نحن المستضعفون في الأرض المسحقون كنا ننتظر عيد الأضحى كل موسم على أحر مافي الجمر حتى نشبع نهمنا من اللحم ،و أين لنا من اللحم طول العام ونحن الذين كنا نعيش على ما يجود علينا البحر من رزقه حتى إذا قامت رياح الشرقي العاتية وهاجت أمواج البحر القوية أتت على النسل والضرع وفاضت على المدينة وأهلها وغمرت الشوارع والحقول من كل جانب ،وتفتح السماء أبوابها لا ينقطع هطول مائها شهور وشهور حتى تلجأ أمي إلى تجفيف خرق أطفالها على أعواد من قصب وضعت فوق مجمار باهت وقود فحمها وذلك لتقي صغارها قرالطقس البارد .ً وأين لنا من حفاظات اليوم .ًيذهب أبي إلى سوق الماشية بشهر قبل العيد حيث يصطحبنا معه في يوم مشهود له الناس، .نعم إنه موسم اللحم قد أتى،يا مرحبا يا مرحبا فيختار أجود ما في السوق لأننا عشرة نفركلها على أهبة للإنقضاض على الضحية. فيربطه إلى جدع شجرة توجد عندنا في الحديقة بحبل متين لن يستطيع الفكاك منه حتى ولو إجتمعت الإنس والجن لأنه غنيمة الموسم.وحدث في إحدى المرات أن إقتنى أبي كالعادة شهرا قبل العيد خروفا مليحا و ديكا روميا مرة واحدة حتى نشبع نهمنا من اللحم الذي إفتقدناه لمدة طويلة وصرنا كالحيوانات المفترسة تنتظر فريستها بأعين من المكر والخديعة فقام بربطهما إلى جانب بعضهما البعض فتكونت لديهما صداقة متينة وروابط جياشة إتجاه بعضهما البعض ، إذ ترى في بعض الأحايين الديك وهو قابع فوق رأس الخروف يرفرف بجناحيه بزهو وافتخاروفي مرات أخرى يمكن أن تجد الخروف رجليه ممدة فوق جذع الشجرة يلامس بأنفه وجه الديك في لوحة رومانسية قل نظيرها .فصرنا نشفق على حالتهما ونتمنى لو صار العيد في خبر كان .لقد تحركت في قلوب الحيوانات المفترسة عاطفة الحنان وصرنا نمني النفس بطاجين من الشانكيتي أفضل من قتل الصديقين الوفيان.لكن هيهات هيهات لقد حان الموعد المحتوم فقرر أبي أن يبدأ بالديك يوم عرفة وأمام أعين صديقه رغم توسلاتنا وإستعطافنا إياه فهاج الخروف وبدأ بدك الأرض دكا ويضرب بكل ما أوتي من قوة بقرنيه يحاول أن يفك قيده ليخلص صديقه من قبضة الجزار وما هي إلا هنيهات حتى خارت قوى الخروف مستسلما لقدر الجياع .فكان آخر عيد يلجأ فيه أبي لإقتناء كبش بشهر قبل موعده الرسمي حتى لا تتكرر المأساة مرة أخرى. طباعة المقال أو إرساله لصديق