كان لجمهور تطوان الجمعة 29 أبريل بالمركب الثقافي تطوان، وبحضور لجنة وزارة الثقافة الخاصة بالتوطين المسرحي هذه السنة، فرصة مشاهدة العرض الأول لمسرحية "الرحيق الأخير" لفرقة مسرح المدينة الصغيرة ضمن مشروع التوطين المسرحي الذي حاز على دعم وزارة الثقافة الموسم الحالي 2016. فبشراكة مع الجماعة الحضرية لشفشاون وبتعاون مع المديرية الجهوية للثقافة والمركز الثقافي تطوان قدمت الفرقة عرضها المسرحي "الرحيق الأخير"، وهو العرض الذي تفاعل معه الجمهور الحاضر بقوة. مسرحية "الرحيق الأخير" هي عن نص درامي للكاتب المسرحي أحمد السبياع، والذي راكم السنوات الأخيرة بيبلوغرافية مهمة من النصوص المسرحية واستطاع أن يفرض اسمه وسط المشهد المسرحي بالمغرب. وقام الفنان ياسين أحجام بإخراج العرض المسرحي وفق رؤية "تحررية" من قوالب المسرح المعتادة، إذ تحول العرض الى فرجة مفتوحة مع الجمهور وقريبة منه بدون حدود. كما تحولت الخشبة الى لحظات للصراع فيما يعود الجميع الى داخل القاعة مع الجمهور وينطلق منه. وقد خلق هذا الأسلوب تفاعلا خاصا عند جمهور تطوان مما جعله يتفاعل مع لحظات العرض المسرحي، فيما توقف في النهاية تحية لكل العاملين في العمل المسرحي. مسرحية "الرحيق الأخير" أعد سينوغرافيتها ياسين الزاوي فيما سهر على الملابس الفنان طارق ربح، وعرفت مشاركة الممثلين محمد بوغلاد، رباب الخشيبي، دلال البرنوصي، عبدالمجيد العمراني، مصطفى حوشين، يوسف الزياخ، منصف القباري، عقبة ريان، مخلص بودشار، محمد عسو، بادي الرياحي. العمل يرتبط بتاريخ المنطقة، بل ويستعيد "حادثة تاريخية" تتحول لمطية لتبلور الأحداث. هم أشخاص قريبون من "ضائقة" الجمهور في شمال المغرب بشكل عام، مما جعل الجمهور يتفاعل بحدة مع العرض المسرحي. وإذا كانت رؤية المخرج المسرحي ياسين أحجام قد استطاعت أن تبلور عرضا مسرحيا مفتوحا للفرجة، فقد وازى أداء الممثلين الإحدي عشر، هذا المجهود من خلال أداء جسدي وصوت أوبرالي لكل من الفنانتين رباب الخشيبي ودلال البرنوصي الى جانب التجانس على مستوى الأداء في الخشبة بين جيلين من الممثلين استطاعوا أن يقدموا للجمهور التطواني فرجة استثنائية. وتسعى فرقة مسرح المدينة الصغيرة، والتي كانت منشغلة بقضية الجمهور، الى استقطاب فئات واسعة من الجمهور الواسع من أجل مصالحته مع فرجاته القريبة من وجدانه وانشغالاته وهمومه. وضمن انشغال الفرقة الجمالي يسعى مسرح المدينة الصغيرة الى "التركيز من حيث بناء النصوص المسرحية ومن حيث الرؤيا الإخراجية وكل عناصر العرض المسرحي، على عنصر التنويع؛ التنويع في المواقف بين درامية رصينة وكوميدية ساخرة، وكذا خلق جاذبية وتكامل على مستوى السينوغرافيا والملابس. ويصبو برنامج التوطين لفرقة مسرح المدينة الصغيرة، في فلسفته العامة الى "إخراج المسرح المغربي من العزلة التي صار يعاني منها السنوات الأخيرة". ويتضمن برنامج التوطين لفرقة مسرح المدينة الصغيرة برنامجا متنوعا، يشمل إنتاج أعمال مسرحية، وتنظيم دورات وندوات الى جانب نشر كتب مسرحية. كما يتركز المشروع في قاعة واحدة، هي المركب الثقافي بتطوان، ضمن مدة تتسم بالامتداد، (ثلاث سنوات) موجه نحو فرقة واحدة. وهو ما يعني أن الفرقة، تتعامل مع نفس الجمهور، ولمدة ليست قصيرة، وهو ما سيسمح لها من أن تتعرف على جمهورها جيدا، وتنسج معه علاقات اتصال وتواصل دائمة.