار في إسعاد هذه الشريحة و إخال الفرحة على قلوب اليائسين. سيرورة عمل ثلاثة عقود لا تختزل في هذه الكلمات المعدودة ولا تكفيها سطور مقال بل يلزمها الحديث الطويل او بالأحرى زيارة مقرها لمن لا يصدق هذا القول، لأنني بكل صراحة زرته اليوم بالصدفة و وجدت ما انا بصدد حكايته. مشهد جميل ذاك الذي تقاسمته مع هؤلاء وأنا ألاحظ انفراج أسارير وجوه المتوجهين إليها كي يحصلون على وجبتهم المعهودة، من أيادي طهاة محترفين متوفرين على كل شروط النظافة المطلوبة، بوزرات بيضاء و كأنهن ملائكة الرحمن، يوزعون ما تم طهيه على كل المتوجهين لباب هذه الجمعية. و كإضافة بسيطة فإن الساهرين على هذا العمل الجمعوي الجدير بالكتابة عنه و التذكير به لا يردون أي طارق لبابهم حتى و إن من المدمنين أو المتشردين، و من باب الفضول سألت عن وجبة يوم غد الجمعة فعلمت بأنها ستكون عبارة عن الكسكس المغربي بكل ما يصاحبه على غرار كل جمعة مضت. عمل كهذا يجب أن نقف له باحترام، و نخبر به المسؤولين العاجزين عن تشكيل الحكومة، ثم نقول لهم" حمدا لله أننا في مجتمع متماسك متآزر يحمل هم ضعافه أهله الذين لا يغمض لهم جفن كلما رأوا عاجزا او فقيرا او محتاجا متشردا....